مكتبة الأخوة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. (عدد 1) في العددين الأخيرين من الإصحاح السابق يقول: "اثبتوا فيه حتى إذا أظهر يكون لنا ثقة ولا نخجل منه في مجيئه". "إن علمتم أنه بار هو فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه". وهنا في ص3 يقول الرسول أننا صرنا أولاد الله أي مولودون منه. ويقول أيضاً "إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" فالكلام في الإصحاحين متصل. قوله "اثبتوا" – هذا أمر وقوله "من يصنع البر فهو مولود منه" – فهذا واجب على كل أولاد الله. كيف نثبت وكيف نصنع البر. كان الناموس يطلب أن نصنع البر لكن كيف ومن أين يأتي؟ هل يأتي البر من الطبيعة القديمة التي فينا؟ غير ممكن. ولأجل ذلك جاء المسيح لأنه لو كان بالناموس بر ما كان المسيح قد جاء لكن الناموس فشل في أن ينتج البر. والطبيعة التي فينا لا تنتج براً. الإنتاج الوحيد للطبيعة العتيقة هو الخطية. البر لا ينتج من هذا المصنع لأنه يحتاج إلى آلة أخرى تصنعه – إلى طبيعة جديدة. وهذه الطبيعة الجديدة لا تنتج غير البر ولا تنتج خطية أبداً لأنها من الله. فهذه الوصايا ليست ثقيلة "نثبت فيه" أي نلتصق به فقط كما يلتصق الغصن بالكرمة فيأتي بثمر. "الذي يثبت فيَّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير" (يو 15: 5) – الطبيعة الجديدة التي أخذناها هي من الله وقد صرنا بها شركاء الطبيعة الإلهية وكل ما نحتاج إليه هو أن نثبت فيه فيأتي الثمر وينتج البر تلقائياً. في ص2: 28 نقرأ "اثبتوا فيه"، وهنا في ص3: 6 "كل من يثبت فيه لا يخطئ"، في ص2: 28 نقرأ "إذا أظهر يكون لنا ثقة ولا نخجل منه في مجيئه"، وهنا في ص3: 2 "إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" لاحظوا أيها الأحباء أن المقصود من قول الرسول "اثبتوا فيه حتى إذا أظهر لا نخجل منه في مجيئه" ليس أننا عندما نثبت نحن لا نخجل في مجيئه بل المقصود أننا عندما نثبت لا نخجل الذين بشرونا في مجيئه إذ نكون كثمر تعبهم ثابتين وبذلك يأخذون أجرة كاملة. كما نقرأ في الرسالة الثانية ع8 "انظروا إلى أنفسكم لئلا نضيع ما عملناه (نحن الرسل) بل ننال أجراً تاماً". وكذلك في 1 تس 2:19 "لأن من هو رجاؤنا وفرحنا وأكليل افتخارنا. أم لستم أنتم أيضاً أمام ربنا يسوع المسيح في مجيئه (أي في ظهوره)". إذاً فالأمر الأول هو الثبات في الرب الذي ينتج الثمر والأمر الثاني هو صنع البر. يقول الرسول يوحنا في ص2: 29 "إن علمتم أنه بار هو (أي المسيح) فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه". من يدّعي أن عنده براً من ذاته فهو كاذب. قال الرب يسوع "لأنه ما من شجرة جيدة تثمر ثمراً ردياً ولا شجرة ردية تثمر ثمراً جيداً... فإنهم لا يجتنون من الشوك تيناً ولا يقطفون من العليق عنباً" (لو 6: 42، 44). ونلاحظ أن الرسول يشدد على هذه الحقيقة فيكررها إذ يقول "كل من يصنع البر مولود منه" (ص 2:29) هذا من الناحية الإيجابية. ويقول أيضاً "من يصنع الخطية (أي لا يصنع البر) فهو من إبليس (وليس من الله)" (ص 3:8) وهذا من الناحية السلبية ولا يفوتنا أن نلاحظ أيضاً كما سبق أن قلنا أن الرسول يوحنا يتكلم عن الله الآب وعن الله الابن بالتبادل لأن الابن هو الله فيقول في ص2: 28 "لا نخجل منه في مجيئه" (أي من الابن لأنه هو الذي سيأتي) ثم يقول في ع29 "إذا علمتم أنه بار هو (المسيح) فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه (أي من الله لأننا لسنا مولودين من المسيح بل من الله والمسيح هو الله)". ونلاحظ أن الرسول يذكر الحقيقة ثم يثبتها ليبين طبيعة الحياة المسيحية. وبينما هو يتكلم بهذا وإذا بنور باهر يظهر أمامه فيقول: انظروا. بمجرد أن ذكر عبارة "مولود منه" في آخر الإصحاح السابق هتف قائلاً في بداية هذا الإصحاح "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله" – هل نحن مولودون من الله؟ نعم. يا لها من نعمة ويا لها من محبة بلا حدود. لقد استلفتت محبة الله ونعمته نظر الرسول لذلك يوجه إليها الأنظار. في 2بط 1:9 نقرأ "الذي ليس عنده هذه هو أعمى قصير البصر..." وفي 1يو 2: 11 يقول الرسول "وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضي لأن الظلمة أعمت عينيه" أما مفتوح العينين فماذا ينظر؟ ينظر ما يشجعه وما يرفعه. لا يقول أنا ضعيف فكيف أصنع البر؟ لأن الله الآب أعطانا محبة وسلطاناً أن نصير أولاد الله وأعطانا طبيعة جديدة من طبيعته. انظروا أية محبة! تأملوا نوعها ومقدارها. كأن الرسول يقول للمؤمنين أني لا أقدر أن أصف لكم هذه المحبة لأنه لا يوجد لها مثيل، ولا أعرف لها قياساً. إنها محبة فائقة الإدراك والمعرفة – من هو الذي أعطانا. الآب. ماذا أعطانا؟ محبة سامية عظيمة تتناسب مع عظمته – محبة جعلتنا نحن البشر الذين كنا أبناء المعصية وأبناء الغضب نصبح أولاد الله! يا له نم تغيير ظيم وانتقال عجيب. الآب يحب الابن وقد أحبنا محبة عجيبة جعلتنا ندعى أولاد الله ونكون مشابهين صورة ابنه. يقول الرب يسوع في يو 17: 23 "أحببتهم كما أحببتني" هذا هو قياس محبة الآب لنا. "حتى ندعى أولاد الله" – نلاحظ قوله "ندعى" (مبني للمجهول). من الذي يدعونا أولاد الله: الله الآب كما نرى هنا. وأيضاً الله الابن كما نقرأ في عب 2:11، 12 "لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحي (ابن الله) أن يدعوهم أخوة قائلاً أخبر باسمك أخوتي وفي وسط الجماعة أسبحك". وهو الذي قال لمريم المجدلية بعد قيامته من الأموات "اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم أني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو 20: 17)، فنحن لا ندَّعي أننا أولاد الله[1]. هو الذي يدعونا، هو الذي أعطانا المقام وأعطانا هذه المحبة. فهذه المحبة لا تكفيها نظرة عابرة لكن تحتاج إلى وقفة تأمل عميق. "من أجل هذا لا يعرفنا العالم" – ليكن أن العالم لا يعرفنا بهذه الصفة فهذا لا يهم. المهم أن الله يعرفنا ويعترف بنا والمسيح له المجد يعترف بنا ولا يستحي أن يدعونا أخوة. أما عدم معرفة العالم فشرف لنا لأنه لم يعرفه يوم كان هنا. "كان في العالم وكوَّن العالم به ولم يعرفه العالم" (يو 1: 10) وليس فقط لم يعرفه لكن رفضه. يقول الرب له المجد "إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم" (يو 15: 18) فإذا كنا مكروهين من العالم فنحن نكون في نفس الطريق الذي سار فيه الرب قبلنا. "من أجل هذا" – أي من أجل أنك أولاد الله. "لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته" (يو 15: 19)، ولكان العالم يعترف بكم ولكم فيه مكان. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. (عدد 2) "الآن نحن أولاد الله" – ليس هذا مقاماً سنحصل عليه مستقبلاً لكن ونحن هنا مرفوضون ومجهولون من العالم لكننا الآن أولاد الله يقيناً. ما أعظم التعزية والفرح الذي يكون لنا في قلوبنا إذا جعلنا هذه الحقيقة أمامنا دائماً وتأملناها جيداً. "ولم يظهر بعد ماذا سنكون" – لم يظهر للناس لكن هل هذا يغير من حقيقة أننا أولاد الله؟ كلا. نحن أولاد الله الآن. وإن كان العالم لا يرى فينا خارجياً منظر أولاد الله. وكياننا الخارجي لا يبين ذلك. أولاد الملك يلبسون ملابس تليق بالملوك، وعندما نراهم نقول هؤلاء أولاد الملك. لكن بالنسبة لنا هذا غير ظاهر الآن لكن يقول الرسول بولس "سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (في 3: 21). فالجسد الذي لنا الآن جسد تواضع وقيمتنا كأولاد الله لا تظهر الآن بسبب هذا الجسد المتواضع الضعيف، فهو كما يقول العمال "بدلة الشغل". لكن قريباً جداً سنلبس الأجساد الممجدة. "ولكن نعلم" – هل لأنه لم يظهر بعد لا نعرف ماذا سنكون؟ كلا. نحن نعلم أننا أولاد الله فهذا مقام حاضر ويقيني. العالم لا يعلم لأنه لا يدرك إلا ما يراه بعينيه. لما يرانا ممجدين مشابهين صورة ابنه يقول صحيح هؤلاء أولاد الله. لا بد أن يعرف العالم هذه الحقيقة. متى؟ عندما يرانا مثله. لكن هذا المقام أخذناه فعلاً إذاً لما نصلي لا نقول اجعلنا مستحقين أن نقول بشكر يا أبانا لأن هذا يدل على أننا لم نأخذ بعد. "إذا لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب" (رو 8: 15). "نصرخ" أي نقول بصوت عال بثقة – نصرخ كلنا بملء الفم أننا أولاد الله. "الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله" (رو 8: 16). "إذا أظهر نكون مثله" – هل في قوله "إذا أظهر" شك في ظهوره؟ كلا. لكن إذا كان ظهوره مؤكداً – فظهورنا نحن أيضاً مؤكد. "إذا أظهر" يعني إذا كان هو سيظهر، وهذا أمر مؤكد، فنحن أيضاً سنظهر معه. إن ظهورنا يقيني كظهوره. نلاحظ أنه لا يقول هنا "متى أظهر" لكن في كو2: 3،4 يقول الرسول بولس "لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله... متى أظهر المسيح حياتنا فحينئذٍ تظهرون أنتم أيضاً معه في المجد" في 1يو 2 نرى أن ظهورنا مرتبط بظهوره. ولكن في كو3 نجسد توقيت الظهور وهو "متى أظهر... فحينئذٍ تظهرون أنتم أيضاً معه". لكن لماذا لا يقول في 1يو3 "متى أظهر"؟ - لأن توقيت صيرورتنا مثله في الاختطاف، أي أننا سنكون مثله قبل أن يظهر، لأن الظهور بعد الاختطاف بسبع سنين، ونحن سنكون مثله عند الاختطاف. لأنه لما يأتي ليخطفنا إليه سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده لا يمكن أن يخطفنا بأجسادنا هذه بل سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، لأنه لا يرث الفساد عدم الفساد، سيغيرنا ونكون مثله ونراه كما هو عند الاختطاف. لكن عند الظهور سنكون قد سبق أن رأيناه كما هو، ومكثنا معه سبع سنين في الجد، ونزلنا معه من المجد، وسنظهر معه ومثله أمام العالم. كما قال أحد المفسرين "ندخل للمجد مثله ونخرج لنظهر للعالم مثله". وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هَذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ. (عدد 3) يقول الرسول في ع2 أننا سنراه كما هو، ويقول في ع3 نطهر نفوسنا كما هو طاهر، سنراه كما هو ونكون مثله وذلك في مجيئه للاختطاف، وسنكون كما هو عند الظهور إذاً ينبغي أن نطهر نفوسنا كما هو طاهر. سنكون مثله مستقبلاً لكن من الآن نتغير أدبياً لنكون مثله "ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح" (2كو 3: 18). نطهر نفوسنا بقوة الروح القدس ومقياس الطهارة كما هو (المسيح) طاهر. يقول الرسول بولس للغلاطيين "يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غلا 4: 19) ينبغي أن تظهر فينا صورة المسيح ونحن هنا. سأكون مثله عندما يجيء، إذاً من الآن يجب أن لا يكون فارق بين صورتي الحالية وصورتي في المستقبل وذلك عندما أضع المسيح أمامي كالمثال الكامل لأتمثل به وفي النهاية سأتغير لأكون مثله. كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضاً. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي. (عدد 4) ترجمة هذا العدد لا تعطي المعنى المقصود في الأصل لأن العبارة الأصلية ليست "الخطية هي التعدي" بل "الخطية هي فعل الإرادة الذاتية" – الخطية هي فعل إرادتي الخاصة وليس إرادة الله. والخطية هي فعل إرادتي الخاصة وليس إرادة الله. والخطية هي أن لا أجعل إرادة الله تحكمني بل أشعر أني حر أعمل ما أريد. هكذا يقول الخاطئ لكن هل هو حر حقيقة؟ إن كان حراً فماذا يعمل؟ يعمل حرية الطبيعة الفاسدة التي فيه، وما هي حرية هذه الطبيعة؟ الخطية. فالخطية هي عمل الإرادة الذاتية أي عدم التقيد بإرادة الله ومطاليبه. الإنسان كمخلوق مسئول أمام الخالق، فهو ليس حراً وإن استعمل حريته وسار على هواه يقول له سليمان الحكيم: "افرح أيها الشاب في حداثتك... واسلك في طرق قلبك وبمرأى عينيك واعلم أنه على هذه الأمور كلها يأتي بك الله إلى الدينونة" (جا 11:9). قال المسيح له المجد لليهود "وتعرفون الحق والحق يحرركم. أجابوه نحن ذرية ابراهيم ولم نستعبد لأحد قط (مع أنهم كانوا مستعبدين للرومان وقبل ذلك لليونان) كيف تقول أنت أنكم تصيرون أحراراً...... الحق الحق أقول لكم أن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية... أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعلموا" (يو 8: 32-34، 44). فالإنسان إما عبد لإبليس وإما عبد لله. الذي يفعل الخطية هو من إبليس والذي يصنع البر هو من الله. هذان فريقان لا ثالث لهما: كان يوجد كتاب قديم وموجود إلى الآن عند بعض الطوائف مكتوب فيه: سؤال: من خلقك؟ الجواب: الله من فداك؟ الجواب: المسيح ما هي الخطية؟ الجواب: هي تعدي الناموس[2] وهذا خطأ. لمن أعطى الله الناموس؟ لليهود، والأمم لم يعطِ لهم الناموس لكنهم كانوا خطأة. يقول الرسول بولس في رو12-14 "بإنسان واحد (آدم) دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت... إذا أخطأ الجميع فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم لكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى (مع أنه لم يكن له ناموس)". إذاً الخطية ليست هي تعدي الناموس. لأن الناس عاشوا في الخطية قبل الناموس. لماذا جاء الناموس؟ لكي يظهر الخطية. والناموس أظهرها وكشفها. وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ. (عدد 5) الرب له المجد أظهر مرة وسيظهر ثانية كما هو مكتوب "أظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه"، هكذا المسيح أيضاً بعدما قدَّم مرة لكي يحمل خطايا كثيرين سيظهر ثانية بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه (عب 9:26، 28). في 1يو 3: 2 نقرأ "إذا أظهر نكون مثله" لكنه أظهر قبل ذلك في العالم: أولاً – لكي يحمل خطايانا "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة" (1بط 2:24). "فإن المسيح أيضاً تألم مرة واحدة من أجل الخطايا البار من أجل الأثمة" (1بط 3:18) لو لم يكن باراً وليس فيه خطية ما كان يصلح أن يرفع خطايانا. ثانياً – أظهر لكي يرفع خطايانا (1يو 3: 5) بعدما حمل خطايانا رفعها "هذا هو حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو 1: 29). رفعها بالنسبة لنا نحن المؤمنين وسيبطل الخطية نهائياً ويرفعها نهائياً من العالم في المستقبل. ثالثاً – أظهر لكي ينقص أعمال إبليس (1يو 3: 8) وقد أظهر لكي يمجد الله لأن إبليس أهان الله وخرَّب الخليقة وخرَّب كل شيء، وجاء ابن الله لكي ينقص أعمال إبليس، فإبليس نقص أعمال الله والمسيح جاء لكي ينقض البناء الرديء ويعتق الخليقة من عبودية الفساد. ويوجد غرض آخر جانبي لمجيء المسيح إلى العالم وموته لأجلنا وهو أن يكون مثالاً لنا فهو لم يحبنا بالكلام واللسان لكن وضع نفسه لأجلنا فنحن يجب أن نضع نفوسنا لأجل الأخوة (ص 3:16). كُلُّ مَنْ يَثْبُتُ فِيهِ لاَ يُخْطِئُ. كُلُّ مَنْ يُخْطِئُ لَمْ يُبْصِرْهُ وَلاَ عَرَفَهُ.(عدد 6) الحياة مستمدة منه ومن يثبت فيه لا يخطئ. طالما المؤمن ثابت في المسيح فحياة المسيح تفيض فيه. أول شيء لا يخطئ وليس ذلك فقط لكن يفعل البر تلقائياً بحياة المسيح التي فيه. "كل من يخطئ لم يبصره ولا عرفه" – الإنسان الذي مبدأ حياته الخطية لا يعرف المسيح إطلاقاً ولا أبصره. كل من يعيش في الخطية لا علاقة له بالمسيح[3]. أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. مَنْ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ بَارٌّ. مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. (عدد 7، 8) "أيها الأولاد لا يضلكم أحد" – نستطيع أن نعرف ونميز الذي حياة الله فيه بالبرهان العملي وهو أنه يفعل البر. توجد ثلاثة براهين على وجود الحياة الإلهية فينا: البرهان الأول – الطاعة أو صنع البر. "من يصنع البر مولود منه". البرهان الثاني – المحبة. "من يحب فقد ولد من الله"، "من لا يحب لم يعرف الله ولا أبصره". البرهان الثالث – من الروح الذي أعطانا (ع24). يبيِّن الرسول صفات الطبيعة الجديدة التي أخذها المؤمن. وهذه الصفات لا بد أن تظهر فيه. كل مخلوقات الله لها طبيعة تسير بموجبها. فالسمك له طبيعة – لا يعيش في الهواء بل يعيش في الماء. والطيور لها طبيعة – لا تعيش في الماء بل تعيش في الهواء – هذه طبيعتها، فالإنسان المولود من الله يفعل البر – هذه طبيعته وإن أخطأ يكون ذلك ضد طبيعته والله يتعامل معه ولا بد أن يرد نفسه. لكن طبيعته ومبدؤه الدائم هو أن يصنع البر ولا يفعل الخطية ولا يستطيع أن يخطئ بحسب الطبيعة الجديدة التي فيه. ليس فقط أنه يجب أن لا يخطئ لكنه يستطيع أن لا يخطئ – هذه طبيعة الله. ونحن شركاء الطبيعة الإلهية. هل طبيعة الله تخطئ؟ حاشا. كذلك لا يستطيع المؤمن أن يخطئ وإن أخطأ يكون هذا من الطبيعة الفاسدة التي فيه التي يجب أن تكون في حكم الموت. كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ. بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ. (عدد 9، 10) الطبيعة القديمة مبدؤها الخطية ولا تستطيع أن تفعل مشيئة الله. "الذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله" (رو 8: 8) والمؤمن فيه الطبيعة الجديدة التي من الله لذلك لا يستطيع أن يخطئ لأن زرعه يثبت فيه بل يفعل البر. هل معنى هذا أن المؤمن معصوم؟ لا. إذا سار حسب مبدأ الطبيعة الجديدة لا يخطئ. يقول الرسول يوحنا "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا" (ص2: 1). وهذا ممكن لأن إمكانيات عدم الخطأ موجودة لدى المؤمن. إذاً لماذا يخطئ؟ يخطئ إذا تغافل ولم يسهر فيظهر شيء من ثمار الطبيعة الفاسدة لأنها لم تقتلع. في الوضع الطبيعي للمؤمن الخطية مدانة وصدر عليها حكم الموت والمؤمن عند صورة الحكم لينفذ عليها حكم الموت. ولكن إذا نعس وسها لا نقول أنه يخطئ بل يزل. هل المؤمن عندما يزل يكون من إبليس؟ لا. لأننا سبق أن أوضحنا أن مبدأ حياته هو فعل البر. "إن انسيق أحد فأخذ في زلة..." (غلا 6: 1) "لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم" (ميخا 7: 8). من طبيعة الخروف أنه يكره الوحل وإذا زلت قدمه فيه يتضايق وينفض نفسه لأن القذارة ليست من طبيعته. لكن الخنزير يرتاح بالوجود في الطين لأن هذه طبيعته حتى إذا اغتسل فإنه يعود إلى مراغة الحمأة حسب طبيعته. "بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس" – يبين الرسول أن هناك فريقين محددين: فريق يفعل البر ولا يفعل الخطية ولا يستطيع أن يخطئ. وهذا الفريق مولود من الله وفيه الروح القدس الذي يعطيه القوة لكي يثمر الله. وفريق طبيعته الخطية لا يستطيع أن يفعل البر وهو غير خاضع لناموس الله لأنه أيضاً لا يستطيع وهذا الفريق من إبليس. ويوجد خط فاصل بين الفريقين. إما أن تكون مؤمناً وإما غير مؤمن. إما مبدؤك البر وإما مبدؤك الخطية. إما مبدؤك المحبة وإما مبدأ البغضة. ويوجد برهان ومحك به نستطيع أن نعرف من أي الفريقين أنت: توجد شجرة تصنع ثمراً جيداً ولا تستطيع أن تصنع ثمراً ردياً، ولا تستطيع أن تثمر ثمراً جيداً. من ثمارهم تعرفونهم الإنسان غير المؤمن خاطئ ولذلك يخطئ. لكن الناس تقول العكس: هذا يخطئ إذاً هو خاطئ. لكن الحقيقة هو خاطئ بطبيعته لذلك يخطئ ولا يمكن أن لا يخطئ مهما جاهد. قال الرب يسوع "ينبغي أن تولدوا من فوق" لماذا؟ لأن الجسد يظل جسداً كما هو لا تقدر أن تصلحه أو تحسنه. وهذا يختلف تماماً عن مبادئ العالم التي تقول أمامك المثل العليا واجتهد أن تتحسن تدريجياً وتتقدم. هذا مستحيل فإن المولود من الجسد جسد هو. تعمد الجسد يخرج من المعمودية جسداً كما هو "إن دققت الأحمق في هاون بين السعيد بمدق لا تبرح عنه حماقته" (أم 27:22). لأَنَّ هَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً - لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ. (عدد 11، 12) سبق أن قال الرسول يوحنا في ص 1:5 "هذا هو الخبر الذي سمعناه منه أن الله نور وليس فيه ظلمة البتة". وفي ص3: 11 يقول "لأن هذا هو الخبر الذي سمعتموه من البدء أن يحب بعضنا بعضاً". فالله نور والله محبة أيضاً – هذه هي طبيعته. قال المسيح لتلاميذه "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضاً لبعض" (يو 13: 34، 35). "هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم" (يو 15: 12). الذي من الله والذي فيه حياة الله يحب أخاه المولود من الله نظيره. "قايين من الشرير" – أي من إبليس ليست فيه حياة الله فلم يستطع أن يحب أخاه بل أبغضه إلى حد أنه قتله. ويكشف هنا عن السبب فيقول أن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة. لم يحتمل قايين النور المنبعث من حياة أخيه. "وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة" (يو 3: 19). "ليس كما كان قايين من الشرير وذبح أخاه" – كان أول ابن لإبليس مع أنه كان من الظاهر إنساناً متديناً تقدم إلى الله بقربان بتقدمة من ثمار الأرض واختار أجمل ثمار الأرض وكان فرحاً وهو يقدمها متباهياً مفتخراً بأنه قدَّم من تعبه وعمل يديه أشياء في ظاهرها جميلة لكنه تجاهل أن الله لعن هذه الأرض بدخول الخطية فيها. عندما أخطأ الإنسان قال الله أن الأرض تنبت لك شوكاً وحسكاً لكن من رحمته ونعمته جعل الأرض تنبت أثماراً نافعة أيضاً. قال المسيح له المجد للتلاميذ "تأملوا زنابق الحقل ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها". فقايين نظر إلى الأشياء الجميلة التي هي من نعمة الله وتغاضى عن الجانب الآخر "ملعونة الأرض بسببك شوكاً وحسكاً تنبت لك". تجاهل السقوط وتجاهل الطرد من محضر الله. والإنسان الطبيعي الجسدي يتجاهل السقوط ويتجاهل فساد طبيعة الإنسان ويتجاهل أيضاً حكم الله عليه بالموت – هذه هي ديانة قايين، ديانة الأعمال، وديانة المصريين. لم يكن قايين بلا دين. صحيح أنه كان رجل العالم لأنه اخترع مسرات العالم واخترع الموسيقى والمدنية وبنى مدينة وصار حاكماً. لكنه كان متديناً أيضاً. هكذا الكثيرون في هذه الأيام – من ناحية الدين متدينون ومن ناحية العالم حالمون. ويل لهم لأنهم سلكوا طريق قايين (يه 11). قدم قايين تقدمة لكنها لم تقبل. لماذا؟ لأن التقدمة لها مبدأ. ما هو مبدأها؟ الإيمان. يقول الرسول بولس "بالإيمان قدّم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين فبه شهد له أنه بار إذ شهد الله لقرابينه" (عب 11:4). بماذا الإيمان؟ الإيمان بأن الله قدوس وبأن الإنسان خاطئ وبأن الله فتح باب الرحمة لقبول بديل عن الإنسان الخاطئ يموت بدلاً عنه. من هو هذا البديل؟ نسل المرأة الرب يسوع المسيح. فالإنسان بسبب خطيته حكم عليه بالموت وحكم على الأرض باللعنة، لكن يوجد رجاء : نسل المرأة يسحق رأس الحية وقد تم هذا في الصليب. كان مبدأ قايين عند آدم وحواء عندما سقطا فخاطا أوراق التين ليكتسيا بها على أن يعالجا بذلك عريهما. لكن سرعان ما ذبل ورق التين وقال آدم: - "سمعت صوتك فخشيت لأني عريان فاختبأت". بعد ذلك جاء العلاج الإلهي الناجح. فهنا مبدآن: مبدأ قايين – مبدأ الأعمال وهذا لم ينفع. ومبدأ هابيل – مبدأ الإيمان على أساس الذبيحة، أي أن – نائباً أو بديلاً ذبح واكتسى الخاطئ بجلده وكأنه هو الذي نفذ فيه حكم الموت. يقول يهوذا في رسالته: "ويل لهم لأنهم سلكوا طريق قايين" (يه 11) فأصبح مبدأ وطريقاً موجوداً إلى اليوم. الفريقان موجودان إلى الآن. ويوجد ما يسمى اللهوت الحديث new theology والإنجيل الاجتماعي وعدم الحاجة إلى الصليب والدم والكفارة ومبدأ الأعمال الصالحة... إلخ. يقول مبدأ اللاهوت الحديث أن الله أب لكل البشر وكل البشر أخوة في الإنسانية. عندما يقول الرسول يوحنا هنا "من لا يحب أخاه" (ع10) فالمقصود أخوة مؤمنون في عائلة الله مولودون من الله لأنه يقول في ع7 "أيها الأولاد" ولكن المصريين مسخوا الحق وقالوا "تحب أخاك في الإنسانية" لكن مبدأ الله يبينه الرسول يوحنا بقوله: "أولاد – إبليس وقالوا الجميع أولاد الله كخالق لكل البشر وبين الله كآب لجميع المؤمنين. يقول هؤلاء المصريون أيضاً أن سفك الدم لا يتفق مع الذوق الرفيع ويقولون: أي ذنب جناه الحمل الذي يذبح؟ واحتقروا مبدأ الذبيحة والصليب. لكن المؤمن يعلم يقيناً أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة . وليس أي دم بل دم ذاك (المسيح) الذي دخل بدم نفسه إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً (عب 9:12). فأول ابن آدم وجد على الأرض كان قاتلاً. كانا أخوين، ولكن قام قايين على أخيه هابيل وذبحه. وبعدما ذبح أخاه هل بكى أو ندم؟ لا. مع أن الله عند السقوط أوجد الضمير في الإنسان. لكن قايين لم يندم. وعندما سأله الله عن أخيه أجاب بوقاحة: أحارس أنا لأخي؟ ألم يره الله عندما ذبح أخاه؟ لقد أمات قايين ضميره، وشرب الإثم كالماء. هذا هو قايين. حكم عليه بالطرد من محضر الله وبأن يكون تائهاً في الأرض. قال في نفسه إن كان الله قد طردني من أمامه فأنا أستطيع أن أعمل لنفسي جنة من هذه الأرض فالأرض لا زالت تنبت وأنا أيضاً أبني مدينة وأعمل صناعات – آلات نحاسية وىآلات موسيقية وهكذا كان أولاده أرادوا أن يعملوا كل ما يستغنون به من الله. اكتفوا بالأرض المضروبة باللعنة. واخترع كل واحد من أولاده جرياً وراء تمتعات الجسد مبدأ تعدد الزوجات وهو لامك الذي افتخر ببطشه وقسوته أمام امرأته. اخترع قايين ونسله المسرا تالعالمية التي تلهي الإنسان من صوت الضمير. وعن التفكر في حالتهم كخطاة وهالكين ومحتاجين إلى الله لخلاص نفوسهم. فكان قايين أول نموذج للإنسان الخاطئ الهالك الذي "يفتكر في الأرضيات" ولماذا ذبح قايين أخاه؟ نقرأ في تك 4: 4-8 "فنظر الرب إلى هابيل وقربانه ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جداً وسقط وجهه... وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله". كان بينهما خلاف ديني. هذا له دين وذاك له دين. دين قايين الأعمال، ودين هابيل الإيمان. هل هذا الخلاف الديني تسبب في القتل؟ نعم. لقد أثار الخلاف الديني الاضطهاد والبغضة والقتل في كل التاريخ. التعصب الديني جعل الناس يقتلون بعضهم بعضاً وهذا ما نقرأه في الجرائد في هذه الأيام عن المذابح التي تقع بين السيخ والهندوس في الهند. يوجد سبب آخر يذكر في هذه الرسالة وهو أن أعمال قايين كانت شريرة وأعمال أخيه بارة وهذا أثار حفيظته ضد أخيه. وهذا أيضاً كان السبب الذي من أجله قتلوا الرب يسوع المسيح فأسلموه حسداً لأنه كان النور الحقيقي، لكن أحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة. لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ. نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ. كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. (عدد 13-15) كون العالم يبغضنا نحن المؤمنين أمر طبيعي لا يدعو إلى العجب أو الدهشة. فقايين أبغض أخاه هابيل لأنه كان يخالفه في المبدأ فلم يحتمل وجوده فقتله. والعالم أبغض سيدنا الرب يسوع المسيح لأنه لم يستطع أن يحتمل نوره. وقال لنا الرب يسوع "إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لسـتم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم" (يو 15: 18، 19). "نحن نعلم أننا انتقلنا من الموت إلى الحياة" – ما الذي نقلنا من الموت إلى الحياة؟ نحن قد انتقلنا من الموت إلى الحياة بعمل الله فينا. فقد قال الرب يسوع "من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يو 5: 24). فنحن انتقلنا من الموت إلى الحياة بالإيمان ونلنا حياة أبدية. وثمر الحياة الأبدية أننا نحب الأخوة. ما هو الدليل إلى الحياة؟ الجواب: هو أننا نحب الأخوة. نقرأ في يو 5: 25 "تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات (بالذنوب والخطايا) صوت ابن الله والسامعون يحيون (حياة روحية فينتقلون من الموت إلى الحياة ويفعلون البر والصلاح)" ثم "تأتي ساعة (مستقبلاً) فيها يخرج الذين فعلوا الصالحات (أي المؤمنون) إلى قيامة الحياة" (يو 5: 28، 29). فالذي يؤمن قد انتقل من الموت إلى الحياة، ويحب أخاه ويفعل البر والصلاح هذه هي الخطوات الإلهية. يقول الرسول في ع14 "نحن نعلم"، ويقول في ع15 "وأنتم تعلمون" – العلم واليقين هو طابع المسيحية. تتكرر كلمة نعلم كثيراً في هذه الرسالة: 1-في ص 2:18 "من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة". 2-في ص 2:21 "لم أكتب إليكم لأنكم لستم تعلمون الحق بل لأنكم تعلمونه". 3-في ص 3:2 "ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله" 4-في ص 3:5 "وتعلمون أن ذاك أظهر لكن يرفع خطايانا وليس فيه خطية. 5-في ص 3:14 "نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الأخوة". 6-في ص 3:15 "وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه". 7-في ص 5:15 "وإن كنا نعلم أنه مهما طلبنا يسمع لنا نعلم أن لنا الطلبات التي طلبناها منه". 8-في ص 5:18 "نعلم أن كل من ولد من الله لا يخطئ". 9-في ص 5:19 "نعلم أننا نحن من الله وأن العالم كله قد وضع في الشرير". 10-في ص 5:20 "ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق..". هذه أشياء أكيدة علمناها وكل الحقائق المسيحية يقينية لا شك فيها. بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجاً، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ! وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ. لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. (عدد 16- 20) يقول الرسول في ع16 "بهذا قد عرفنا المحبة" وفي ع19 "بهذا نعرف أننا من الحق" – توجد براهين نمتحن بها الأشياء. وتتكرر عبارة "بهذا نعرف" كثيراً في هذه الرسالة: - 1-في ص 2:2 "وبهذا نعرف أننا قد عرفناه إن حفظنا وصاياه". 2-في ص 2:5 "وأما من حفظ كلمته فحقاً في هذا قد تكملت محبة الله. بهذا نعرف أننا فيه". 3-في ص 3:16 "بهذا قد عرفنا المحبة إن ذاك وضع نفسه لأجلنا". 4-في ص 3:19 "وبهذا نعرف أننا من الحق ونسكن قلوبنا قدامه". 5-في ص 2:24 "وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا". 6-في ص 4:2 "بهذا تعرفون روح الله. كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في المجد فهو من الله". 7-في ص 4:6 "نحن من الله فمن يعرف الله يسمع لنا (للرسل) ومن ليس من الله لا يسمع لنا. من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال". 8-في ص 4:13 "بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا أنه قد أعطانا من روحه". 9-في ص 5:2 "بهذا نعرف أننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله وحفظنا وصاياه". أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ. وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ. وَهَذِهِ هِيَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً كَمَا أَعْطَانَا وَصِيَّةً. وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَعْطَانَا. (عدد 21-24) يقول الرسول في ع7 "أيها الأولاد" أي الأولاد – الأعزاء المحبوبين. وفي ع13 "لا تتعجبوا يا أخوتي". وفي ع18 "يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان". وفي ع21 "أيها الأحباء" – هذه ألقاب جميلة يخلعها الرسول على المؤمنين. هذه هي دائرة أولاد الله وهذه هي دائرة محبة الله. إن لامتنا قلوبنا لأننا أغلقنا أحشاءنا عن أخوتنا أو لأننا أسأنا التصرف في أمر من الأمور فالله أعظم من قلوبنا ويعرف أشياء كثيرة تستحق اللوم. لكن إن لم يوجد لوم في قلوبنا ونحن نعمل الأشياء المرضية أمام الله ولا نغلق أحشاءنا عن المحتاجين ولا نحب بالكلام واللسان بل بالعمل والحق يكون لنا ثقة في الله ومهما سألنا عن الله نأخذ. أليس هذا عجيباً؟ يقول يعقوب في رسالته "تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون ردياً لكي تنفقوا في لذاتكم" (يع 4: 3). لكن هنا يقول الرسول يوحنا "مهما سألنا ننال" نعم. لأن الذي يعمل الأعمال المرضية أمامه لا يمكن أن يسأل أشياء تخالف مشيئة الله. في الأول نعطي من له احتياج ولا نغلق أحشاءنا من الفقير وعندما نطي نأخذ لأنه لا يكون مديوناً لأحد بشيء. "من يرحم الفقير يقرض الرب وعن معروفه يجازيه" (أم 19:17). فما دمنا قد أحببنا أخوتنا وبرهنا على محبتنا بالعمل والحق وطلبنا بضمير صالح ما لا يخالف مشيئته تكون لنا ثقة بأن ننال ما طلبناه منه. وفي ختام تأملنا في هذا الإصحاح نورد الملاحظات الآتية: – (1) في ص 2:7 نقرأ "أيها الأخوة لست أكتب إليكم وصية جديدة بل وصية قديمة كانت عندكم من البدء" هذه الوصية هي كلام الرب لتلاميذه عندما قال لهم: "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً" (يو 13: 34). في ص 3:23 نقرأ "وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح ونحب بعضنا بعضاً كما أعطانا وصية". (2) في الأعداد 22، 23، 24 تأتي كلمة وصية بالمفرد مرتين. وتأتي كلمة وصايا بشكل عام مرتين أيضاً. في ع22 "ومهما سألنا ننال منه لأننا نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه". في ع23 "وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه... ونحب بعضنا بعضاً كما أعطانا وصية". في ع24 "ومن يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه". (3) في ع24 نقرأ "من يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه وبهذا نعرف أنه يثبت فيا من الروح الذي أعطانا". الذي يحفظ وصاياه ويقوم بالمسئولية يثبت في الله والله فيه. لكن نعرف أن الله يثبت فينا من الروح القدس الذي أعطانا – هذا هو الجاني الإلهي وهو غير متوقف عن مسئوليتنا لأن ثبوت الروح القدس فينا دائم وغير متوقف على شيء فينا. توجد أرواح أخرى في العالم. من الذي أدخلها؟ الشيطان لأنه دائماً يزيف. إذا يلزم تمييز الأرواح – وهذا ما نجده في ص4. يقول الرسول بولس في 1 كو 12: 1-2 "وأما من جهة المواهب الروحية أيها الأخوة فلست أريد أن تجهلوا أنتم تعلمون أنكم كنتم أمماً منقادين إلى الأوثان إليكم كما كنتم تساقون. لذلك أعرفكم أن ليس أحد وهو يتكلم بروح الله يقول يسوع أناثيما (لأن الذي يقول يسوع أناثيما يكون متكلماً من الشيطان) وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس". عندما كانوا منقادين إلى الأوثان أليكم كان يعمل فيهم روح آخر وهو الذي يعمل في أبناء المعصية (أف 2: 2). وعلى ذلك يجب أن نمتحن الأرواح. (4) نحن الآن نلتقط من السنابل الساقطة من الحزم عند ربطها. في راعوث 2: 16 يقول بوعز للغلمان "وانسلوا لها من الشمائل ودعوها تلتقط ولا تنتهروها". قرأت تعليقاً جميلاً على هذه العبارة التي لها دلالة روحية نافعة: كان يمكن أن بوعز يقول للغلمان أعطوها بعض الحزم لكن كونهم ينسلون لها من الشمائل وهي تلتقط الساقط من ورائهم كأنهم لا يعطونها عمداً وهي تلتقط سراً. يقول المعلق: ونحن في حضرة الرب في الاجتماع ينسل لنا الرب من شمائل الخدمة بعض السنابل التي تناسب حالتي أنا بالذات. لكن أحياناً الشيطان يوسوس في أذني قائلاً هذا الكلام لا يخصك أنت إنه يخص الأخ فلان. والشيطان يفعل ذلك لكي يبطل مفعول الكلمة بالنسبة لي. لكن علينا مسئولية أن نطبق كلمة الرب التي نسمعها على أنفسنا ونمتحن ذواتنا ونصلح طرقنا. قال المسيح له المجد: "من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه. الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير" (يو 12: 48). عندما قال الرب للتلاميذ أن واحداً منكم يسلمني حزنوا جداً وابتدأوا كل واحد منهم يقول له هل أنا هو يا رب (مت 26:22). لنقل مع داود "اختبرني يا الله واعرف قلبي امتحني واعرف أفكاري وانظر إن كان فيَّ باطل واهدني طريقاً أبدياً" (مز 129:23، 24). [2] خصوصاً عند السبقيين
|