مكتبة الأخوة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
كما قلنا في السابق نعود فنقول إن الحوادث التاريخية المسجلة في سفر دانيال هي في ذات الوقت نبوات ترتبط بأزمنة الأمم والأيام الأخيرة. فالإصحاح يرينا شعب الله مسبياً مبعثراً. والرب ليس الإله المعبود في الأرض لأنه لم يجلس بعد على كرسي داود أبيه.. وكيف سيذل كبرياء الحاكم العالمي القادم كما أذل كبرياء نبوخذ نصر.. وكيف سيتعامل مع كبرياء الأمم خلال الضيقة العظيمة. بل إذا سرنا أكثر من ذلك لرأينا أن العالم خلال الضيقة العظيمة بقسميها. مبتدأ الأوجاع والضيقة في أوجها سيكون تحت حكم ملك مجنون سيقود العالم تحت حكمه إلى حالة جنون وفوضى إذ ينتشر القتل، والسحر، وعبادة الشياطين، والزنى، والقتل، والسرقة، وينحط الناس من مرتبة الإنسانية إلى درك الحيوانية. (رؤيا 9: 20) تماماً كما حدث مع نبوخذ نصر. بل سنجد أن الحاكم العالمي القادم سيكون مقيداً بقيد من حديد أي بقوة الدولة الرومانية، ونحاس أي بفلسفات الدولة اليونانية كما يرمز إلى هاتين الدولتين في معادن التمثال الذي رآه الملك نبوخذ نصر في حلمه، وأنه سينتهي بالإذلال التام. (رؤيا 19: 19- 20). ويجدر بنا أن نضع في أذهاننا الغرض الأصيل لما حدث للملك نبوخذ نصر. والغرض هو إعلان سيادة الله المطلقة وهيمنته الكاملة على كل من في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض كما نقرأ في الكلمات "لكي تعلم الأحياء أن العلي متسلط في مملكة الناس فيعطيها من يشاء وينصب عليها أدنى الناس" (دانيال 4: 17) وكما أقرأ الملك نبوخذ نصر بعد إذلاله الرهيب في كلماته "وعند انتهاء الأيام أنا نبوخذ نصر رفعت عيني إلى إله السماء فرجع إلى عقلي وباركت العلي وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد الذي سلطانه سلطان أبدي وملكوته إلى دور فدور. وحسبت جميع سكان الأرض ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل" (دانيال 4: 34- 35). والآن إلى هذا الإصحاح الثمين وهو في مضمونه تسجيل لكلمات الملك نبوخذ نصر. نقرأ في سفر أيوب الكلمات "لكن الله يتكلم مرة وباثنتين لا يلاحظ الإنسان. في حلم في رؤيا الليل عند سقوط سبات على الناس في النعاس على المضجع. حينئذ يكشف آذان الناس ويختم على تأديبهم. ليحول الإنسان عن عمله ويكتم الكبرياء عن الرجل. ليمنع نفسه عن الحفرة وحياته من الزوال بحربة الموت. أيضاً يؤدب بالوجع على مضجعه ومخاصمة عظامه دائمة. فتكره حياته خبزاً ونفسه الطعام الشهي. فيبلى لحمه عن العيان وتنبري عظامه فلا ترى. وتقرب نفسه إلى القبر وحيلته إلى المميتين. إن وجد عنده مرسل وسيط واحد من ألف ليعلن للإنسان استقامته. يترأف عليه ويقول أطلقه عن الهبوط إلى الحفرة قد وجدت فدية . يصير لحمه أغض من لحم الصبي ويعود إلى أيام شبابه. يصلي إلى الله فيرضى عنه ويعاين وجهه بهتاف فيرد على الإنسان بره. يغنى بين الناس فيقول قد أخطأت وعوجت المستقيم ولم أجاز عليه. فدى نفسه من العبور إلى الحفرة فترى حياتي النور. هوذا كل هذه يفعلها الله مرتين وثلاثة بالإنسان. ليرد نفسه من الحفرة ليستنير بنور الأحياء" (أيوب 33: 14- 30). ذكرت هذا النص بكامله من سفر أيوب، لأنه ينطبق تماماً على حياة الملك نبوخذ نصر، فقد كلمه الله مرتين، الأولى حين أراه الحلم النبوي العظيم، والثانية حين شاهد بعينيه الرابع شبيه ابن الآلهة يتمشى مع الرجال الثلاثة في وسط الأتون. لكن الملك نبوخذ نصر لم يخضع وكان لا بد أن يتعامل الله معه بأسلوب جديد .
|