في ظِلالِ الكلمة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
الصفحة 1 من 2 عندما حدثَت الهزيمةُ في عاي، نَقرَأُ أنَّ يشوعَ سقطَ على وجهِه مُتَضَرِّعاً بالصَّلاةِ أمامَ الله. فتَجاوَبَ اللهُ معَ صَلاةِ يَشُوع بسُؤالِه، "لماذا تبكِي أمامِي؟ لقد أخطَأَ إسرائيل!" عندما نرى براهِين عنِ الحقيقَةِ المَجيدة أنَّ اللهَ معَنا، هذا البُرهانُ يُعطينا الشَّجاعَة بأن نستَمِرَّ بالمُثابَرة، وبينما نفعَلُ هذا ينمُو إيمانُنا. ولكن عندما يتَّضِحُ أنَّ اللهَ لَيسَ مَعَنا، يتوجَّبُ علينا عندها أن نسقُطَ على وُجُوهِنا إلى أن نكتَشِفَ سببَ عدَمِ كَونِ المسيحِ معَنا. فلِماذا يتجاوَبُ اللهُ معَ صَلاةِ يَشُوع بهكذا سُؤال؟ في سِفرِ الخُرُوج، نقرَأُ أنَّ بَني إسرائيل وجدُوا أنفُسَهُم في موقِعٍ حَرِج، عندما كانت جُيوشُ مصر مُنْقَضَّةً عليهم من خَلفهم، وأمامَهُم البحرُ الأَحمر. عندَها سقطَ موسى على وجهِهِ أمامَ الرب للصلاة. فطرَحَ الربُّ على موسى السُّؤالَ نفسَهُ الذي كانَ سيطرَحُهُ على يَشُوع لاحِقاً عندما سقطَ هُوَ بِدَورِهِ على وجهِهِ للصلاةِ أمامَ الرَّبّ. لقد سألَ اللهُ مُوسى لماذا كانَ يُصَلِّي، في وقتٍ كانَ منَ الواضِحِ فيهِ تماماً أنَّهُ كانَ يتوجَّبُ عليهِ أن يُخاطِبَ شعبَ اللهِ ويطلُبَ منهُم أن يمضُوا قُدُمَاً بإتِّجاهِ البَحرِ! بما أن أريحا كانت المدينة الأولى التي إحتَلَّها الشَّعبُ في أرضِ كنعان، تَطَلَّبَ نامُوسُ تقديمِ العُشر أن تُقَدَّمَ كُلُّ الغنائم التي سيحصَلُ الشعبُ عليها من هذه المدينة للرب. وكانَ ينبَغي أن لا يَحتَفِظَ أيُّ جُندِيٍ بأيَّةِ غنيمَةٍ من هذه المدينة لِنفسِهِ. ويتَّضِحُ هُنا أنَّ واحِداً من جُنُودِ شَعبِ اللهِ أخذاً لِنفسِهِ شَيئاً من أريحا. فطلبَ الرَّبُّ من يشُوع أن يستَعرِضَ أسباطَ إسرائيلَ الإثنَي عَشَر. عندما أظهَرَ اللهُ لِيَشُوع السِّبطَ المُذنِبَ، أمرَهُ اللهُ بأن يستَعرِضَ عشائِر هذا السِّبط. وهكذا أظهَر الرَّبُّ ليَشُوع العشيرة المُذنِبَة. ومن ثَمَّ تمَّ إستِعراضُ كُلّ عائِلة في هذه العَشيرة، رَجُلاً بعدَ الآخر، إلى أن تمَّ إكتِشافُ رَجُلٍ يُدعَى "عَخَان" وعُلِمَ أنَّهُ هُوَ المُذنِبُ الذي خانَ وصِيَّةَ الرَّبّ. ولقد إعتَرَفَ عَخان بأنَّهُ أخذَ ذَهباً وفِضَّةً ورِداءً شِنعارِيَّاً، وطَمَرَها كُلَّها في أرضِ خيمَتِهِ. وبالإختِصار تمَّ أعدامُهُ. في هذه الأسفارِ التَّاريخيَّة، نتعلَّمُ بأن ننظُرَ دائماً إلى الأمثِلة والتَّحذِيرات (1كُورنثُوس 10: 11). تماماً كما أنَّ إيمان يشُوع هُوَ نَمُوذَجٌ لنا لنَقتَدِيَ بهِ، فإنَّ عِصيانَ عخان هُوَ تحذِيرٌ واضِحٌ لنا لنتفاداهُ ونتحاشاهُ. فعندما يَضَعُ اللهُ إصبَعَهُ على خَطِيَّةٍ في حياتِنا، علينا أن نُمِيتَ تلكَ الخَطيَّة، لكي تَعُودَ بَركاتُ اللهِ إلى حياتِنا (كُولُوسي 3: 5، 6؛ رُومية 8: 13). نرى هذا التَّأدِيب الرُّوحي مُصَوَّراً لنا في تَحذيرِ حياةِ عخان. تقعُ مدينَةُ كُولُوسي على بُعدِ مائة وستِّينَ كِيلُومتراً من أفسُس. ومن المُمكِنِ أنَّ كنيسةَ كُولُوسي كانت جُزءاً من مجمُوعَةِ الكنائِس الصغيرة الجديدة، المذكُورَة في سفرِ الرُّؤيا، والتي إنطَلَقَت من الكنيسةِ التي أسَّسَها بُولُس في أفسُس (رُؤيا 2 و3). عانَت كنيسةُ كُولُوسي من ثلاثَةِ مشاكِل على الأقَلّ. أوَّلاً، كانَ هُناكَ هُجُومٌ فَلسَفِيٌّ عقلانِي على إيمانِ الكُولوسيِّين. ثُمَّ كانَ هُناكَ نامُوسيَّة. فاليَهُودُ المَسياوِيُّونَ المُتعصِّبُونَ في كُولُوسي كانُوا يُحاوِلُونَ فَرضَ النواميس اليهوديَّة على تلاميذ المسيح الأُمناء في كُولُوسي. وأخيراً، كانَ هُناكَ أشخاصٌ في كنيسةِ كُولُوسي، كانُوا يتعاطُونَ بقضايا مَشكُوكٌ بأمرِها مثل الرُّؤى، عبادَة الملائِكة، وظواهِر تصوُّفِيَّة أُخرى. عندما ظَهَرَت هذه المشاكِل في كنيسةِ كُولُوسي، ذهبَ أبَفراس الذي كانَ راعِياً من كنيسةِ كُولُوسي، لِرُؤيَةِ بُولُس في رُوما ليطلُبَ نصيحتَهُ. وقد تكُونُ هذه الزِّيارَة قد عجَّلَت كتابَةَ هذه الرسالة إلى أهلِ كُولُوسي. إنَّ رسالَةَ أفسُس هي تُحفَةُ بُولُس حولَ موضُوع الكنيسة. أمَّا رسالَةُ كُولُسي فهي تُحفَةُ بُولُس حولَ موضُوع "المسيح والكنيسة." كانَ جزءٌ من الهُجُومِ الفَلسَفِيّ على إيمانِ الكُولوسيِّين يتعلَّقُ بشخصِ يسُوع المسيح. كانَ بعضُ الناسِ يُحاوِلُونَ أن يجعَلُوا المسيح على رُتبَةٍ أقَلّ ممَّا كانت تُؤكِّدُهُ العقيدَةُ المسيحيَّة: "إلهٌ حَقٌّ من إلهٍ حَقّ." لقد هاجَمت هذه الفلسَفَة لاهُوتَ المسيح، وكون يسُوع المسيح عمَّانُوئيل، "اللهُ معنا." لِهذا يُعتَبَرُ تفوُّقُ يسوع المسيح هُو موضُوعُ رسالةِ بُولُس إلى أهلِ كُولُوسي. في هذه الرسالة، يقولُ بُولُس، "إن كانَ لديكَ المسيح، فلديكَ كُلّ شَيء. وإن لم يكُن لديكَ المسيح، فليسَ لديكَ شَيء. إن كانَ المسيحُ يعني لكَ أيَّ شَيء، فسيكُونُ المسيحُ كُلَّ شَيءٍ بالنسبَةِ لكَ. لأنَّهُ، إن لم يكُنِ المسيحُ كُلَّ شَيءٍ لكَ، فلن يعنِيَ المسيحُ لكَ أيَّ شَيءٍ." في كنائِسنا اليوم، أعتَقِدُ أنَّهُ لدينا مشاكِلَ مُوازِيَة للمشاكِل التي وُجِدَت في كُولُوسي. لدينا أشخاصٌ يُحاوِلُونَ أن يضَعُوا قُيُوداً نامُوسيَّة على المُؤمنين، الأمرُ الذي يُناقِضُ تعليمَ خلاصِنا بالنعمَةِ، بالإيمانِ وليسَ بالأعمال. هُناكَ أيضاً أشخاصٌ في كنائِسِنا يعتَقِدُونَ أنَّ كُلَّ شَيءٍ رُوحِيّ هُوَ من الرُّوحِ القُدُس، ممَّا يجعَلُهُم مُعرَّضينَ بسُرعَةٍ للعَطبِ من الناحِيَة المظلِمة من عالَمِ الرُّوح. هُناكَ مُؤمنونَ إسمِيُّونَ يجعلُونَ من الإيمانِ بارِداً وشَكلِيَّاً كالجليد. وهُناكَ أشخاصٌ في كنائِسِنا اليوم، يُحاوِلُونَ أن يُحَوِّلوا المسيح إلى كائِنٍ هُيُولِي غير ملمُوس كالبُخار. يجعَلُونَ من يسُوع المسيح ومن تَعلِيمِهِ أمراً مُعَقَّداً، فلا يعُودُ بوُسعِكَ أن تفهَمَ عمَّا يتكلَّمُونَ. هذه هي أنواعُ المشاكِل التي عالَجَها بُولُس عندما كتبَ رسالتَهُ إلى أهلِ كوُلُوسي. في تعليمِ بُولُس التصحيحيّ في هذه الرِّسالَة إلى أهلِ كُولُوسي، علينا أن نَجِدَ تطبيقاتٍ يُمكِنُ إستخدامُها لمُواجَهَةِ نفس هذا النوع من المشاكِل في كنائِسِنا اليوم. في الإصحاحِ الأوَّل، يُعطينا بُولُس بعضَ أجمَلِ تصريحاتِ العهدِ الجديد عمَّن هُوَ المسيح. يقُولُ بُولُس أنَّ المسيحَ هُوَ: "...صُورَةُ الله غير المَنظُور بِكرُ كُلِّ خَليقَة. فإنَّهُ فيهِ خُلِقَ الكُلُّ ما في السَّماواتِ وما عَلى الأرض ما يُرى وما لا يُرى سواءٌ كانَ عُرُوشاً أم سِيادات أم رِياسات أم سَلاطين. الكُلُّ بهِ ولَهُ قد خُلِقَ. الذي هُوَ قبلَ كُلِّ شَيءٍ وفيهِ يقُومُ الكُلُّ. وهُوَ رأسُ الجسد الكنيسة. الذي هُوَ البَداءَة بِكرٌ من الأموات لِكَي يكُونَ هُوَ مُتَقَدِّماً في كُلِّ شَيءٍ." (كُولُوسِي1: 15- 18) هل تَرَونَ أنَّ بُولُس يُقدِّمُ المسيحَ بطريقَةٍ يرفُضُ فيها التهجُّمات الفَلسَفِيَّة على شَخصِ المسيح ولاهُوتِهِ؟ بالإضافَةِ إلى إخبارِنا عمَّن هُوَ المسيح، يُخبِرُنا بُولُس أيضاً عن عَمِلِ المسيح. "الذي أنقَذَنا من سُلطانِ الظُّلمة ونَقَلَنا إلى مَلكُوتِ إبنِ محبَّتِهِ. الذي لنا فيهِ الفِداء بِدَمِهِ غُفرانُ الخطايا." (1: 13- 14). أليسَ هذا تصريحٌ رائِعٌ عن إنجيلِ وعملِ يسُوع المسيح؟ في الإصحاحِ الأوَّل، يقولُ بُولُس أيضاً للكُولُوسيِّين كيفَ يفهَمُونَ ما عمِلَهُ المسيح، وذلكَ بِقَولِهِ ما معناهُ: "الشرطُ الوحيدُ هو أن تُؤمِنوا بالحقّ، ثابِتينَ فيه بدُونِ تزعزُع، مُقتَنِعينَ بالخبرِ السارِّ أنَّ المسيحَ ماتَ عنكُم، وغير مُنتَقِلينَ عن الثِّقَةِ بهِ ليُخلِّصَكُم." (1: 22 – 23) فهل تفهَمُ من هُوَ المسيحُ وماذا عَمِلَ لأجلِكَ؟ هل تستَوعِبُ ما عمِلَهُ المسيحُ لكَ؟ ثُمَّ، لاحِظُوا أنَّ بُولُس يُخبِرُنا كيفَ نعيشُ في المسيح. فهُوَ يقُول: "فكما قَبِلتُمُ المسيحَ يسُوع الرَّبّ أسلُكُوا فيهِ. مُتأصِّلينَ ومَبنِيِّينَ فيهِ ومُوطَّدِينَ في الإيمانِ كما عُلِّمتُم مُتَفاضِلينَ فيهِ بالشُّكر." (2: 6- 7). إنَّ هذا لَتَصريحٌ جميلٌ في عباراتٍ عمَليَّةٍ عن كيفَ نحيا في المسيح، وما هي نتائجُ العيشِ في المسيح. في الإصحاحِ الثاني، يُخبِرُنا بُولُس ماذا لدينا في المسيح، عندما يكتُبُ قائِلاً: "فإنَّهُ فيهِ يَحُلُّ كُلُّ ملء اللاهُوت جسديَّاً. وأنتُم مَملُوؤونَ فيهِ الذي هُوَ رأسُ كُلِّ رِياسَةٍ وسُلطانٍ. وبهِ أيضاً خُتِنتُم خِتاناً غَيرَ مَصنُوعٍ بِيَدٍ بِخَلعِ جِسمِ خَطايا البَشَريَّة بِخِتانِ المسيح. مَدفُونينَ معَهُ في المعمُوديَّة التي فيها أُقِمتُم أيضاً معَهُ بإيمانِ عَمَلِ الله الذي أقامَهُ من الأموات." (2: 9- 12) يُوجِّهُ بُولُس هذه الكلمات إلى النامُوسيِّين الذي كانُوا يُخبِرُونَ الكُولوسيِّينَ أنَّهُ عليهِم أن يُختَتَنُوا ليخلُصُوا. تُبَرهِنُ رِسالَةُ بُولُس إلى أهلِ كُولُوسي بَصيرتَهُ الرُّوحيَّة العميقة. أحدُ مفاتِيحِ حياة بُولُس الرُّوحِيَّة كانت الصَّلاة. فهُوَ يُرينا بالمِثال أهَمِّيَّةَ الصلاة، تماماً كما فعلَ يسُوع. أنظُرُوا إلى صلاةِ بُولُس للمُؤمنين في كنيسةِ كُولوسي، وقارِنُوها معَ صلواتِكُم الخاصَّة اليوم. ثُمَّ حاوِلُوا أن تتعلَّمُوا أن تُصَلُّوا كما صَلَّى بُولُس، مُؤمِنينَ أنَّ اللهَ يسمَعُ ويستَجيبُ الصلاة، وسوفَ يُساعِدُكُم هذا على فهمِ وإتِّباعِ طُرُقِهِ.
|