ثانياً، يخبرنا الله شيئاً عن تنوع كونه. فكل مجموعة فلكية فريدة لا مثيل لها. بينما يظهر للمراقب البشري العادي أن كل النجوم متشابهة على نحو ممل رتيب، إلا أن خالقها يؤكّد لنا أن "نَجْماً يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ" (1 كورنثوس 15: 41). إن كلَّ نجمٍ مجيدٌ لأنه "مصنوع باليد"، وبالتالي فهو نِتاجٌ فريدٌ من صُنْعِ الفكر الإلهي.
ولكنّ هناك مستويات مختلفة لهكذا مجد. وهذا يتضح من حقيقة أن الله، ليس فقط "يُحْصِي عَدَدَ الْكَوَاكِبِ"، بل أيضاً "يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ" (مزمور 147: 4؛ قارن مع أشعياء 40: 26). إن المفهوم الكتابي لإعطاء "اسم"، [وفي العبرية shem (שׁם)]، لشخص أو لشيء ذو مغزى كبير. فهو أبعد من أن يكون مجرد منح اسم بشكل اعتباطي وبالتالي بدون أهمية (كما في حالة "إعطاء اسم" لأولادنا)، بل يشتمل على فهم للصفات والسمات الخاصة بهذا الشيء المُسمّى. ولذلك فإن آدم كان مُشاركاً مهماً في هذه العملية الفكرية العظيمة ذات المغزى عندما "دَعَا بِأسْمَاءٍ" جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ (تكوين 2: 20)، وأخيراً "دَعَا اسْمَ امْرَاتِهِ «حَوَّاءَ»" (تكوين 3: 20). ومن هنا نجد أن بولس "أَحْنى رُكْبَتَيه لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ" (أفسس 3: 14، 15). إن حقيقة كون الله وحده هو الذي يستطيع أن يسمّي كل نجم باسمه هي طريقته ليقول أن التنوع والجودة في الكون النجمي هو صورة مادية منعكسة كافية ووافية تُظهر للبشر علمه الكلي ومعرفته غير المحدودة.
صورة البدر، وقد التقطت من مركبة أبولو 11 ، على بعد 10 آلاف ميل من الأرض. هذه الصورة المقربة تشبه الرسوم غير المتقنة التي رسمها غاليليو. (وكالة ناسا).
الفصل التالي - الكتاب المقدس وعلم الفلك
|