هناك تغاير آخر في نظرية الفجوة قد اكتسب شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة يمكن وصفه بنظرية الشواش/الخلق. هذا الرأي يفترض كوناً مشوشاً بالأصل كما يرد في رواية التكوين. ويُنظر إلى الآية تكوين 1: 1 على أنها "بداية نسبية أكثر منها بداية مطلقة": "عندها سيكون الإصحاح سرد لرواية خلق للكون كما يعرفه الإنسان، وليس بداية كل شيء". ومن هنا، يُطلَب إلينا أن نعتقد أن تكوين 1:
".... يسجل كيف أتى (الله) بالكون من الشواش.... فحول اللعنة إلى بركة، وانتقل مما كان شراً وظلماً إلى ما هو مقدس.... إن الجمل في الآية 2 هي ظرفية ظاهرية مرتبطة بالآية 3، تصف حالة العالم عندما بدأ الله يجدده. لقد كان شواشاً من البوار، والخلاء، والظلمة. هكذا أحوال ما كانت لتنشأ عن عمل الله الخَلْقي؛ بل بالحري، إنها تدل في الكتاب المقدس على الخطيئة وتتساوى مع الدينونة[196]".
من الواضح أن نظرية الخلق/الشواش قد عممها ونشرها أولاً ميريل أنغر[197] وطورها فيما بعد بروس والتكي.[198] هذان العالمان رفضا نظرية الفجوة التقليدية لنقص الثقافة التفسيرية فيها؛ ولكنهما تركانا أمام بعض المعضلات اللاهوتية غير المحلولة: (1) تكوين 1 خالية من أي تدوين للخلق الأصلي للعالم؛ (2) "الظلمة" المادية في تكوين 1: 2 والتي صنعها الرب (مز 104:20) وسماها (تك 1: 5) قد تحولت إلى شيء شرير؛ (3) مفهوم غريب يدعى "الشواش" دخل إلى رواية الخلق محتكماً إلى التوازي المزعوم في الميثولوجيا البابلية[199]؛ و(4) أن المتطلبات الملحة في خروج 20: 11 (على ضوء كولوسي 1: 16) لخلق كل الأشياء خلال أسبوع الخلق السداسي الأيام قد تُجوهِلَت.
كان ميريل أنغر وبروس والتكي وآلين روس بالتأكيد يسلمون بخلق أصلي للكون من العدم. ولكن إزالتهم لكل هذا الحادث الكوني البالغ الأهمية من تكوين 1، وإدخال مفهوم الـ "خلق/شواش" (وخاصة غير المعروف في التقليد العبري-المسيحي) يخلق مشاكل جدية تتعلق بزمان وكيفية حدوث الخلق الأصلي. يمكن للمرء فقط أن يرجو أن علماء العهد القديم هؤلاء سيصادقون بشدة على استنتاج كارل هنري:
".... الآية تك 1: 1 تعزو كل شيء إلى عمل إيلوهيم الخلاق.... والإيمان اليهودي-المسيحي.... يؤكد الخلق الإلهي من لاشيء.... وهذا التأكيد يحكم أي مبدأ ميتافيزيقي أو كينونة لجوهر متساوٍ مع الله- سواء كان شواش، ظلمة، مادة أو أي شيء آخر".
[196]- آلين روس، "التكوين"، في"التفسير الكتابي المعرفي: العهد القديم" لجون فالفورد وروي زك،(ويتن: منشورات فيكتور، 1985)، ص 28. من أجل دليل نحوي على أن التكوين 1: 1 (وليس 1: 3) تسجل أول عمل خَلْقي لله، وهو شبه جملة رئيسية (وليس ثانوية)، انظر جون دافيس، "من الفردوس إلى السجن" (غراند رابيدز: منشورات باكر، 1975)، ص 39- 40.
[197]- ميريل أنغر، "إعادة التفكير في رواية الخلق في التكوين"، (كانون الثاني 1958)، ص 27- 37.
[198]- بروس والتكي، "رواية الخلق في التكوين" (كانون الثاني- أوكتوبر، 1975).
[199]- المرجع السابق، ص 329.
الفصل التالي - خلق الأرض
|