في ظِلالِ الكلمة أَسْبَق بَنْد - تابِع بَنْد - عَوْن
|
في الإصحاحِ الثانِي، يُتابِعُ يُوحنَّا بإخبارِنا كيفَ بإمكانِنا أن نعرِفَ أنَّنا نُؤمِنُ وأنَّ لنا حياةً أبديَّةً. ويُخبِرُنا أنَّهُ بإمكانِنا أن نعرِفَ أنَّنا نُؤمِنُ عندما نُحِبُّ أخانا. "الذي يُحِبُّ أخاهُ،" يقُولُ يُوحنَّا، "هُوَ الذي يعرِفُ المسيح. هكذا شخصٌ هُوَ المُؤمِنُ الحقيقيُّ. ولكنَّ الذي لا يُحِبُّ أخاهُ لا يزالُ في الظُّلمة." ثُمَّ يُخبِرُنا أنَّنا نستطيعُ أن نعرِفَ أنَّ لدينا إيمانٌ حقيقيٌّ وحياةٌ أبديَّةٌ عندما نُحِبُّ الآبَ أكثرَ ممَّا نُحِبُّ العالَمَ. نظامُ العالم هُو الذي يعنيهِ يُوحنَّا هُنا. فالعالَمُ لديهِ نظامُ إيمانٍ يتطلَّبُ مجمُوعَةً من القِيَمِ العالَميَّة، وأسلُوبَ حياة، وطريقَةَ تفكير. يُخبِرُنا يُوحنَّا هُنا أنَّنا إذا أحببنا العالَم وعشنا من أجلِه، عندها لا تكُونُ لدينا محبَّةٌ للهِ. إذ يُتابِعُ يُوحنَّا، يُعطينا طُرُقاً أُخرى لتأكيدِ يقينِنا. بِهذا نعرِفُ أنَّنا نعلَمُ،" يقُولُ لنا يُوحنَّا في الإصحاحِ الثاني، "لأنَّ الرُّوحَ القُدُسَ يحفَظُنا أنقِياءَ عقائِديَّاً." بمعنىً ما، الذي يقُولُهُ يوحنَّا هُنا هُوَ "أنتُم تعلَمُونَ أنَّكُم تعلَمُونَ، لأنَّكُم تعلَمُون." يُخبِرُنا يُوحنَّا في العددِ 20 من 1يُوحنَّا 2: "وأمَّا أنتُم فلَكُم مَسحَةٌ من القُدُّوس وتَعَلَمُونَ كُلَّ شَيءٍ." ثُمَّ في العدد 27 يقُولُ ما فحواهُ، "والمسحَةُ التي فيكُم، التي أخذتُمُوها، هي علَّمَتْكُم." لِكَي نُفَسِّرَ ونُلخِّصَ، يقُولُ يُوحنَّا، "هذه المسحة تستطيعُ أن تُعَلِّمَكُم. وعندما تُعلِّمُكُم هذه المسحَةُ التي فيكُم أُمُوراً رُوحيَّةً، تحصَلُونَ على تأكيدٍ آخر لإيمانِكُم وحياتِكُم الأبديَّة. ليسَ بإمكانِكُم أن تعرِفُوا الأُمور التي تُعلِّمُكُم إيَّاها المسحة، إن لم يكُن لديكم الحياة الأبديَّة فيكُم. إن كانَ الرُّوحُ القُدُسُ يحيا فيكُم ويُعلِّمُكُم، تكُونُونَ قدِ إكتَشَفتُم مِفتاحاً آخرَ لتأكيدِ إيمانِكم وحياتِكم الأبديَّة. إحدَى مُهمَّات هذه المسحة التي تحيا فينا، هي أن تُعلِّمَنا حقائِقَ رُوحيَّة. يبدُو أنَّ الأساسَ العقائِدي للشَّرِكَة في كَنيسةِ العهدِ الجديد كانَ جَوهَريَّاً جِدَّاً. كتبَ بُولُس يقُول: "لا أحد يستطيعُ أن يقُولَ يسُوع رَبّ إلا بالرُّوحِ القُدُس." يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّ هذا هُوَ الإمتِحانُ العقائِديُّ الذي بهِ نستطيعُ إمتِحانَ الناس: هل تُؤمِنُ أنَّ يسُوعَ هُوَ المسيح؟ هذا هُوَ السؤالُ الملائِمُ لنطرَحَهُ عندما نحتاجُ أن نكتَشِفَ أينَ يقِفُ الناسُ عقائِديَّاً. لَقَدِ إلتَقَيتُ بأشخاصٍ يُجيبُونَ عندما أسألُهم هذا السُّؤال، بالتالي، "لم يكُنِ المسيحُ. بل كانَ البَعضُ من المسيحِ فيهِ، وهكذا كانَ بُوذا، وهكذا كانَ غاندي. أشخاصٌ كثيرونَ كانَ فيهِم جزءٌ من المسيح، ولكنَّ يسُوعَ لم يكُنِ المَسيح." يكتُبُ يُوحنَّا قائِلاً أنَّنا إذا قُلنا أنَّ يسُوعَ لم يكُنِ المسيحُ، فنحنُ ضدّ المسيح، ونحنُ كذبَة لأنَّ يسُوعَ هُوَ المسيح. (1يُوحنَّا 2: 22). في الإصحاحِ الثالِث، يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّ هُناكَ نوعانِ من الناسِ في العالم. لدينا أبناءُ اللهِ وأبناءُ الشيطان. يُخبِرُنا يُوحنَّا أنَّنا إذا أردنا أن نعرِفَ الفرقَ بينَهُما، فهذا سهلٌ وبسيطٌ جداً. يُعبِّرُ يُوحنَّا عن هذا في الإصحاحِ الثالِث كالتالي: "أبناءُ إبليس يعمَلُونَ الخَطيَّة." فهُم يُخطِئونَ كأمرٍ إعتِيادِيٍّ ومُستَمِرّ. إنَّهُم مُتَمَرِّسُونَ في الخَطيَّة. أمَّا أبناءُ اللهِ فعادَةً لا يُخطِئون، وهُم غَيرُ مُتمرِّسينَ في الخطيَّة. ونمُوذَجُ حياتِهم ليسَ الخطيَّةِ بشكلٍ إعتِيادِيّ. كما أشرتُ في الفصلِ الأوَّل، في اللُّغَةِ اليُونانيَّة، الزمنُ الحاضِر المُضارِع يُشيرُ إلى الزمنِ المُستَمِرّ. لا يقُولُ يُوحنَّا أنَّ أولادَ اللهِ لا يُمكِنُهُم أن يُخطِئوا، أو أنَّهُم لن يُخطِئوا أبداً. بل يقصُدُ القَولَ أنَّهُم عندما يُخطِئون، يسقُطُونَ أن تزِلُّ قدَمُهم في الخطيَّة. فالخطيئَةُ ليسَت أمراً طبيعيَّاً بالنسبَةِ لهُم. أمَّا أولادُ إبليس فيُخطِئونَ بإستمرار وبِشكلٍ إعتِيادِيّ. أمَّا أولادُ اللهِ فلا. عندما نرى أنَّ نمُوذَجَ حياتِنا تغيَّرَ دراماتيكيَّاً، وأنَّ هذا النمُوذج ليسَ أن نُخطِئَ، نعرِفُ أنَّنا نُؤمِن وأنَّ لدينا حياةً أبديَّة. في نِهايَةِ الإصحاحِ الثالِث، كتبَ يُوحنَّا مقطَعاً آخر عظيماً حولَ التأكيدِ واليَقين. عندما تُصابُونَ بالإحباطِ والإكتِئاب، كما يُعبِّرُ يُوحنَّا عن ذلكَ، "إن لامَتكُم قُلُوبُكُم،" فهل تهلِكُونَ بسببِ شُعُورِكُم؟ وعندما لا تلُومُكُم قُلُوبُكُم، فهل تتيقَّنُونَ بذلكَ من الحياةِ الأبديَّة؟ لا! عندما تلومُكُم قُلُوبُكُم، تذكَّرُوا هذا: اللهُ أعظَم من قُلوبِكُم. اللهُ أعظم من طريقَةِ شُعُورِنا. خلاصُنا غيرُ مُؤسَّسٍ على شيءٍ مُتَغيِّرٍ مثل الشُّعُور. بل خلاصُنا مُؤسَّسٌ على الحقيقَةِ الراسِخة أنَّنا نُؤمِنُ – وأنَّنا نُطيعُ الرَّبّ (3: 19- 22).
|