الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: تطويبات (الـ)

ليست التطويبة (قال : طوبى، هنيئًا، سعدًا) مباركة في معنى الكلمة الخلاّقة والفاعلة. هي إعلان وتهنئة من أجل حالة من السعادة أو الفرح الآتي. هي طريقة تعبير نجدها في العالم الحكميّ (في الأدب الدنيويّ وفي العهد القديم، مز 1 : 1؛ 32 : 1-2؛ سي 25 : 7، 11). والتطويبات عديدة في العهد الجديد. فالسعداء هم الذين يرون، يسمعون، يتقبّلون كلمة الله ويضعونها موضع العمل. هم الذين يؤمنون دون أن يروا. هم الساهرون، وهم المضطهَدون من أجل اسم المسيح. هناك مجموعة من التطويبات، جمعها كل من متّى (5 : 3-11) ولوقا (6 : 20-26). تتألّف التطويبة من عنصرين : إعلان السعادة وعلّة هذه السعادة. وترتبط التطويبة بشكل خاص بملكوت الله الذي تعلنه. وبين نص مت ونص لو، نستطيع أن نقدّم المقابلة التالية : ثماني تطويبات في مت، أربع في لو مع أربعة ويلات. الشكل لاشخصي عند مت. أما لو فيستعمل الخطبة المباشرة. اهتمامات مت اهتمامات روحيّة ومسيحانيّة. أما لو فيُبرز الوجهة الاجتماعيّة. هنا تُطرح مسألة شكل المعين : "طوبى للمساكين لأن ملكوت السماوات لهم. هنيئًا للحزانى لأنهم يعزّون. طوبى للجياع (والعطاش) لأنهم يُشبعون. طوبى لكم إذا أبغضوكم واستبعدوكم وأهانوكم من أجل ابن الانسان. حينئذ سرّوا وافرحوا لأن أجركم عظيم في السماوات. هكذا اضطهدوا الأنبياء الذين كانوا قبلكم". على هذا الأساس، أبرز لو الظروف الملموسة (الفقر الاجتماعي، الواقعي)، الذي فيه تتجذّر الجهوزيّة الروحيّة. أما مت فأوضح المواقف الباطنية في هذه الأوضاع. لا شكّ في أن يسوع تفوّه بتطويبة الفقراء والمعوزين، لا بسبب استعداداتهم الشخصيّة، بل لأن الله يأخذ قضيّتهم على عاتقه. تتحدّث التطويبة أولاً عن عطيّة الله الملك، ثم عن موقف الانسان. أوضح مت التطويبة في هذا المعنى الثاني، إلاّ إذا كان أمينًا لتعليم يسوع المتأخّر، الذي قد يكون في نهاية حياته شدّد على الاستعدادات البشرية من تواضع وجهوزيّة روحيّة. غير أن جوهر التطويبات يدلّ على أن الله لا يقف على الحياد : فهو من جهة الفقراء والودعاء والحزانى والجياع والرحماء وأنقياء القلوب وفاعلي السلام والمضطهَدين من أجل البر (أو من أجل ابن الانسان). في هذه التطويبات يكشف يسوع الروح التي بها يمارس الله ملكه في العالم. الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية