هو المرجع الثاني بين مراجع (أو : منابع) البنتاتوكس أو الهكتاتوكس حسب النظرية المراجعيّة. سمّي كذلك لأنه يستعمل الاسم الالهي "الوهيم" حتى وحي يهوه لموسى (خر 3 : 13-15). غاب هذا التقليد من خبر البدايات (تك 1-11)، ولكنّه ظهر بعد تك 15، فقدّم فيما بعد تاريخًا موازيًا للتاريخ اليهوهي، منذ ابراهيم حتى موت موسى. وهذا يعني وجود مرجع مشترك، شفهي أو خطيّ، خلال الحقبة الملكيّة. هناك أخبار خاصّة به مثل خطف سارة على يد أبيمالك (خر 20 : 1-17)، الذي يُبرز تشفّع النبي (20 : 7) ابراهيم. وذبيحة اسحق (تك 22 : 1-19)، التي هي المحنة الأقسى لإيمان ابراهيم. وحدث القابلتين في خر 1 : 15-21. في كلّ هذا النصوص نجد تشديدًا على مخافة الله. ثمّ وحي اسم يهوه (خر 3-15)، وسلب المصريين (3 : 21-22؛ 11 : 1-3؛ 12 : 35-36). والحرب على بني عماليق (17 : 8-16). والعجل الذهبيّ (خر 32). واللقاء في خيمة الاجتماع (33 : 7-11؛ عد 11 : 24-25؛ 12 : 4-10؛ تث 31 : 14-17). وأخبار تُبرز روح النبوءة عند موسى (عد 11 : 24-30؛ 12 : 1-15).
ويحتلّ الالوهيمي مكانة مميّزة في أخبار عهد سيناء (خر 19-24)، الذي به يرتبط ميثاق الخضوع لله. ولكن آثاره تكاد تختفي في أخبار ضربات مصر (خر 7-10) ومعجزة البحر (ف 14). أسلوب الالوهيميّ موجز، باهت، وبهذا يختلف عن اليهوهي. وهو يتجنّب الصور الانترومورفيّة، التي تعطي الله أعمال الإنسان وعواطفه. وهكذا يشدّد على تسامي الرب، الذي يتكلّم بعد اليوم في الحلم (تك 15 : 1؛ 28 : 12-15؛ عد 12 : 6)، في الغمام (خر 20 : 21؛ 33؛ 7-11؛ عد 11 : 25؛ 12 : 5-10؛ تث 31 : 15)، بواسطة موسى (خر 20 : 22؛ 24 : 3) نبيّه (عد 12 : 7-8)، ويقود شعبه بواسطة ملاك (خر 23 : 20؛ 33 : 2). ويشدّد هذا المرجع أيضاً على اهتمامات أدبيّة في خطّ الأنبياء هوشع وعاموس وغيرهما (تك 20 : 1-17؛ 25 : 29-34)، كما يُبرز الأمانة لله ومخافته (تك 22 : 12؛ خر 1 : 17، 21؛ 18 : 21).
أين وُلد هذا التقليد؟ يتّفق الشرّاح إجمالاً على القول بأن أصل هذا التقليد هو مملكة الشمال وعلاقتها بالأوساط النبويّة في القرنين 9-8 (إيليا، أليشع، جماعة الأنبياء) التي تعارض الانحطاط الديني في عصرها باسم التقاليد الموسويّة القديمة. وهذا الأصل الذي فيه نبتت أيضاً التقاليد السابقة للتقليد الاشتراعي، تفسّر تشابهات بين الالوهيمي والاشتراعي، دون العودة من جانب واحد إلى كتّاب اشتراعيّين في المنفى استقوا من الالوهيمي. فالتقليدان غرفا من محيط واحد. بعد دمار السامرة سنة 722، حُمل التقليدُ الالوهيمي إلى أورشليم وهناك اندمج مع اليهوهي في زمن حزقيا، فصار "اليهلوهي".
ولكن بدأ العلماء يعارضون وجود هذا التقليد أو هذا المرجع، فجعلوه إعادةَ نظر في أخبار أضيفت إلى اليهوهي. كما بدأوا يعيدون النظر في نظريّة المراجع ولا سيّمَا في قراءتهم للبنتاتوكس. وهكذا نكون أمام خطوط أربعة : اثنان متطرفان. واحد يعتبر الالوهيمي وثيقة مكتوبة أفاد منها المدوّن الأخير للبنتاتوكس. وآخر يلغي كليًّا هذا التقليد ويعتبر أنه لم يوجد. وهناك من قابله باليهوهي. هو نبت في الشمال. واليهوهي في الجنوب. ثمّ دُمج الاثنان بعد دمار السامرة. إنه يساوي التقليدَ اليهوهي أهميّة، وإن اختفت مواده عندما دُمج معه. والموقف الرابع هو الذي يرى فيه بعض ملحقات للتاريخ اليهوهيّ، جاءت من عالم الشمال فكمّلت تقليد الجنوب.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|