هو أول المراجع الأربعة في البنتاتوكس حسب نظريّة المراجع. وقد سُمّي كذلك لأنه يستعمل دومًا يهوه كاسم لله، منذ رواية الخلق (تك 2 : 4ب). نسب بعض الكتّاب نصوصًا إلى يهوهي أولاني، إلى العوام (لا إلى الكهنة)، إلى عالم البدو، إلى أرض الجنوب، وذلك لاختلاف هذه النصوص عن اليهوهي في نظرتها العتيقة. ولكنّنا لا نستطيع القول إن كنا أمام ينبوع مستقلّ أم أمام عناصر جاءت من الخارج ودُمجت بنواة اليهوهي. هذا المرجع هو الينبوع الأول والمسيطر في سفر التكوين. ويتواصل في أخبار خر وعد حتى موت موسى. أسلوبه أسلوب بسيط حيّ، ملوّن، وهو يجعل من كاتبه راويًا مدهشًا (خبر الفردوس والخطيئة، تك 2-3؛ زواج اسحق، تك 24). نظرته إلى الرب نظرة انتروبومورفيّة، بمعنى أن الله يشعر ويتكلّم ويفعل مثل البشر (تك 2 : 7؛ 3 : 8؛ 6 : 5-6؛ 8 : 21؛ 18 : 1 ي؛ خر 14 : 25، 27). هذه التشابيه التي تميّز اليهوهي، ليست نتيجة لاهوت عتيق، بدائيّ، بل تدلّ على إله حيّ، قريب من الإنسان ومعه نقيم علاقة شخصيّة. ومع ذلك، فهو يبقى الإله القدّوس، الذي لا يتحمّل الخطيئة، الذي هو سيّد الخلق وسيّد التاريخ فيقوده بحريّة سامية. حسب نظريّة المراجع كما حدّدها تاريخ التقاليد، هذه الوثيقة هي عمل كاتب من يهوذا (اهتمام بحبرون، مكانة يهوذا بن يعقوب في خبر يوسف)، دوّن ما دوّن في أيام سليمان. استعاد تقاليد قديمة من الحقبة الآبائيّة، من الخروج والإقامة في البريّة، كانت شفهيّة بعد، أو تدوّنت بعد أن وُحّدت حول المعبد، فنظّمها في تاريخ عظيم يوجّهه الله. وجعل لهذا التاريخ مقدّمة سُمّيت "تاريخ البدايات" (تك 2 : 4ب-11 : 19)، وجعلت اسرائيل في عالم الأمم (أمّة بين الأمم)، وأبرزت الأبعاد المسكونيّة لعمل الله الخلاصيّ الذي دشّنه في دعوة ابراهيم (تك 12 : 1-3). قد يكون اليهوهي استلهم عبارات اعتراف إيماني قديمة، قد يكون أراد أن يبيّن شرعيّة السلالة الداوديّة. فهو الذي أعطى لبني اسرائيل أول شميلة تاريخيّة ولاهوتيّة. وهذه الشميلة ستكون أساس البيبليا كلّها.
هذه الفرضيّة التي فرضت نفسها في وقت من الأوقات، صارت اليوم موضع تساؤل جذريّ. فهناك نظريات تلغي كل مكانة لليهوهي كما لنظريّة المراجع. وهناك نظريات لا ترى في اليهوهي وثيقة دوّنها كاتبٌ في عهد سليمان، بل نتيجة مسيرة من التدوين والتفسير، قريبة من الكتابات الاشتراعيّة، وعائدة إلى نهاية الملكيّة وبداية المنفى. وكانت نظرة ثالثة تميّز في "المرجع اليهوهي" جزءً ا يعود إلى سليمان وقد أضيفت إليه مقاطع أخرى. ولكن نظريّة التقليد اليهوهيّ التي عُرفت منذ نهاية القرن التاسع عشر وخلال القرن العشرين، فقد بقي لنا من يدافع عنها، كما يدافع عن نظريّة المراجع. أما نحن فنقول بتقليد شفهي نما بشكل خاصّ حول المعابد في الجنوب قبل أن "يدوّن" أكثر من مرّة ليأخذ شكله الأخير حول المنفى. والسبب في تأخير النسخة الأخيرة هو العمق الروحيّ في نصوص مثل دعوة ابراهيم في تك 12...
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|