أولاً : إنّ العهد القديم يتكلّم مرارًا عن الحثيّين، هذا الشعب الذي اكتشفناه في بداية القرن العشرين فساعدنا على معرفة الشرق الأوسط خلال الألف الثاني ق. م. منذ بداية القرن 17، لاحظنا وجود المباني الحثيّة في آسية الصغرى وفي شمالي سورية. ولكن الأركيولوجيا الحثيّة وُلدت حين اكتشف العلماء في منطقة حماة (سوريا) نصوصًا هيروغليفيّة، وعرفوا المكان : إنّ تل جرابلس على مجرى الفرات الأعلى هو كركميش التي تعرفها النصوص الآشوريّة والتي تسمّيها عاصمة حاطو. وبدأت الحفريّات في بوغازكوي (على بعد 150 كلم إلى الشرق من أنقرة) سنة 1906 فوجد العلماء آثار الحثيّين، وعرفوا أنّ بوغازكوي كانت عاصمتهم. واكتُشف أرشيفُ الدولة الحثيّة، وهو يتضمّن 20000 نص مسماري دوِّن بعضها في الأكاديّة والبعض الآخر في الحثيّة. قُرئت اللغة الحثيّة سنة 1965، فاكتشف العلماء أنّها لغة هندو أورويّة.
ثانيًا : عرفت المملكة الحثيّة حقبتَي انتشار. حوالي 1900-1650 ثمّ 1430-1200. يُذكر الحثيّون مرارًا، في البنتاتوكس (تك 23 :3-20؛ 25 :9 ي؛ 26 :34؛ 27 :46؛ 49 :29-32؛ رج حز 16:3 - 4). كلّ هذا يرجع إلى الحقبة الأولى. وخلال الحقبة الثانية، كان لكلّ ملوك السلالة 19 في مصر علاقة مع الحثيّين وبالأخصّ سيتي الأول ورعمسيس الثاني. فقد أُجبر رعمسيس الثاني بعد انتصاره الغامض في قادش على العاصي، أن يتحاور على قدم المساواة مع الملك الحثيّ حتوسيلي الثالث، وأن يعقد معاهدة سلام ( "العهد الأبديّ" الذي حُفظ في اللغتين المصريّة والحثيّة). امتدّ الحثيّون من قادش حتى بحر ايجه. ولكن مملكتهم انهارت حوالي سنة 1200 والسبب في ذلك هو ضغط شعوب البحر الذين إليهم ينتمي الفلسطيّون. حينئذ انتقلت عاصمة الحثيّين إلى كركميش حيث تنظّموا دويلات ولعبوا دورًا ثانويًّا مدّة أجيال عديدة. فالنصوص في 1مل 11 :1؛ 2مل 7 :6؛ 2أخ 1:17 تشير إلى هذه الدويلات. كان الحثيّون السوريّون يستعملون كتابة هيروغليفيّة وقد ساعدت كتابة كاراتيبه المكتوبة بالحثيّة والفينيقيّة على حلّ رموز هذه الكتابة.
ثالثًا : الديانة. نقرأ في النصوص الحثيّة الهيروغليفيّة عددًا كبيرًا من الأسماء الإلهيّة وأهمّها يعود إلى أصل حوريّ (تشوب، حفيت). فالإله هو السيّد، والأتان هو الخادم أو العبد. كانوا يقدّمون ذبائح من الطعام والشراب، من الحيوان والبشر. وقد بقيت بعض النصوص العباديّة والأناشيد الدينيّة. لعب السحرُ والعرافة دورًا كبيرًا في الديانة الحثيّة.
رابعًا : الحضارة. يتضمّن أرشيف الدولة الحثيّة عددًا كبيرًا من النصوص القانونيّة. وقد طُبعت مقتطفات من النصوص التاريخيّة والعباديّة والميتولوجيّة. رج حتوسيلي، شوفيلوليوما، مورسيلي، مواتالي.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|