في العبريّة : ا ب ن. في اليونانيّة : ليتوس. فلسطين غنيّة بالحجارة التي تحتلّ مكانة هامّة في الحياة اليوميّة.
1) المعنى الحقيقيّ. ^ أولاً : في المجال الدنيويّ. الحجارة تُفسد الأرض (2مل 3 :19، 25)، لهذا يجب أن يُنقّى الحقل من الحجارة (إش 5:2). وهناك تذكّرات ترتبط بتجمّعات الحجارة : عبور الأردن (يش 4 :3، 20-21)، العهد والاتفاق (تك 31:45-46). المدفن (2صم 18:17). حدود الحقل. حين يدبّ الخلاف، يلتقط المتقاتلان الحجارة التي بها نضرب الخصم (خر 21:18) أو نضرب نفوسنا (مر 5:5). تُرمى الحجارة على البشر (2صم 16:6)، كما على الحيوان (سي 22؛20). وكلّنا يعرف عقوبة الرجم. والمقاتلون يرمون الحجارة بالمقلاع (قض 20 :16) بانتظار آلات أكثر تطوراً (1مك 6 :15). وتُستعمل الحجارة لتقوية أبواب المدينة (1مك 5 :47).
استعمالات الحجارة كثيرة : هي مقعد (خر 17:12) ووزن (أم 16:11). تستعمل في خيط البناء (زك 4 :10)، لجعل غرض يغرق في البحر (إر 51:63)، أو ليخبَّأ (سي 29 :10). هناك حجر النار (2مك 10 :3)، وذاك الذي به نغلق البئر (تك 29:2-10) أو
القبر (مت 27:60). كانوا ينحتونه بشكل رحى (تث 24:6)، أو من أجل المعصرة (مت 21 :33 وز)، أو من أجل القبر المحفور في الصخر (مت 27:60).
حسب التقليد كان مذود يسوع وقبره من الحجر. في تجارب يسوع، ذُكرت الحجارة مرّتين (مت 4:2-7). وكانت الحجارة مادّة بناء. كانت تُقطع وتُنحت (1مل 7 :9) استعملت الحجارة الكبيرة في الأساسات (1مل 5 :31)، أو كحجر الزواية، لكي يكون البناء متينًا. افتخر اليهود بالحجارة الجميلة التي بها بُني هيكلهم، وسهروا عليها (1مل 7 :9-12؛ 2مل 12 :13؛ 22 :6). ولكن حتّى أصلب الحجارة سوف تزول. لا يبقى من المدينة سوى تلّة حجارة (1صم 7:1؛ مي 1 :6). وقد لا يبقى حجر واحد (2صم 17:13). ذاك كان وضع هيكل أورشليم (مر 13 :2 وز). في بعض المرّات، كانوا يحفرون على الحجر النصب، الأختام، التمائم.
ثانيًا : في المجال الدينيّ. هناك أغراض دينيّة صُنعت من الحجر : لوحا الوصايا (خر 24:12). السكين الذي يُستعمل في الختان (خر 4:25؛ يش 5 :2، رج صوّان). لم يكن الحجر يُعتبر قابلاً لأن ينقل النجاسة الطقسيّة، بحيث كانوا يضعون ماء التطهير في جرار من حجر (يو 2 :6). وقد صُنعت المذابح من حجارة غير منحوتة (خر 20:25، هذا ما صنعه إيليا في 1مل 18 :31-32، وشاول في 1صم 14:33. الإزميل). إنّ لفظة حجر تدلّ أكثر من مرّة على الصنم (حك 13 :10؛ إر 2:27). ونذكر أيضًا الحجر الذي يُرفع (م ص ب هـ، نصب) كغرض عباديّ أو تذكار (تك 28 :18؛ 35 :14) أو نذر مع مذبح، أو يكون هو المذبح (في زمن الآباء؛ خر 24:4؛ تث 27:2). وقد يكون الحجر رمزًا إلى الإله الذكر. في هذه الحالة الأخيرة، تحرّم الحجارة المرفوعة تحريمًا قاسيًا، لأنّها عادة وثنيّة (تث 16:22؛ 2مل 17 :10؛ 23 :14) أُخذت من الكنعانيّين (خر 23:24؛ تث 12:3). بسبب هذه الحجارة المرفوعة، استُبعدت سائر الحجارة وإن لم يكن لها الطابع عينه (خر 34:13؛ تث 16:22). عُرفت الحجارة المرفوعة في جازر، شكيم، تل النصبه، عين شمس، مجدو، وفي هيكل ميكال في بيت شان.
2) المعنى المجازي. ^ أولاً : رمز الجهود والمتانة. يرمز الحجر إلى ما هو ميت، إلا ما لا نستطيع أن ننعم به : تعارض بين ا والحجر (أع 17:29). بين الإنسان والحجر (لو 3 :8؛ 19 :4)، بين البشر (أو اللحم) والحجر (2كور 3 :3). بين الخبز والحجر (مت 4:3؛ 7 :9). الخبز للبنين وأهل البيت.، والحجر للكلاب والذين في الخارج تُشخَّص الحجارة في حب 2:11 فتصرخ لتندّد بالجور والعنف الذي يسبّبه حاملُ الضيق. هي تتّهم السلطات اليهوديّة التي تمنع الناس من إكرام يسوع (لو 19 :40، وقد يعني النصّ أنّ الحجارة تريد أن تكرّم يسوع). قال مت 3:9 وز، إنّ ا يستطيع أن يخرج من هذه الحجارة أولادًا لابراهيم، أي يجعل الحجارة تلد، في تلميح إلى أش 51:1-2 الذي يُقابل ابراهيم بصخرة. فهذا النصّ عينه (إش 51:1-2) قد ألهم يسوع حين سمّى بطرس "كافا"، الحجر، الصخر الذي عليه يبني كنيسته (مت 16:18). وفي الخطّ عينه اعتبر بولس المسيحيّين حجارة في بناء هو الكنيسة (أف 2 :20، بناء). أمّا بطرس فيسمّيهم "حجارة حيّة" في بناء روحيّ (1بط 2:5) نال حياة روحيّة من الحجر الحيّ الذي هو المسيح.
ثانيًا : رمز الغنى. الحجر الكريم هو رمز البذخ والغنى. وذروة الغنى تظهر في تعداد الذهب والحجارة الكبيرة واللآلئ (رؤ 17:4؛ 18 :12-16؛ 21 :11-21). فأسوار أورشليم العتيدة ستُبنى بالحجارة الكريمة (رؤ 21:18-19؛ رج إش 54:11-12؛ طو 13 :16). والحجارة الكريمة الشفّافة تعكس بهاء ا النقيّ (رو 4 :3) وبهاء مدينته المقدّسة (رؤ 21:11).
ثالثًا : رمز المسيح. طبِّقت استعارة الحجر على المسيح في ثلاثة أشكال : هو حجر الهيكل. هو الحجر الذي يسحق. هو الحجر الذي تجري منه المياه الحيّة.
(أ) المسيح حجر الهيكل. حين تحدّث العهد الجديد عن حجر الهيكل، استعمل عبارتين : رأس الزاوية (كافالي غونياس، مر 12:10 وز؛ 1بط 2:7؛ ق مز 118:22، روش. ف ن هـ). حجر الزاوية وربّما حجر الغلق (أكرو غوناويوس، أف 2 :20؛ 1بط 2:6؛ إش 28:16، إ ب ن. ف ن هـ). فهذا يعني أساس البناء أو كماله (حجر الغلقة يُنهي العقد). لقد رأى يسوع نفسه إعلان مصيره في مز 118:22 : رذله البشر كحجر لا نفع منه، فرفعه ا كحجر الغلق (مر 12 :10 وز). وسيبيّن ا (في عودة يسوع) أنّ البشر رفعوا يدهم على الربّ ومؤسِّس جماعة الخلاص. وقد توسّعت المسيحيّة الأولى في هذا الموضوع. طبّق أع 4:11 رذْل الحجر على موت يسوع، ولكنّه رأى في وضْع الحجر القيامة، لا عودة يسوع. بهذه الطريقة، صار مز 118 برهانًا على موت يسوع وقيامته. وقابلت أف 2 :20 الجماعة المؤلّفة من اليهود والوثنيّين بهيكل أساسه الرسل والأنبياء، وحجر أساسه المسيح. هذا الهيكل هو في نموّ متواصل (21).
إذن، بالنسبة إلى مر، عرفت الصورة توسّعين اثنين : حلّ محلّ الهيكل العتيد والمسيح العائد، الهيكلُ الحاليّ والمسيح الممجّد الذي هو حاضر الآن. فالمسيح هو أيضًا الأساس (1بط 2:4-6؛ رو 9 :33؛ 10 :11؛ 1 تم 3 :13). يعود هذا الموضوع إلى إش 28:16 (كما في السبعينيّة) حيث يضع يهوه أسس الهيكل الجديد. فإذا أردنا أن نسند هذا التأويل، نورد زك 4 :7 في ترجمة حرفية (ما أنت أيّها الجبل العظيم أمام زربابل؟ يُخرج الحجر وسط الهتافات. نعمة، نعمة له). الجبل العظيم هو تلّة ركام الهيكل القديم. يُخرج (يرفع) زربابل الحجر "الرئيسيّ" (ا ب ن، ر ش هـ) الذي يرتبط بالبداية كما يرتبط بالتكملة، الذي يكون حجر الأساس أو حجر الغلقة. ويهتفون هتاف الفرح حين يُوضع الحجر الأول (عز 3:10-11)، لا ساعة يوضع حجر الغلقة أو حجر الواجهة. ومن الصعب أن يكون حجر الغلقة حجرًا محدّدًا. ونقرأ نصّ زك 3 :9 :هوذا الحجر الذي جعلته أمام يشوع. على هذا الحجر الفريد سبع أعين أو وجوه. وهاءنذا أنقش نقشه. ظنّ بعض الشرّاح أننا أمام حجر الهيكل الذي قد يكون حجر الغلقة، أو حجر الأساس، أو الهيكل نفسه. ورأى فيه آخرون الحجر الكريم الذي هو يشوع أو زربابل. من الأكيد أن المدوِّن رأى علاقة بين هذا القول والرؤية السابقة. لفتت هذه الرؤيةُ الانتباه إلى عمامة يشوع، بحيث فكّر الكاتب، حين قرأ القول، بتاج عظيم الكهنة. فعبارة "م ف ت ح. ف ت و ح" (نقش النقش) تظهر أيضًا في خر 28:11، 21 في معرض الحديث عن رئيس الكهنة.
(ب) المسيح حجر عثرة. ربط لو 20 :18 وز بإيراد مز 118:22 (حجر مرذول مرفوع) تهديدًا يتوسّع في موضوع الحجر، في خطّ دا 2:31-45 : الذي يصطدم به يسقط ويهلك. وفي الدينونة الأخيرة يسحق الحجر (الذي هو المسيح) أعداءه. ونقول الشيء عينه عن "حجر العثرة" (رو 9 :32-33؛ 1بط 2:8؛ ق لو 2 :34) الذي يرتبط بما في إش 8:14. في الحالتين، الإيمان هو الذي يقرّر إن كان الحجر (الذي هو المسيح) سيكون علّة خلاص للإنسان أم علّة هلاك.
(ج) حجر تجري منه المياه الحيّة. في 1كور 10 :4، صخرة حوريب التي منها يجري الماء، هي صورة عن المسيح الأزليّ. وصرخة يسوع في يو 7 :37-38 (في إطار عيد المظالّ) هي قريبة من هذا النصّ. فالصخر المقدّس الذي تسقي أمواجه العالم (حز 47:1، 12؛ زك 13 :1؛ 14 :8 : هو الصخر الذي يرتفع عليه الهيكل)، هو يسوع الذي يسقي العطاش ( المؤمنين) من ماء الحياة (يو 7 :38-39؛ رج 4:10-11).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|