1) المضمون. القسم الأوّل (ف 1-5) يوصي بالحكمة بسبب المكافأة التي تمنحها للإنسان. القسم الثاني (ف 6-9) يصوّر عمل الحكمة في حياة سليمان الذي هو رمز الحكمة في التقليد اليهوديّ. القسم الثالث (ف 10-19) يمدح الحكمة التي قادت البشريّة ولاسيّمَا شعب إسرائيل إلى ا. أما المشركون (عبّاد الأوثان) المصريّون فقد نالوا عقابًا قاسيًا. إن هدف الكاتب واضح : يريد أن يبيِّن لليهود الذين تجتذبهم الفلسفةُ والعادات اليونانيّة، ولليونانيّين المغترّين بفلسفتهم، أن الحكمة اليهوديّة تتفوّق على الحكمة اليونانيّة، لأنّ ا خلقها قبل كل خليقة، فبرهنت عن قدرتها في تاريخ البشريّة وفي تاريخ إسرائيل.
2) أصل الكتاب. نجهل من ألّف حك. في الماضي نسب آباء الكنيسة والشرّاح القدماء الكتاب إلى سليمان، لأنّ الكاتب يضع تعليمه في فم سليمان. إلاّ أنّ أوريجانس وأوسابيوس وأوغسطينس شكّوا في هذا القول. واليوم يُجمع الشرّاح أن حك كُتب في زمن متأخّر وفي اللغة اليونانيّة. إذًا لم يكتبه سليمان. فكاتبه هو يهوديّ يتكلّم اليونانيّة ويعيش في الإسكندريّة حيث كان اليهود كثيرين. فهذا الكاتب يحتجّ على عبادة الحيوانات لدى المصريّين (ف 11؛ 15؛ 12 :23-27؛ 13 :10؛ 15 :18 ي)، ويصوّر ضربات مصر بالتفصيل (11 :16-19 :22). يشير الكتاب إلى كل الضربات التي حلّت بمصر (14 :22-30)، إلى اضطهاد اليهود (11 :5-9، 12 :23-27)، إلى جحود بعض اليهود وارتدادهم إلى الوثنيّة (2 :10-20؛ 3 :10-13؛ 5 :1-14). كل هذه الظروف تقودنا إلى زمن بطليموس اوارجاتيس (145-116) أو بطليموس سوتر الثاني (116-80). وبما أنّ الكاتب يستعمل السبعينيّة دون أن يتأثّر بفيلون، نستنتج أنّه دوّن كتابه في القرن الأوّل ق.م.
3) لاهوت الكتاب. يؤكّد الكاتب بوضوح الخلود ( اللاموت) واللافساد الذي هو صورة ا (2 :23). ولكنه لا يتكلّم صريحًا عن القيامة. فشرطُ اللاموت هو ممارسة البرّ والاعتراف بتسامي ا (1 :15؛ 15 :3). ويؤكّد أيضاً أنه ستكون دينونة ساعة افتقاد الربّ. فالحكمة التي نقتبلها هي التي تؤمّن الخلود للانسان (6 :17-19).
وتوسّع الكاتب أيضاً في مدلول الحكمة (رج أم 8؛ سي 24)، وطبّق عليها بعض صفات النفس (بنفما) كما عند الرواقيّين. وفي شكل خاص، تصبح الحكمة حاضرة كل الحضور، وتؤمّن تناسق الواقع الذي خلقه ا (1 :7؛ 7 :24؛ 8 :1). كما جعل الحكمة قريبة جدًا من ا (7 :25-26) ليجعل منها تعبيرًا عن حضور ا في العالم ولدى البشر (7 :27-28).
وأخيرًا، يدلّ الخروج من مصر، الذي هو الحدث المؤسِّس لاسرائيل، أن ا يلجأ إلى قوى الكون لكي يعاقب الخطأة ويخلّص الأبرار. وعلى أساس هذه القراءة لسفرَي الخروج والعدد، أكّد الكاتب أن الامر سيكون هكذا ساعة افتقاد الرب (5 :17-23).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|