في العبرية : هـ ل ل (هلل). ز م ر (زمّر، رتّل). والاسم : هـ ل و ل ي م. ت هـ ل ي م. في اليونانية : أينايو، آينوس، أيناسيس، إباينوس. مديح ا هو علّة وجود الانسان. وبما أن الميت لا يستطيع أن يشارك في حمد ا، يتوسّل المرتّل إلى ا كي لا يتركه : "وبرحمتك أفرج عني. ففي الموت لا ذكر لك، وفي القبر من يحمدك؟" (مز 6:5-6). ولأن المؤمن يريد أن يواصل المديح ، فهو يطلب النجاة : "أحيني لأهلل لك" (فأحمدك) (مز 119:175). في رؤى سفر الرؤيا، الحمد هو عمل المفدّيين الأساسيّ (رؤ 19:5). لهذا، فالحمد هو الشكل الصريح للايمان، وهو صدى لنداء يملأ الكتاب المقدس : هللويا، هللوا للرب. احمدوه، امدحوه.
1) العهد القديم. نجد الحمد في أقدم نصوص الكتاب المقدس منذ نشيد مريم اخت موسى (خر 15:21) الذي هو شعر قصير أنشد على صوت الدف، وردّدته الجماعة لتحتفل بعبور البحر وما حمل معه هذا العبور من حرّية. وهناك نشيد نصر آخر، نشيد دبورة (قض 5). ووُضعت أناشيد أخرى في أفواه المؤمنين، ساعة الخلاص (موسى : خر 15؛ حنة أم صموئيل :1صم 2؛ الملك حزقيا : إش 38)، بل قبل الخلاص (يون 2؛ دا 3 في النصّ اليوناني). إن إعلان الخلاص يحرّك النداء إلى المديح الذي يوجَّه إلى منفيّي بابل (إش 48:20-21)، بل إلى الأرض كلها (إش 42:10-13). والحمد يميّز العبادة حيث يترافق مع الذبيحة (1صم 1:3). والحمد حاضر بشكل خاص في المزامير، حتى في مزامير التوسّل (مز 22:23-24) والأناشيد التعليميّة (119 :7، 171).
هناك شكل مميَّز للتعبير عن الحمد : المديح (مز 8؛ 19؛ 33؛ 65؛ 92؛ 104؛ 113؛ 117؛ 138؛ 146؛ 150). وتتكوّن البنية الاساسيّة من عنصرين : الأول، الدعوة. هللوا. أنشدوا، باركوا... هذا النداء يلحّ على المؤمنين بأن ينضمّوا إلى المديح الذي يُتلى في شعائر العبادة والذي سيمتدّ إلى العالم كلّه. فعلى جميع شعوب الأرض، وحتى الخلائق الجامدة، أن ينضمّوا إلى هذا المديح، لأن ربّ اسرائيل هو إله جميع الشعوب والخليقة كلها (مز 148). الثاني، الباعث على المديح. يتذكّر المرتّل أعمال الرب في تاريخ شعبه وفي عظمة الكون. وقد يصبح هذا الجزء من المديح اعتراف ايمان.
2) العهد الجديد. ويتواصل حمد أعمال الرب الخلاصيّة ساعة تتمّة المواعيد : في بداية الانجيل، نشيد مريم (لو 1 :46-55، تعظّم نفس الرب) ونشيد زكريا (لو 1 :68-79، تبارك الرب الاله) ونشيد سمعان الشيخ (لو 2 :29-32، تطلق الآن عبدك). قد نكون أمام استلهام يهودي يُنشد مجيء الأزمنة المسيحانيّة. فالحمد سيطر على شعائر العبادة لدى المسيحيين الأولين. هذا ما تدلّ عليه المدائح لمجد ا والحمل في الليتورجيا السماويّة التي تجد استباقًا لها في عبادة الكنيسة (رؤ 4:11؛ 5 :9-10؛ 7 :10-11؛ 11 :17). والدعوة إلى المديح جزء من تحريضات الرسول (أف 5 :19؛ كو 3 :16؛ 1 تس 5 :18). ومثلَ يونان في بطن الحوت (يون 2) والفتية الثلاثة في أتون النار (دا 3)، توجّه بولس وسيلا في سجن فيلبي، في مديح إلى ا يستبق خلاصهما العجائبي. ما انتظرا الخلاص كي يُنشدا أعمال ا (أع 16:25). ووُجدت في رسائل بولس مدائح اعتراف إيمانيّ : فل 2 :6-11 الذي يستعيد عمل المسيح؛ كو 1 :15-20 الذي ينشد سلطان المسيح في الكون. وهكذا وُلدت مدائح مسيحيّة بجانب نشيد المزامير التقليديّ. هناك المباركة في بداية الطعام ((مر 6:41؛ مر 8:6؛ 14 :22). وهناك نصان هامان على مستوى المديح. الأول، أمام قبر لعازر (يو 11:41-42). استبق حمدُ يسوع المعجزة، فصار لشهود القيامة علامة مسيحانيّته. وفي وسط الانجيل، دُهش يسوع أمام وحي الآب للصغار لا للحكماء (مت 11:25-27؛ لو 10:21-22). هذا الحمد يجعلنا نستثفّ الحياة الحميمة والمتناسقة بين الآب والابن. هذان المديحان من يسوع إلى أبيه يدلاّن على ما للمديح من دور مركزيّ في رسالة يسوع وفي الخدمة التي ينتظرها من تلاميذه في العالم.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|