1) ذبيحة مولك. إنّ الذبائح البشريّة التي يتحدّث عنها العهد القديم هي ذبيحة مولك التي يدلّ اسمها فقط على "تقدمة ذبائحيّة". إنّ هذه اللفظة ترتبط، على ما يبدو، بجذر فعليّ "هـ ل ك" سار، سلك، الذي يستعمل كلفظة ذبائحيّة في المدوّنات الفينيقيّة في كراتيبي، في القرن الثامن ق.م. نجد لفظة مولك (في العبريّة: م ل ك) في ذات الوقت، في إسرائيل وفي العالم الفينيقيّ والفونيقي، ولا سيّما في قرطاجة، حيث تدلّ على ذبيحة ولد، وليس بالضرورة على ذبيحة طفل قد وُلد جديدًا. كما تدلّ على ذبيحة حمل أو جدي بشكل إبدال. وكانت تمرّ الضحيّة المذبوحة في النار، في "محرق" سمّي في العبريّة "ت ف ت" (في السبعينيّة تافت). ثمّ كانوا يضعون البقايا الكلسيّة في جرّة يدفنونها في موضع مقدّس خُصّص لهذه الغاية وسُمّي (خطأً) بلسان علماء الآثار "توفت". بعد القرن السابع، انتشرت عادة وضع نصب فوق الجرّة الذبائحيّة، يحمل عبارة تدلّ على اسم المقدِّم. وقد دلَّت هذه المدوّنات مرارًا على أنّنا أمام ذبيحة جاءت نتيجة نذر نذره المؤمن. وهكذا نستنتج أن هذه الذبائح لم تكن تلبية لفريضة عامّة تطلب من المؤمن أن يقدّم بكره للإله. ووجود ممارسة مشابهة في إسرائيل القديم، نجده في ل(ا 18:21؛ ا 20:2-5؛ 2مل 23 :10؛ إش 30:33؛ إر 32:35، حيث نقرأ اسم "م ل ك" (مولك). ثمّ في 2 ل 16 :3؛ 17 :31؛ 21 :6؛ (إر 3:24؛ إر 7:31؛ 19 :5؛ (حز 16:20-21؛ حز 20:26-31؛ 23 :39؛ تث 12:31 حيث لا نقرأ اسم مولك. لا ترتبط هذه الذبائح بالمواقع المشرفة (تشرف على المدينة. هي تلّة عالية)، بل بهيكل يهوه (لا 20 :23) وبوادي بني هنوم (2مل 23 :10؛ إر 32:35) حيث وُجد "محرق" ارتبطت ممارساته العباديّة بعبادات الهيكل في حز 23:39 (رج حز 43:21؛ لا 4 :12).
إنّ هذه الذبائح البشريّة التي تدنّس اسم الله حسب ل(ا 18:21؛ ا 20:3؛ حز 23:39، كانت في الواقع مقدَّمة لله كما يقول مي 6 :6-7 بوضوح. ويفهمنا مي 6 :7 أن الذبائح البشريّة كانت تستخدم كذبائح تعويض أو ذبائح عن الخطيئة. انحصرت الذبائح البشريّة في أورشليم في القرن 8-7، ولكن الممارسة كانت معروفة في إسرائيل خلال الحقبة السابقة للملكيّة. أمّا ذبحَ يفتاح ابنتَه الوحيدة لكي يفي نذرًا نذره للربّ (قض 11 :30-40)؟ وفي القرن التاسع، ذبح ميشع، ملك موآب (الذي كان قد تمرّد على ملك إسرائيل) ابنه على سور المدينة (2مل 3 :27) كذبيحة عن خطيئة الرئيس، لأن الفشل في الحرب (2مل 31 :24-26) يُنسب عادة إلى غضب الإله : أغظناه بخطيئة ما. فيجب أن نتصالح معه بطقس تكفيريّ. إنّ الذبيحة "لمولك" يشجبها بقساوة لا 18 :21؛ 20 :2-5. وهذا أكبر برهان على أنّها كانت تمارس في إسرائيل. والملك يوشيا نجّس "المحرق" الذي كان في وادي بني هنوم، لكي يضع حدًّا لهذه الممارسة العباديّة (2مل 23 :10). ومع ذلك، فهي ما زالت تمامًا، لأنّ إشعيا يلمّح إليها في 57 :7؛ 66 :3.
2) ذبيحة الأبكار. إنّ ذبيحة الأبكار في خر 13:2؛ 22 :28-29، تتضمّن في نيّة المشترع الأولاني، فريضة بذبح الأبكار لله. وتقليد موت أبكار مصر (خر 11:5؛ 12 :12، 29-30؛ (مز 78:51؛ مز 105:36؛ 135 :8؛ 136 :10) وذبح الأبكار الذكور من الحيوانات الطاهرة (خر 13 :15ب؛ عد 18:17؛ تث 15:19-21) يدلّ أيضاً على أنّ ذلك كان المعنى الأصليّ للشريعة. فهذه لا تفسَّر على المستوى التاريخيّ لكرامة البكر الذي يتماهى مع البكر الذي ظلّ على قيد الحياة، بل باعتقاد يقول إن الله يأخذ البكر قبل ساعته. نجد دلالة على ذلك في موت بكر داود وبتشابع (2صم 12:15-18) الذي مات في اليوم السابع (خر 22 :29ب). ومهما يكن من أمر، فالشرائع القريبة العهد في خر 13 :13ب؛ 34 :20ب، تأمر بافتداء بكر الإنسان (رج عد 18 :15). وليس من نصّ قديم يشير إلى إبدال بكر الإنسان، بل إبدال بكر الحمار الذي هو حيوان غير جدير بأن يقدّم ذبيحة طقسيّة فيُفتدى بجدي أو حمل (خر 34 :20أ). وذبيحة اسحق قد حلّ محلّها في تك 22 :13 ذبيحة كبش. فخبر تك 22 الذي هو في الأصل "إيتيولوجيا" إحلال حيوان محلّ ضحيّة بشريّة، قد أعطى لهذه الذبيحة اسم محرقة (تك 22 :2-3، 6-8، 13). وقدّم عد 3:40-51؛ 8 : 17-18 تفسيرًا آخر لإبدال الأبكار الذين هم لله. فاللاويّون قد أعطوا له محلّ الأبكار. والـ 732 ولدًا الذين زادوا على عدد اللاويّين، قد افتدوا (قد اشتروا) كل واحد بخمسة مثاقِل فضّة (رج عد 18 :15-16) بحسب تسعيرة لا 27 :6. في هذا السياق، إنّ عبارة "أعطي للرب" تعني "كرّس لخدمته" (عد 18:19). وما من شكّ أنّ النصوص القديمة، ولا سيّمَا خر 22:28 ب، قد أعيد تفسيرها في الخطّ عينه. وقد نجد أثرًا لعادة ذبح الأبكار في بعض العقود المدوّنة في النصوص المسماريّة، في بلاد الرافدين العليا، في القرن السابع ق.م. بشكل خاص ساعة كان مجمل السكان من أصل أراميّ. فالبند الجزائيّ في هذه العقود يعلن أن بكر الحالف بالزور يُحرق في الرحم المقدّس للإله هدد. غير أننا لم نجد شاهدًا حتى الآن، يدلّ على أن هذه العادة قد مورست في مكان ما.
3) ذبيحة التأسيس. هي تشكّل نمطًا خاصًّا من الذبائح البشريّة التي نجدها في إسرائيل القديم. رج ذبيحة التأسيس.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|