(أ) المضمون.
يروي هذا الكتيّب قصّة راعوث الأرملة الموآبيّة الصبيّة التي عادت مع حماتها نعمة إلى بيت لحم. نشير إلى أنّ عائلة نعمي سبق لها وهاجرت من بيت لحم إلى موآب. كانت راعوث تلتقط القمح في حقل في بيت لحم لتقوم بأودها وأود حماتها. فالتقت بوعز الذي استعاد حقل نعمي وتزوّج راعوث بعد أن تنازل الوليّ الأوّل عن حقّه. وكانت ثمرة زواج بوعز وراعوث ابنًا سيكون جد داود. وينتهي را بسلسلة تنطلق من فارص إلى داود (4 :18-22). لهذا ذُكرت راعوث في نسب يسوع (مت 1:5).
(ب) أصل الكتاب.
نسب التقليد اليهوديّ ثمّ التقليد المسيحيّ را إلى صموئيل. أمّا اليوم فيقول الشرّاح إن را دوّن خلال المنفى، بل بعد العودة من المنفى. أراد كاتبه أن يخفّف من قساوة القانون الذي يمنع الزواج من امرأة غريبة (عز 9 :1 ي). لسنا أمام نيّة هجوميّة في را، بل أمام قصّة شيّقة تشدّد على واجبات الوليّ وعلى أهميّة انفتاح العالم اليهوديّ. وُضع را في السبعينيّة والشعبيّة بعد قض. أما الماسوريّون فجعلوه إحدى اللفائف فكان في القسم الثالث من التوراة، مع سائر الكتب. ومنذ زمن التقليد يقرأ اليهود را في المجمع يوم العنصرة أو عيد الحصاد.
(ج) لاهوت الكتاب.
اعتبر بعض الشرّاح أن سلسلة نسب داود ( 4 :18-22) واسم ابن بوعز، نتاج يد جاءت بعد يد الكاتب الأول. ولكن هذا يبقى فرضيّة. أما هدف الكتاب فهو ردّ على حزب محافظ في أورشليم، يريد أن يعزل الشعب العبرانيّ عن سائر الشعوب. فبطلة الكتاب هي امرأة، لا رجل. وهي موآبية، أي ابنة شعب استُبعد إلى الأبد من العهد مع شعب اسرائيل. وبالتالي مع الله (تث 23:3-6؛ نح 13:1). وقمّة المفارقة، هو أن راعوث صارت مثل الحبّ الأمين في العهد (ح س د، في العبرية) وجدّة الملك داود.وبالتالي المسيح، مع ثامار (4 :12) وابنتي لوط حيث كانت الكبرى أم موآب من خلال زنى الأقارب (تك 19 :37) وراحاب، أم بوعز. ذاك هو التقليد الذي أخذ به مت 1:5. وهكذا "روت" (سقت) بطلة الكتاب، وارتوت من الخيرات الاسكاتولوجيّة. فالموآبية صارت حضور الله في شعب اسرائيل، وهذا أمر ندهش له، حين نعلم أن على شعب اسرائيل أن يكون حضور الربّ في وسط الشعوب.
(د) رمزيّة أسماء العلم.
إن أسماء العلم التي نقرأها في را (ما عدا ما في السلسلة)، هي خاصة بهذا السفر، ونحن لا نقرأها في موضع آخر من التوراة. وهي أسماء رمزيّة، كما نفهم را 1:20 : "كيف تدعونني نعمة والربّ القدير أذلّني وفجعني؟".
أولًا : نعمة ( ن ع م ي، في العبرية). يرد اسمها عشرين مرّة. فيدلّ على بنت النعمة والرقيقة. هنا نتذكر "نعمة" أخت توبال قايين (تك 4 :22 ن ع م ه)، ثم زوجة سليمان، التي من بني عمّون رج 1مل 14 :21-30 هو أيضًا ابن زنى مثل موآب، تك 19 :38 ) وأم رحبعام. مع التشديد على أن أم رحبعام هي غريبة (رج 2أخ 12:13. نتذكر أن هناك شجبًا لما فعله سليمان. وهنا تبدو نعمة في صورة مشرقة). إن "نعمة العمونيّة"، صارت "نعمة اليهودية" التي ترافقها "راعوث الموآبيّة". وهكذا اجتمع نسل لوط (من زنى. تك 19 :30-38) مع نسل يهوذا، فكان لنا سفر راعوث، ذاك الخبر التقويّ، الذي سيدخل في سلالة المسيح.
ثانيًا : راعوث. هناك من قال إن راعوث تعني الرفيقة. نشير إلى أن هذا الاسم يرد 12 مرّة في را، وقد يرتبط بفعل "روى" وارتوى بخيرات الله. رج إر (3 :12 وتكون نفسهم كجنّة ريّانة "مروّية"؛ إش 58:11 (أقوِّي عظامك وأجعل حياتك كجنّة ريّا ونبع دائم) "حياتهم". ما قاله الانبياء من أقوال في زمن المنفى، يتم في النهاية. وهكذا تبدو رمزيّة اسم راعوث واضحة : دور الأمم مهمّ جدًا في مجيء العهدالمسيحاني، في النهاية.
ونستطيع أيضًا أن نتوقّف عند سائر الاسماء. إليمالك أو الله هو ملكي. في الواقع، ذهب إلى موآب، حيث " م ل ك" أو ملكوم هو الإله. وهكذا خان ربّه وصار إلى الموت. ابنهالاول محلون هو الضعيف والمريض.والثاني كليون هو الكليل والذاهب إلى الموت. لهذا مات الثلاثة في أرض موآب بعد أن خانوا العهد وماتوا عن الربّ. أما بوعز فهو القويّ الذي يتّخذ قرارًا بسرعة بحيث لا تنطفىء السلالة التي توصل إلى داود وبالتالي إلى المسيح. وعرفة هي التي تدير ظهرها. كان بإمكانها أن تتوجّه إلى الربّ، كما فعلت سلفتها راعوث، ولكنها عادت إلى العالم الموآبي بعد أن فتحت لها الطريق إلىالعهد. ولكنها لم تفعل، فغاب ذكرها وكأنها لم تكن.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|