الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: إرتداد، (الـ)

فكرة الارتداد والتوبة، فكرة التبدلّ الجذريّ في الاتجاه، نعبّر عنها بفعل "ش و ب". رج في العربيّة : تاب، ثاب. في اليونانيّة نجد "ميتانويا" (أع 3:19) التي تتحدّث عن تبدلّ في العقليّة، ورغبة في الميل عن الشرّ. وهناك "إبيستروفي" و "إبيستروفاين" اللذين يعبّران عن تبديل في الاتّجاه، وتترجمان "شوب" العبريّ. إذا انطلقنا من العهد القديم، وجدنا أنّ تاريخ الشعب العبراني مليء بخيانات تجاه الربّ، بخيانات جماعيّة وفرديّة ستكون سبب دمار بيت اسرائيل (2مل 17 :7-18) وسيندّد بها حزقيال بقوّة (حز 16). شدّد الأنبياء على المسؤوليّة الشخصيّة لدى الأفراد، فدعوا كلّ واحد،الى الرجوع والتوبة ((إش 30:15؛ إش 55:7؛ إر 18:11؛ (حز 18:30-32؛ حز 33:11؛ 14-16). كما دعوا كل جماعة بني اسرائيل (حز 18:30-32). ذكّر الأنبياء أنّ التوبة التي هي ينبوع حياة جديدة للنفس (حز 18:27) ترضي الربّ (حز 18:23). فشدّدوا على الرحمة اللامحدودة لدى الخالق الذي لا يُسرّ بموت الأشرار، بل برجوعهم الذي هو ينبوع خلاص (إش 30:15؛ رج هو 2 :9). لا ينحصر هذا الخلاص في شعب اسرائيل وحده، بل يعني البشريّة كلّها وقد دُعيت هي أيضًا إلى التوبة ((إش 19:22-25؛ إش 45:1-25؛ 66 :18-21) التي ستكون شاملة، كما قال طوبيت لابنه طوبيا : "وتعود جميع الأمم إلى مخافة الربّ". (طو 14 :6) وفي العهد الجديد، بدت كرازة يوحنا المعمدان في جوهرها نداء إلى التوبة (ميتانويا، مت 3:2؛ مر 1:4). احتلّ الاهتداء حيّزًا هامًّا في تعليم يسوع، وهذا ما تشدّد عليه أمثلة الرحمة (لو 15) : الخروف الضال، الدرهم الضائع، الابن الشاطر. غير أنّ التوبة التي تتيح لنا الحصول على غفران الخطايا، يجب أن تقود إلى تبديل في الحياة. هذا ما يوضحه بولس بشكل رائع في الدفاع الذي قدّمه أمام الملك أغريباس : تحدّث عن الرسالة لدى الأمم الوثنيّة، كما تسلّمها من المسيح، فأشار إلى عنصرين يكوّنان الاهتداء : "داعيًا إلى التوبة" (ميتانواين) والرجوع (إبيسترافاين) إلى الله والقيام بأعمال تدل على التوبة" (أع 26:20). من لم يبدّل حياته تبديلاً جذريًّا (لو 13 :24)، من أراد الهرب من الباب الضيّق، كان تجديده وهمًا وسرابًا (عب 6:4-8؛ رج 1كور 9 :24-27). إنّ الاهتداء الحقيقيّ يجعل النفس تعبر من الظلمة إلى النور (يو 12 :35-36؛ أع 26:18؛ أف 5 :8؛ 1تس 5:4-10؛ 1بط 2:9). إنّه ولادة جديدة، ولادة الإنسان الجديد الذي خُلق حسب الله "في البرّ وقداسة الحقّ" (أف 4 :22-24؛ كو 3:1-4، 9-10 : رج يو 3 :3-8). ومثَل الراعي الصالح الذي جاء لتكون لنا الحياة وتكون وافرة (يو 10 :10) يصوّر شموليّة دعوة الله إلى الاهتداء والتوبة. وكتب بولس إلى تلميذه تيموتاوس : "الله مخلصنا الذي يريد أن يخلص جميع الناس ويبلغوا الى معرفة الحق" (1تم 2:3-4؛ رج غل 3 :8). الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية