1) أنواع الزراعة. ارتبطت الزراعة بتربية الغنم والمعز، فلعبت دورًا هامًا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين. وهذا ما تشير إليه البيبليا. وحسب الحقبات التاريخية والمناطق، هناك أنواع من الزراعة، ونحن نميّز ثلاثة. (1) زراعة السهل. الحبوب في سهل الفلسطيين وفي سهل يزرعيل. أرض خصبة ولكنها تخصّ الدولة أو الملاّكين الكبار. (2) زراعة الهضبات في الجليل والسامرة وشفالة. هي تستغلّ التربة الخصبة في الوديان، وتزرع في الجلال الكرمة وسائر الأشجار المثمرة. مثل هذه الزراعة تمارسها العيلة بأفرادها في منظار شبه مستقلّ حسب القول المأثور : "كل واحد تحت كرمته وتحت تينته" (1مل 5 :5؛ رج 2مل 18 :31؛ إش 36:16). زراعة المناطق الشبعه صحراوية. في النقب وبريّة يهوذا. قد تصبح هذه الأراضي خصبة إن رُويت بواسطة الآبار والسدود. نظّم هذه الزراعة الملك عزيا (القرن 8) : "وبنى أيضًا أبراجًا في البرية وحفر آبارًا كثيرة ( بئر )... لأنه كان يحبّ الأرض" (2أخ 26:10؛ رج 1أخ 27 :2-31).
2) الغلال. النتاج الزراعيّ في فلسطين وافر ومتنوّع كما في حوض البحر المتوسط. لهذا قيل : أرض تدّر لبنًا وعسلاً ((خر 3:8؛ خر 13:5؛ 33 :3؛ لا 20 :24؛،(عد 13:27؛ عد 14:8؛ 16 :13؛ (تث 6:3؛ تث 11:9؛ 26 :9، 15؛ 27 :3؛ 31 :20؛ يش 5 :6؛ (إر 11:5؛ إر 32:22؛ حز 20:6، 15). هناك الحنطة (تصدّر إلى فينيقية، 1مل 5 :25) و الشعير المرتبط بالقمح (تث 8:8) من أجل الطحين (عد 5:25) والخبز (قض 7 :13). وهناك العدس (ع د س ي م، تك 25 :34؛ 2صم 17:28؛ 23 :11) والكتّان (خر 9:31؛ يش 2 :6 حز 27 :7) من أجل صناعة الثياب. أما في الاشجار، فالكرمة تأتي في الدرجة الأولى (العنب والخمر). ثم الزيتونة (يصدّر الزيت إلى فينيقية، 1مل 5 :25؛ 2أخ 2:9) أو إلى مصر (هو 12 :2). والتين (تك 3 :7؛ تث 8:8) واللوز والرمّان (تث 8:8؛ 1صم 14:2) والتفّاح (يوء 1 :12؛ نش 2:3، 5؛ 7 :9؛ 8 :5) والنخيل (ت م ر، خر 15:27؛ لا 23 :40؛ قض 4 :5؛ يوء 1 :12) في منطقة أريحا بشكل خاص (تث 34:3). ونذكر أيضًا العسل وما ينتج من رعاية الماشية : لبن، زبدة، جبنة، لحم، صوف.
3) أعمال الحقل. تُذكر مرارًا في الكتاب المقدس، وكانت تمتدّ على السنة كما يقول كلندار جازر. كانت السنة تبدأ بالفلاحة (ح ر ش، تك 45 :6؛ خر 34:21؛ 1صم 8:12) التي تتمّ في نهاية الخريف، بواسطة محراث يجرّه حمار أو ثور (لا يكون الاثنان معًا، تث 22 :10). بعد هذا، يأتي رمي البذار ثم القطاف والحصاد. وفي نهاية الخريف، يُجمع التين والزيتون.
4) الزراعة والديانة. يُقدّم الشغل في الأرض (في البيبليا) على أنه مسؤوليّة الانسان منذ الخلق (تك 2 :15). والخطيئة لم تُلغِ هذه المسؤوليّة، ولكنها جعلت الأرض ملعونة والعمل مضنيًا (تك 3:17-19).
وتشرّب عالم الزراعة بالديانة : فكلندار الأعياد ارتبط بأعمال الحقل في الفصول، ودلّت طقوس الأعياد على هذا الرباط. مثلاً، عيد الفطير، في زمن الفصح، جُمع مع تقدمة أول حزمة في الحصاد (لا 23 :9-14). وتقديم الرغيفين المصنوعين من الحنطة الجديدة مع الخمير (لا 23 :17)، يدلّ على عيد الاسابيع الذي هو أيضًا عيد حصاد القمح. وصنعُ الأكواخ بأغصان الشجر يدلّ على عيد المظال، عيد القطاف (خر 23:16؛ 34 :22).
بشكل عام، وجب على الزراعة أن تدلّ على عرفان جميل دينيّ في تقدمة البواكير أمام مذبح الربّ (تث 26:1-4) و العشور من أجل الهيكل واللاويين والفقراء (تث 26:12-13). ووجب على الفلاّح أن يترك لهم في حقله بعض الغلة (تث 24:19-21) ليلتقطوها. كل هذه الطقوس تدلّ على امتنان للاله الذي بارك الانسان في غلّته. أما الغلّة الرديئة فكانت علامة العقاب (تث 28:38-41) كما يقول الأنبياء (هو 2 :11؛ يوء 1؛ عا 4:7-9). وعاد الأنبياء إلى العمل الزراعيّ ليأخذوا منه صوراً تحمل تعليمهم. مثلاً، نشيد الكرمة في إش 5:1-7؛ رج (إش 28:24-28؛ إش 55:10؛ سي 38 :25-26.
ومشاهد الحياة الزراعيّة نجدها في تعليم يسوع، ولا سيّمَا في الأمثال : مثل الزارع، مثل الزؤان، وحبّة الخردل (مت 13 :3ي وز)، مثل العمّال المرسلين إلى الكرم (مت 20 :1ي)، مثل العمّال القتلة (مت 21 :33 ي). وهناك استعارات مثل استعارة القطاف والحصاد (مت 9:37-38؛ لو 10 :2؛ يو 4 :35-38؛ رج رؤ 14 :15). وذكر يع 5 :4 واجب دفع الأجرة للعمّال الزراعيين في وقته. وطبّق 1كور 9 :9 و1تم 5 :8 بشكل انساني شريعة تتعلّق بدراسة الحب، على الذين يعملون من أجل كلمة الله (1كور 3:6-9).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|