الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: زواج، (الـ)


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

1) في العهد القديم.

(أ) البوليغاميّة (أو تعدّد الزوجات) والمونوغاميّة (أو الزوجة الواحدة). مع أنّ خبر العيلة الأولى (تك 2:21-24) يعكس ممارسة الزواج الاحادي (زوجة واحدة للرجل)، فتعدّد الزوجات اعتبر أمرًا عاديًّا (تث 21:15). والعدد الحقيقيّ للزوجات يرتبط بالوضع المالي للرجل : فالأغنياء، والملك، يمتلكون عددًا كبيرًا من الحريم ((2صم 3:2-5؛ 2صم 5:13؛ 12 :8؛ 15 :16؛ 16 :21-22؛ 20 :3؛ 1مل 11 :3؛ 20 :3-7؛ 2مل 24 :15؛ 2أخ 11:21، 23؛ 13 :21؛ 24 :3). والبيغامية أي يكون للرجل امرأتان، لم تكن أمرًا نادرًا (تك 22 :20-24؛ 29 :15-30؛ 30 :1-9؛ 36 :11-12؛ تث 21:15؛ 1صم 1:2 : 2أخ 24 :3). ولكن العدد الكبير من الناس ما كان يستطيع أن يسمح لنفسه إلاّ بامرأة واحدة. وهكذا نجد في الأسفار الحكميّة (ما عدا سي 37 :11) لوحة مجتمع مونغامي ((أم 5:15-19؛ أم 12:4؛ 18 :22؛ 19 :14؛ 31 :10-31؛ جا 9:9؛ سي 26 :1 4). والزواج الأحادي هو الذي يلهم تمثّل الأنبياء لإسرائيل كالزوجة الوحيدة التي اختارها يهوه (إش 50 1؛ 54 6-7؛ 62 :4-5؛ إر 2:2؛ هو 2:4-5). هذا مع أنّ صورة الزواج بأختين تظهر في إر 3:6-11؛ حز 23. وما كان يدفع الرجل إلى اتّخاذ امرأة ثانية، هو الرغبة بأن يكون له أولاد عديدون. وهذا السبب يدخل بشكل خاص حين تكون المرأة الأولى عقيمة، أو أنّها لم تنجب لزوجها سوى البنات. بالإضافة إلى ذلك، فالمرأة تقدّم عمل يديها لزوجها. وحين تنجب عددًا كبيرًا من الأولاد، فهي تذبل بسرعة.

(ب) عقد الزواج. إنّ تواتر الزواج الاحادي أو البيغامي (زوجتان) يرتبط بتكاليف ترتبط بعقد الزواج. فعلى العريس أو والده أن يُؤمّن للأب أو للوصيّ تعويضًا ماليًّا يسمّى "المهر". وبعد أن يؤمّن هذا الشرط الأول، يُعقد الزواج، وتسلّم (تك 31 :15) الفتاة إلى "سيّدها"، إلى بعلها (تك 20 :3؛ تث 22:22). والمهر الذي قد يتنوّع بحسب متطلّبات الوالد (تك 34 :12) أو الوضع الاجتماعي للعائلة (1صم 18:23)، يقدّم بشكل أغراض أو مال (خر 22:16). وقد يحلّ محلّه عملٌ عظيم، كما فعل داود مع ابنة شاول (1صم 18:17-27) وعتنيئيل مع ابنة كالب (يش 15 :16-17؛ قض 1:12-13). حينئذٍ كانت تعطى الفتاة بشكل جائزة ومكافأة. وكان عدد من أشهر أو سنوات عمل تحلّ محلّ المهر. هذا ما فعل يعقوب لكي يتزوّج ليئة وراحيل (تك 29:15-30). وكان بالإمكان مبادلة فتاة بفتاة، وهي عادة رجع إليها بنو شكيم حين تزوّجوا من بني يعقوب دينة أختهم. ويسمّيها العرف في شرق الأردن : بدل (تبادل).

هذه الترتيبات المختلفة قد اعتُبرت تعويضًا لعائلة الصبيّة لخسارة "شخص" يعمل في البيت بدون أجر أو وسيلة علاقات مفيدة. فيجب أن لا ننسى أنّ الصبيّة تمارس وظيفة اقتصاديّة في العائلة، فترعى القطعان (تك 29:6-9)، وتستقي الماء من العين (تك 24 :11-16؛ 1صم 9:11)، وتلتقط الحبّ وراء الحصّادين (را 2:2). بالإضافة إلى ذلك، فالزوج صاحب الحالة الرفيعة، يجلب على عائلة الفتاة منافع ماديّة وشهرة وكرامة. وحين نفهم المهر بهذا الشكل، نعرف أن لا قيمة له إلاّ في مجتمع تترك فيه المرأة والديها لتعيش في كنف زوجها. وهناك ممارسة مختلفة نجدها في قض 8 :31؛ 14 :1 حيث المرأة تبقى في عائلتها. ولكن نلاحظ أن زوجة جدعون الشكيميّة هي "سرية" (قض 8 :31)، وزوجة شمشون هي امرأة فلسطيّة من تمنة (قض 14). إذن، نحن أمام زواجات من نمط غريب عن العالم السامي، وإن وُجدت حالاتٌ تدلّ على وجوده.

(ج) البلوغ وأهليّة الزواج. هو عادة في سن الرابعة عشرة. ولكن قد تزوّج الفتيات قبل ذلك الوقت، في عمر 5 سنوات (لا 27 :5). وقد يتمّ الزواج قبل أن تصل الفتاة إلى وقت البلوغ. وتُذكر نساء عديدات لم يلدن : راحيل أخت ليئة (تك 29 :31)، حنّة المفضّلة (1صم 1:5). ولكن هذه النساء لم يصلن بعد إلى النضوج. ولما وصلن حبلن. أما الصبيان، فينصح الوالد بأن يزوّجهم منذ الصغر (سي 7 :23 حسب العبريّة). وتقول الشرائع الأشوريّة إنهم يستطيعون أن يتزوّجوا في عمر العشر سنوات. وهكذا نفهم أن يترتّب الزواج عادة بين الوالدين (تك 24؛ 34 :4-6؛ 38 :6؛ تث 7:3؛ قض 14:2-3) ولا سيّمَا في ما يتعلّق بالمهر (تك 29 :15-16؛ 34 :12). وأن لا تُطلب موافقة العروسين من أجل صحّة الزواج.

(د) مراسم الزواج. إن الدفع الكامل للمهر هو الذي يعقد الزواج على المستوى القانونيّ. فبعد هذا الوقت صار الزواج "مقرّرًا" وإن لم تنتقل العروس بعدُ بشكل احتفاليّ إلى بيت زوجها (قد يكون السبب صغر سنّها). ولكن حتى في هذه الحالة، كانت الفتاة زوجة شرعيّة بكل معنى الكلمة (تث 22:24؛ رج 2صم 3 :14). إذن، من ضاجعها اعتبر عمله زنًى زوجيًّا (تث 22:23-27). اللفظة التي تدلّ على زوجة لم يتمّ زواجها هي "الخطيبة" (م و ر ش هـ - هي موروثة). والزوجة التي تدخل بشكل احتفالي إلى بيت زوجها (مز 45:14-16؛ إش 61:10) تصبح على مسؤوليّة الزوج الذي يهتمّ بها ((تث 20:7؛ تث 24:1؛ رج تك 20 : 3)، يمتلكها ((تث 21:13؛ تث 24:1؛ ملا 2 :11). ويتمّ عمل الزواج منذ الليلة الأولى (تك 29 :23؛ طو 8 :1). بعد ذلك تصبح الزوجة "بعلة بعل" أي مملوكة لزوجها (تك 20 :3؛ تث 22:22) أو "ملكه" ((إش 54:1؛ إش 62:4؛ سي 9 :19). حين تركت الفتاة البيت الوالدي، حملت معها بقجة ثيابها (تك 31 :15) وقسمًا من المهر الذي دفعه زوجها لأبيها. فالجهاز وهذا المال القليل يعودان إلى المرأة إذا حصل طلاق. وتبدو خصائص هذا النظام "المهري" في عقود الزواج في مدوّنات جزيرة الفيلة (الفنتين) التي تعود إلى مستوطنة يهوديّة أراميّة خلال القرن الخامس ق.م. كيف يحلّ الزواج، كيف يُفسخ؟ بالطلاق أو بموت أحد الزوجين. فالزوج يستطيع أن يطلّق امرأته فيرسل إليها كتاب طلاق. ولكن حسب وثائق جزيرة الفيلة، فالمرأة يحقّ لها أيضاً أن تأخذ مبادرة الطلاق. وحين يموت الزوج، لا تصبح المرأة أرملة بشكل آلي في المعنى الشرعيّ للكلمة. فترتيبات شريعة السِلفيّة وواجبات الأولاد الكبار بإعالة أمّهم في حاجاتها، تجعل المرأة تقيم في عائلة زوجها المتوفّي. فإن تركت البيت الزوجي، حملت معها مهرها. ولكن لا يحقّ لها بميراث من زوجها، ولا سيّمَا على مستوى الأملاك غير المنقولة، التي يجب أن تبقى في العشيرة.

2) في العالم اليهودي وما بين العهدين.

(أ) المراسيم. سمّي الفعل الذي يقيم الرباط الزوجي "قيدوشين" (تقديس). والفعل "قدّس امرأة" يُستعمل في المشناة ليقول بأن رجلاً تزوّج امرأة (قيدوشين 2 :14). ليس الزواج سرًّا كما في المسيحيّة. ولكن عقد الزواج انتقل هكذا من المجال الدنيويّ والقانونيّ الصرف إلى العالم القدسيّ. ونظرة حكماء اليهود عن العلاقات الجنسيّة، قد أوجزها يوسيفوس بما يلي : "لا تقبل الشريعة أية علاقة جنسيّة (لحميّة) خارج الاتّحاد الطبيعيّ بين الرجل والمرأة، وذلك من أجل إيلاد البنين" (ضد ابيون 2 :129). ووُجدت ثلاثة إجراءات لعقد الزواج : دفع المهر كما في العهد القديم. اتّفاق مع عقد مكتوب. توافق واكتمال الزواج (المشناة، قيدوشين 1 :1).

(ب) أهليّة الزواج. سيطر الخوف من الفجور، فنُصح الأهل بأن يزوّجوا ابنتهم منذ عامَها الاثني عشر، وابنهم في عامه الثامن عشر (مش، ابوت 5 :21)، واعتبار عامه العشرون كآخر حدّ مقبول (تل بابل قيدوشين 29ب، 30أ). وتعلمنا مدوّنة يهوديّة وُجدت في رومة، بأنّ دوميسيا ماتت في عامها التاسع عشر، وكانت قد عاشت مع زوجها سبعة أعوام. وامرأة يهوديّة أخرى، يونيا سابينا، ماتت في عامها الثامن عشر بعد أن عاشت مع زوجها ثلاث سنوات. غير أنّ هناك مدوّنات عديدة تذكر "عذارى" مُتن في أعوام تتراوح بين 15 و 19 عامًا. لكنّ هذه الإشارة تدلّ على أنّهنّ اعتُبرن ناضجات للزواج. واليهودي انتيروس (22 سنة) ترك أرملة عاش معها ستّة أعوام من الحياة الزوجيّة. حالته كانت الحالة العاديّة في المجتمع اليهوديّ. أمّا نظام الجماعة في قمران ففرض على الزوج أن لا يكمل زواجه قبل أن يتمّ العشرين من عمره (1 :9-11).

(ج) حلّ الزواج وفسخه. الأمانة الزوجيّة أمر لا نقاش فيه، أقلّه من جهة الزوجة. والزنى كان في عداد الجرائم الرئيسيّة التي تستحقّ القتل. أمّا الزوج فما كان ينال عقابًا إن كانت له علاقات جنسيّة مع امرأة أخرى. مع جارية أو مع عاهرة. ذاك كان الامتداد الطبيعي للبوليغاميّة : فحسب شريعة التلمود، يحقّ للرجل أن يتزوّج من النساء قدر ما يستطيع أن يعيل. ويوسيفوس الذي كان له عدّة نساء أكّد أنها "عادة قديمة عندنا بأن يكون لنا نساء عديدات في الوقت عينه" (العاديات 17 :1؛ الحرب اليهوديّة 1 :177). نجد أنّه وُجد تيار مونوغامي (زوجة واحدة للرجل) ظهر في كتابات الاسيانيّين. حسب وثيقة صادوق (أو : دمشق) (4 :20-5 :2)، لا يحقّ للرجال أن يأخذوا امرأتين في وقت واحد. وهكذا شجبت جماعة قمران كل بوليغاميّة، بل منعت الطلاق الذي يتبعه زواج ثان إن كانت المرأة الأولى لا تزال على قيد الحياة. وما يثبت هذا التفسير هو درج الهيكل (57 :15-19) الذي وُجد في إحدى مغاور قمران. فهذا المقطع الذي يعني الملك، يمنع الزواج المختلط (يهوديّ وغير يهوديّة أو العكس بالعكس)، وتعدّد الزوجات والطلاق : "لا يأخذ امرأة من بنات الأمم، بل يأخذ فقط امرأة من بيت أبيه، من عشيرة أبيه. ولا يأخذ فوق هذه امرأة أخرى، لأنّها وحدها تكون له جميع أيام حياته. وإن ماتت، يأخذ امرأة أخرى من بيت أبيه، من عشيرته". نلاحظ أنّ هذا النصّ لا يقبل إلاّ بالزواج داخل العشيرة (اندوغامي). ويقيّد ما يتعلّق بتعدّد الزوجات والطلاق. وهكذا يبتعد بوضوح عن التقليد الرابينيّ الذي يسمح بتعدّد الزوجات والطلاق. لا شكّ في أنّه داخل العالم الرابينيّ، منعت مدرسة شماي ورابي اليعازر بن هرقانوس في يبنة (يمنية) الطلاق إلاّ في حال زنى الزوجة (مشناة، جتيم 9 :10). غير أنّ مدرسة هلاّل شدّدت على حريّة الزوج بأن يطلّق امرأته، حتى لو أحرقت له حساءه. أو كما قال رابي عقيبه : إذا وجد امرأة أجمل من امرأته، يحقّ له أن يطلّق امرأته. هذا التعبير المتطرّف يُفهم في نظرة هجوميّة من العالم اليهوديّ ضدّ المسيحيّة وأفكارها في أيام ابن الكوكب. يكفي أن نذكر هنا إعلانات يوستينوس الشهير المناوئة لليهوديّة. فقد كان من شكيم وعاصر ابن الكوكب. وقد عرف هذا التباعد المتبادل بين العالم اليهوديّ والعالم المسيحيّ خلال القرن الثاني.

3) العهد الجديد. إذا وضعنا جانبًا قضيّة الطلاق وعزوبة يوحنا المعمدان ويسوع وبولس، لا نجد النصوص الكثيرة في العهد الجديد، التي تجدّد في ما يخصّ الزواج. وإذا كان 1تم 3:2، 12؛ 5 :9؛ تي 1 :6 يفرض على الأسقف والشماس والأرملة أن يكونوا تزوّجوا مرّة واحدة (لا أكثر)، فإن 1تم 4:3 تشجب الغنوصيّين الذين يمنعون الزواج. وإن 1تم 5:14 ينصح الأرامل الصبيات بأن يتزوّجن من جديد، عكس ما قال بولس في 1كور 7 :8، 40، ساعة كان ينتظر المؤمنون عودة المسيح القريبة. أما بالنسبة إلى بولس، فهو يفضّل بالنظر إلى التعليم الذي يكرز به، أن لا يتزوّج الإنسان. مع أنه من الأفضل أن يتزوّج من أن يحترق (1كور 7:1-9). لقد اعتبر بولس أن الحياة الزوجيّة لا تسمح للإنسان بأن يتكرّس بكليته لما هو للرب (1كور 7 :32-34؛ رج مت 19 :12). فوجهته تقابل وجهة الاسيانيّين الذين (كما قال يوسيفوس، الحرب اليهوديّة 2 :120-121) احتقروا الزواج بالنسبة إليهم، ولكنّهم لم يلغوه (الحرب 2 :160). ولكنّنا نسمع كلامًا آخر في أف 5 :22-33 : فيه يشبّه اتحادُ الرجل بالمرأة، باتحاد المسيح بكنيسته.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.