1) أصل هذه الترجمة : اختلف السامريون عن اليهود الذين ضمّت التوراة عندهم الشريعة والأنبياء والكتب، فما قبلوا من الكتاب المقدّس سوى البنتاتوكس في نسخة عبريّة خاصّة بهم. هذا الحصر يفهمنا أن اختيار هذا القسم دون القسمين الآخرين، قد تمّ قبل أن يدخل "الأنبياء" (السابقون واللاحقون، يش، قض، صم، مل، أش، إر، حز، الاثنا عشر) في اللائحة القانونيّة سنة 200 ق.م. فالكتاب ضروريّ من أجل شعائر العبادة. ونحن نعلم من 2مك 6 :2 أنه وُجد منذ القرن الثالث ق.م. على جبل جرزيم، هيكل سامري يزاحم هيكل أورشليم. إنّ نصّ هذا البنتاتوكس قد تثبّت بشكل نهائي لدى السامريّين في القرن الأول ب. م. أمّا العالم اليهوديّ الرابيني، فقد حدّد اللائحة القانونيّة في يمنية حوالي سنة 90 ب.م.
2) ميزة هذه الترجمة : لسنا أمام ترجمة بحصر المعنى، لأنّ لغة النسخة السامريّة هي شكل من العبريّة لا تختلف عن النصّ الماسوريّ إلاّ ببعض اختلافات إملائيّة، ترتبط بلهجة من لهجات اللغة. إذن، تبدو النسخة السامريّة إعادة نسخ النصّ العبري في أبجديّة العبرانيّة القديمة القريبة من الفينيقيّة. أمّا التبديلات التي قام بها السامريّون، فقد تمّت على مقاطع معدودة توافق جماعتهم، أو تخلّص النصّ من الصور الانتروبومورفيّة (تشبّه الله بالإنسان) في الحديث عن الله. في عهد لاحق، وُضعت الحركات (شكّل النص) على النصّ السامريّ، على ما حدث لدى اليهود في بابل. وبفضل قواعد دقيقة جدًّا تُحدّدُ عملَ الناسخين للنصّ المقدّس لدى السامريّين، انتقلت هذه النسخة (التي ما زالت تكتب باليد في أيامنا) بأمانة كبيرة - وبشكل مستقلّ عن نصّ الجماعات اليهوديّة، بحيث شكّلت أداة مميّزة للنقد النصوصي بالنسبة إلى البنتاتوكس العبري. هناك 6000 اختلافة عن النصّ العبري. منها 1600 تتوافق مع السبعينيّة. وهكذا تكون التوراة السامريّة أقدم من النصّ الماسوري، وفي مرات عديدة، أكثر صحّة وضبطًا.
3) تأثير هذه الترجمة وشهودها : حُصرت هذه الترجمة في جماعة السامريّين، فكانت أساسًا لترجمات قاموا بها إلى اليونانيّة والأراميّة والعربيّة. جهل الغرب هذا النصّ حتى بداية القرن السابع عشر. ثمّ كانت المخطوطات قليلة العدد لأن السامريين جماعة ذاهبة إلى الانقراض. أمّا أقدم مخطوط فقد حُفظ في كمبريدج (انكلترا) وهو يعود إلى القرن العاشر أو الحادي عشر. نشير أيضاً إلى بنتاتوكس يُعتبر أنّ كاتبه هو أبيشوع بن فنحاس. فهذه اللفيفة المشهورة للتوراة قد ذُكرت للمرّة الأولى في حوليّات أبي الفتح (1352)، وقد احتفظ بها السامريّون في نابلس في منزل عظيم الكهنة. وحسب الكولوفون الذي يبدو بشكل كتابة مرموزة تتألّف من حروف انفصلت عن النصّ في تث 6:10-13 :19، نفهم أنّ هذا المخطوط قد نسخه ابيشوع بن فنحاس ابن حفيد موسى في "السنة الثالثة عشرة لإقامة بني اسرائيل في أرض كنعان" (تاريخ عجيب). يعود تاريخ هذا المخطوط إلى القرن الرابع عشر. ولكن أقدم ما فيه (عد 35 :1ي حتى نهاية تث) يعود إلى القرن الحادي عشر.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|