هو اسم أعطي لشكل أدبيّ من التفسير الكتابي وُجد في العالم البيزنطيّ. أما لفظة "سلسلات" (كاتينا) فتعود إلى اللاتينيّة وتعني "مختارات تفسيريّة" أو "مجموعة من التفسيرات". السلسلة هي تجميع مختارات مأخوذة من التفاسير والعظات والشروح حول الكتاب المقدّس. يُذكر اسم الكاتب الذي أخذ منه هذا "التفسير"، ويُذكر غيره بالنسبة إلى آية من الآيات. وهكذا ينتقل "جامع" السلسلة من الآية الأولى إلى الثانية ثمّ الثالثة ذاكرًا ما قاله السلف.
هناك سلسلة بروكوبوس. في بداية القرن السادس ظهرت هذه السلسلة الجديدة من تفسير الكتاب في كنيسة فلسطين اليونانيّة. أمّا الذي استنبطها فهو "فيلسوف" مسيحيّ مشهور اسمه بروكوبوس الغزّي. ألّف "مختارات تفسيريّة عن الاوكتاتوس (8 أسفار، رج بنتاتوكس 5 أسفار) :1-2صم، 1-2 مل، نش، أم. جا، أش. عاد بروكوبوس إلى المكتبة المسيحيّة فأخذ من تفاسير الآباء التي تعود إلى القرون 3، 4، 5. وأخذ من المكتبة الوثنيّة، وهو العالم بالأدب اليونانيّ الكلاسيكيّ. نشير اليوم إلى أن سلسلة بروكوبوس قد ضاعت كلّها تقريبًا.
وهناك السلسلات الفلسطينيّة. تتوزّع هذه السلسلات في محطّتين كبيرتين. فالمحطة الأولى التي رأت ولادة السلسلات وتوسّعاتها الأولى، كان مركزها فلسطين : في غزة مع بروكوبوس. في قيصريّة في أول سلسلة على المزامير قام بها أحد تلاميذ بروكوبوس سنة 540. دارت هذه السلسلات حول أسفار العهد القديم لأنّها اعتُبرت غامضة. أمّا أسفار العهد الجديد فاعتُبرت واضحة. هل وُجدت كاتينات (سلسلات) في مصر ؟ كلا، على ما يبدو. ولكن وُجد بعضها في إيطاليا الجنوبيّة. وفي المحطة الثانية نجد السلسلات (الكاتينات) البيزنطيّة، التي كان مركزها القسطنطينيّة بشكل خاص والإمبراطوريّة البيزنطيّة بشكل عام. بدأت هذه المرحلة في السنوات 650-670 وتواصلت حتى سقوط الإمبراطوريّة. في بداية هذه الحقبة ظهرت سلسلات حول العهد الجديد. وما يميّز هذه السلسلات هو الأولويّة المعطاة ليوحنا الذهبيّ الفم. وحاول كل صاحب سلسلة أن يجدّد بالنظر إلى سابقيه. مثلاً، نيكيتاس الهركلي (حوالي سنة 1100) استعمل من أجل سلسلته حول المزامير 30 مؤلّفًا أهملها سابقوه. ثمّ هناك رباطات وثيقة بين العالم الأدبيّ البيزنطيّ وبعض السلسلات، ولا سيّمَا تلك التي تضمّ كاتبين أو ثلاثة. وما نلاحظه هو أنّ بعض "الجامعين" جمعوا ثلاث أو أربع سلسلات وزادوا عليها تفاسير أخذوها من الكتّاب، فصارت السلسلة "جمع الجمع".
ونطرح السؤال : هل هناك سلسلة تفسيريّة لجميع الأسفار الكتابيّة؟ ليس من تفسير للأسفار التاريخيّة بعد عز. وليس من تفسير لابن سيراخ ولا لسفر الحكمة. في العهد الجديد، لا نجد شيئًا حول مرقس. نفهم هذا الواقع حين نعرف أنّه لم يوجد تفاسير لهذه الأسفار الكتابيّة. فمن أين يأخذ "الجامع" مواده؟ بعد القرن العاشر، تخصّصت السلسلات في فن أدبي واحد : تفاسير، مواعظ، شروح. وهكذا صارت السلسلة مقلعًا يأخذ منه الكتّاب اللاحقون. هناك ما يقارب 200 سلسلة في اليونانيّة، وقد نُقلت إلى اللاتينيّة والسريانيّة والأرمنيّة والقبطيّة والعربيّة والحبشيّة. السلسلات مهمّة جدًّا لأنّها تعرّفنا بأشخاص ما كنّا لنعرفهم لولاها. مثلاً، تفاسير أبوليناريوس حول المزامير، تفاسير منسوية إلى أثناسيوس، تفاسير كيرلس الاسكندراني، وديديمس الأعمى وأوسابيوس القيصريّ (ما عدا مز 51:1-95 :3)، وأوغريس البنطي، وهاسيخيوس الأورشليمي (ما عدا بعض المزامير) وأوريجانس (ما عدا بعض المزامير) وتيودورس المصيصيّ.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|