هي تعداد نسل شخص من الاشخاص (الحقيقيين أو المعتبرين كذلك) بشكل شجرة عائلة أو في خط مباشر. تحتلّ سلسلات الانساب حيِّزًا هامًا في الكتاب المقدّس، وتلعب أكثر من وظيفة أدبيّة.
1) الوظيفة الادبية لسلسلة الانساب. استُعملت الانساب في العهد القديم لتدلّ على العلاقات بين اسرائيل والشعوب المجاورة من جهة، وبين مختلف عشائر اسرائيل ويهوذا من جهة أخرى. وقد استُعملت أيضًا لتضمّ إلى التقليد عناصر قديمة كانت في الأصل معزولة (مثلاً، تقاليد متعلّقة بالآباء). وقد أتاحت أيضًا أن تؤمّن الاستمراريّة في حقبات لا يُقدّم فيها التقليد أية معطية، وأن تقدّم الإطار لتنظيرات كرونولوجيّة (مثلاً، في تك 5 ربطت سلسلة الأنساب بين الخلق والطوفان). وقد عاد المدوِّن البيبلي إلى الانساب ليبيّن حقّ مجموعة خاصة بممارسة وظيفة من الوظائف : مثلاً، ربط المؤرّخ الكهنوتيّ المغنّين بكبرى العائلات اللاويّة (1أخ 16:18-32). واستعملت سلسلة الانساب أيضًا لتعطي شجرة أنسابية لوجيه من الوجهاء. في 1أخ 24:7، جُعل خطُ يوياريب (رج 1مك 2 :1) في رأس الفرق الكهنوتيّة مع أنه ليس بعائلة صادوقيّة. ويؤمّن النسب أيضًا كفالة رسميّة لنقاوة الكهنوت وتماسكه. في الحقبة اليونانيّة والرومانيّة، صارت الانساب مناسبة تنظيرات حول المسيح الملكي المرتبط بداود الذي هو الصورة المركزية في انساب 1أخ 1-9، وحول المسيح الكهنوتي في سلالة هرون. ونسبا يسوع في مت 1:1-17 ولو 3 :23-28 هما المثلان المفصّلان الوحيدان لهذه الأنساب التي تدلّ على معرفة بالتنظيرات الرابينيّة حول أصل المسيح. ومحاولات التنسيق بين نص مت ونص لو تحطّم النصّ، كما تدلّ على جهل للدور الذي لعبته سلسلة الأنساب في الفكر الديني في القرن الأول المسيحي.
2) أصل سلسلة الانساب. ^ أولاً : انساب حكواتيّة. تألّفت بعض أنساب تك بأسماء جاءت من تقاليد قديمة، وارتبطت في سلسلة لدى المدوِّن الكتابي. فنحن نجد مثلاً بقايا نسب في تك 4:17-22، وفي 45 :25-26. جاء المدوّن الكهنوتي للبنتاتوكس فجعل مجمل المعطيات في رسمة أنسابيّة تتميّز بلفظة "تولدوت"، ولادات (تك 5 :1؛ 6 :9؛ 10 :1؛ 11 :10، 27؛ 25 :12، 19؛ 36 :1، 29؛ 37 :2؛ عد 3:1) التي استعملت حتى بالنسبة إلى السماء والأرض (تك 2 :4أ). هذا الكاتب دوّن سلسلة تك 5 (رج 6:10)، كما دوّن لائحة الشعوب (تك 10)، وكمّل سلسلة تك 11:10-32، وتك 25 :12-20؛ 36 :1-37 :2أ؛ 46 :8-27؛ عد 3:1-4. هناك عناصر تعود إلى تقاليد قديمة وترتبط بأنساب القبائل.
ثانيًا : انساب قبليّة. فالعلاقات بين مختلف القبائل والعشائر (حتى التي تحضّرت منها)، يعبَّر عنها بواسطة لائحة الأنساب التي تورد في لائحة واحدة : رئيس العائلة، رئيس العشيرة، اسم المكان، اسم الواحة. فقد كان لكل قبيلة تقاليدها حول الجدّ الذي تعتبر أنها تحدّرت منه. وعُبّر عن العلاقات بين مختلف القبائل بالقرابة. هذه الانساب التي قد تكون صحيحة حين تكون المجموعة صغيرة، تصبح اعتباطيّة ومصطنعة حين تمتدّ في الزمان والمكان. في العهد القديم، نجد نمط الانساب الاهم في 1أخ 1-9، حيث استعاد المؤرّخ الكهنوتيّ أنساب حكواتية من تك 5؛ 11. كما أخذ لائحة الشعوب (تك 10). واستفاد أيضًا من انساب عائليّة لدى داود (1أخ 2:10-15؛ 3 :1-24) وشاول (1أخ 8:33-40؛ 9 :35-44)، ومن لائحة عظماء الكهنة المركبّة من عناصر متفرّقة (1أخ 5:27-41).
ثالثًا : أنساب عائليّة. نقل العهد القديم أيضًا أنساب الوجوه التاريخيّة الكبرى : داود (را 4:18-22). ونسب أشخاص أقلّ أهميّة مثل الكاتب شافان (2مل 22 :3) أو مردخاي (أس 2:5). ليست القيمة التاريخيّة لهذه الأنساب هي هي، وقد ترتبط بكل وضع بمفرده، كما بالفن الأدبيّ الذي يشكّل النسب جزءًا منه.
3( تبدّلات أنسابية. قد يرد اسم من الأسماء في لوائح أنسابيّة مختلفة مع رباطات دم متنوّعة. مثلاً، أرام هو أبو عوص في تك 10 :23. ولكنه ابن أخي عوص في تك 22 :20-21. قورح هو ابن عيسو في تك 36 :5، 14، 18، وهو حفيده في تك 36 :16. رام هو شقيق يرحمئيل في 1أخ 2:9. وهو ابنه في 1أخ 2:27. وقد يرتبط الاسم الواحد بمجموعات اتنيّة وقبليّة مختلفة. نجد زارح وقورح وقناز في تك 36 بين الادوميين. ولكنهم صاروا جزءًا من قبيلة يهوذا في 1أخ 2:4. ارتبط بريعة بافرايم في 1أخ 7:23، ولكنه ابن أشير في تك 46 :17. حصرون هو ابن رأوبين في تك 46 :9 وحفيد يهوذا في تك 46 :12. هذه التبدّلات هي نتيجة تبدّلات في الظروف التاريخيّة. فالتقليد الذي ينقل معطيات تعود إلى حقبات وأصول مختلفة، لا بدّ أن يمزج الاسماء فيعمّ الغموض في بعض الحالات.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|