هي شجرة تعطي ثمرة الحياة. شجرة من شجرتَي الجنة. غُرست في وسط الفردوس (تك 2 :9). وكان على ثمره أن يحفظ الانسان من الموت. وبما أن خبر الفردوس يريد أن يبيّن أن الموت هو نتيجة الخطيئة، أبعد الكاتب شجرة الحياة عن متناول الانسان الخاطئ، فأبعده عن الفردوس وجعل شرقيّ جنّة عدن الكروبيم مع نار سيف متّقد ليحرس طريق شجرة الحياة (تك 3:22-24). وبما أن الخبر يفترض أن الانسان مائت بطبعه (تك 2 :7؛ 3 :19)، رمزت شجرة الحياة إلى امتياز الخلود الذي هو نتيجة النعمة. هذا الرمز هو جزء من مجموعة صُوَر عُرفت في الشرق القديم : نبتة الحياة، طعام الحياة، الماء الذي يعطي الحياة.
في هذا الإطار، يتحدّث حزقيال عن أشجار مثمرة غُرست على شاطئ الماء الذي يخرج من المعبد، فكان ثمرها طعامًا وورقها دواء (47 :12). لا يتكلّم النبيّ بشكل واضح عن الخلود، شأنه شأن صاحب سفر الأمثال الذي يرى في سلوك موافق للحكمة شجرة حياة أي وسيلة من أجل النجاح والسعادة في الحياة ((أم 3:18؛ أم 11:30؛ 13 :12؛ 15 :4). هذا السلوك هو أيضاً ينبوع حياة أي ينبوع ماء يعطي الحياة ((أم 10:11؛ أم 13:14؛ 14 :27؛ 16 :22). ونجد الرمزين معًا (الشجرة التي تنمو على شاطئ الماء، مز 1:3؛ إر 17:8) في خبر الفردوس، وعند حزقيال الذي يتوسّع في الشرح الرمزيّ الذي أعطاه إش 8:6 عن الينبوع الرئيسيّ في أورشليم، ويتحدّث عن المعبد (حز 47:1-12؛ رج يوء 4 :18؛ مز 46:5؛ زك 14 :8). حين ننظر إلى الرمزيّة التي يقدّمها الانبياء بهذا الشكل، نراها قريبة جدًا من رمزيّة خبر الفردوس : إن مقام الرب في الهيكل وسط شعبه، هو ينبوع حياة للملك وللشعب. على مثاله، كان حضوره في الجنّة مع الانسان الأول.
وعاد موضوع شجرة الحياة في العالم اليهوديّ المتأخّر. فالأدب الجلياني يقرأ خبر البدايات كنبوءة عمّا سيكون في الآخرة : هم ينتظرون مسيحًا يفتح أبواب الفردوس ويُطعم القديسين من شجرة الحياة (وص لاوي 18 :10-11). ورأى تيّار روحي وحكميّ في شجرة الحياة رمزًا إلى الشريعة : من يحفظ فرائضها يحيا ويثبت كما تثبت شجرة الحياة في العالم الآتي (تر نيو تك 3 :24).
واستعادت رؤيا يوحنا هذه الآمال الاسكاتولوجيّة. ولكننا أمام اسكاتولوجيا دشّن يسوعُ المسيح بدايتَها : فُتح الفردوس من جديد وقُدِّمت للظافرين (أي شهود انتصار المسيح في الكون، رؤ 2 :7) ثمار شجرة الحياة، كما قدّمت للذين غسلوا حللهم (22 :14) أي الذين تنقّوا (تعمّدوا) بعمل المسيح. وسارت رؤيا يوحنا في خطّ التعليم النبويّ فجمعت رمزَيْ الفردوس والمدينة المقدّسة (22 :2، 14-19). نحن أمام صورتين ترتبطان بواقع واحد وحيد : الحياة الابديّة التي نعيشها في حضور الله المباشر.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|