في العبريّة، شجرة معرفة الخير والشرّ. ونبدأ بشجرة المعرفة ثم نصل إلى معرفة الخير والشرّ.
(1) في عدن، أنبت الله كل أنواع الشجر التي تلذّ للنظر وتصلح للطعام (تك 2 :9). والانسان المسيطر عليها (2 :16؛ 3 :2) سيستعملها لكي يختفي وراءها بعد الخطيئة (3 :8). أما استعمال لفظة "شجرة" مع أل التعريف فتشدّد على وظيفة محدّدة لشجرة من الشجرات. اتّخذت صفة سائر الاشجار، وأضافت صفة الفهم أو التمييز (3 :6). وُضعت هذه الشجرة في وسط الجنّة فحُرّمت على الانسان (3 :3؛ رج 3:11، 17). وجاء هذا التحريم في قلب الخبر (3 :6؛ رج 3:12).
نتعرّف في النص إلى شجرتين. الأولى، شجرة الحياة التي ستلعب دورًا في النهاية (2 :9؛ 3 :22-24). فالطرد من الجنّة يتوخّى منع الانسان من قطف ثمرة شجرة الحياة. هذا الرمز الذي توسّع فيه تاريخُ الديانات، قد استغلّته التوراة بأشكال متعدّدة ((أم 3:18؛ أم 13:12؛ 15 :4). أما شجرة المعرفة فلا تعود تظهر في التوراة، بل فقط في 2 :9، 17. وقد اعتبر الشرّاح أن ذكر هذه الشجرة أمر ثانويّ بالنظرة إلى معرفة الخير والشرّ.
(2) هنا نفهم أن لفعل "عرف" أكثر من معنى : على المستوى السحري أو الجنسي، أو العقليّ، أو العمليّ. و الخير والشرّ يعنيان واقعين منفصلين أو يدلاّن على الكليّة (كما نقول السماء والأرض). أما التفاسير فهي ثلاثة. الأول : معرفة الخير والشرّ تعني اقتناء الملكات البشريّة : تمييز القيم الخلقيّة، انتقال من الطفولة إلى النضوج من أجل الاستقلال الأدبي في شكل حصريّ. الثاني : ترتبط هذه المعرفة بالعلاقات الجنسيّة (رغبة تدفع المرأة نحو الرجل، ارتباط الحيّة بشعائر عبادة الخصب، العري). ولكننا ابتعدنا عن مبدأ شرح النصّ. الثالث : معرفة الخير والشرّ هي معرفة كل شيء. رج تث 1:39؛ 2صم 19:36؛ إش 7:15. وهكذا تكون شجرة المعرفة شكلاً آخر لشجرة الحياة. ما يرغبه الانسان هو الارتفاع فوق وضعه والولوج إلى ملكوت الله. فالحكمة والخلود اللذان يطلبهما يخصّان الله. وحين تجاوز الوصيّة اختبر محدوديّته.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|