1) العهد القديم. حين نقرأ البرديات، نجد أن الطب أدرك مستوى رفيعًا، في مصر، في الألف الثالث ق.م. وترتيباتُ شرعة حمورابي (215-216) تبيّن أن بلاد الرافدين لم تكن متأخّرة عن مصر في هذا المجال. أما في أرض اسرائيل، فالبيبليا لا تقدّر الطبّ حقّ قدره. غير أنها أبرزت إجراءات صحيّة (تمييز طقسي بين ما هو طاهر وما هو نجس). ويمكن أن يكون منع لمس الجثّة (عد 19:10-22) قد أوقف تقدّم الطب، لأن المصريين زادوا معارفهم الطبيّة انطلاقًا من تشريح الأجساد (رج تك 50 :2). ثم إن المنع الطقسي للمس الدم، أوقف الجراحة التي انحصرت في الختان. وأخيرًا، إن مراعاة الدين لأصول الحياة (تك 4 :1؛ أي 10 :10؛ مز 351:15-16) منع توسّع علم الخلايا.
في الواقع، اهتمّ الطبّ في اسرائيل القديم في الأمراض الخارجيّة، مثل أمراض الجلد والجراح والكسر. كانوا يعالجون القروح والجروح بالضمادات (خر 30:21) والمراهم الطبيعيّة، ولا سيّمـا الزيت (أش 1:6) والخمر (لو 10 :34) والبلسم ((إر 8:22؛ إر 46:11؛ 51 :8) والكعك المصنوع بالتين (2مل 20 :7 إش 38 :21). هذا المثل الأخير يبيّن لنا أنه كان للأنبياء شهرة الشفاء، فكانوا يتوجّهون إليهم في حالة المرض (1مل 13 :6؛ 14 :1-2؛ 17 :17-18؛ 2مل 2 :19-20؛ 4 :18-37؛ 5 :3). وهذا الأمر يُفهم حين نعلم أنهم "رجال الله "، وأن الرب هو سيّد المرض والشفاء ((خر 9:15؛ خر 15:26؛ تث 32:39؛ 2 مل 20 :5؛ هو 11 :3؛ مز103 :3؛ 147 :3).
ومع أن اللجوء إلى الأطبّاء كان موضوع انتقاد (أي 13 :4)، فقد وُجد منهم (ر ف أ، في العبرية : "ياتروس" في اليونانية) في شعب اسرائيل (إر 8:22)، فلجأ إليهم الملوك بشكل خاص (2أخ 16:12). ووجود الأطبّاء في نهاية الحقبة الملكيّة أثبته ختم "يخصّ توسبحليم بن زكور، الطبيب" (هـ. ر ف أ)، قد وُجد في تنقيبات عوفل في أورشليم.
في الحقبة الهلنستية توسّع الطبّ، وشرح سي 38 :1-5 التعارض الظاهر بين السببيّة الالهيّة (هو علّة الحياة والموت) وعناية البشر بالمرضى : لقد خلق الله الطبيب (آ1). وأعطاه العلم (آ4). والطبيب يدعو الله. وذكرت حك 7 :20؛ سي 38 :4 النبات الطبّي الذي عرفه الاسيانيون (ارتبط اسمهم بـ "اسيا" الطبيب، الشافي، هم الشفاؤون) ودرسوه (يوسيفوس، الحرب 2 :136). أما طو 11:8-12، فصوّر استعمال مرارة الحوت كدواء للعيون (رج رؤ 3 :18).
2) العهد الجديد. ما غابت في العهد الجديد النظرة القديمة إلى المرض على أنه عقاب من الله (يو 9 :2). لم يرفضها يسوع رفضاً قاطعًا (5 :14)، ولكنه أنكر طابعها الضروريّ (9 :3؛ 11 :4). اقتدى بالأنبياء، فشفى المرض (4 :18)، ولكنه ليس بطبيب إلا في معنى استعاريّ (مر 2 :17 وز). وإذ أورد قولاً شعبيًا مأثورًا : "يا طبيب إشف نفسك" (لو 4 :23)، دلّ على بعض التردد في فاعليّة الطبّ (رج لو 8 :43). في الكنيسة الأولى، اعتُبرت موهبة الشفاء وممارسة الطبّ من المواهب (كارسمة) الموضوعة في خدمة الجماعة (1كور 12 :28، 30). حسب كو 4 :14 والتقليد، كان الانجيلي لوقا طبيبًا.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|