حسب العهد القديم، كان يحقّ للرجل أن يطلّق امرأته إذا وجد فيها عيبًا (تث 24:1)، أو إذا ما أطاعت اصبعه وعينه أي "إن هي لم تسلك بحسب ارادته" (سي 25 :26). فكان يقدّم اعلانًا مغايرًا للذي صنعه عندما عقد الزواج. "فما هي امرأتي ولا أنا رجُلُها" (هو 2 :4). ويقدّم لها كتاب طلاق يتيح لها أن تتزوّج من جديد. أما الرجل الذي اتهم امراته كذبًا بأنها لم تكن عذراء حين تزوّجها، أو أجبر على الزواج من فتاة غرّر بها، يُحرم من حق الطلاق (تث 22:13-19، 28-29). والمرأة التي طلّقت وتزوّجت ثانية ثم صارت حرة، لا يستطيع زوجها الأول أن يتّخذها أيضاً زوجة له (تث 24:3-4؛ رج إر 3 :1). وإذا وضعنا جانبًا أم 2:17 الذي يتحدّث عن الزانية التي تركت زوجها، فالعهد القديم يجعلنا نشعر أنه لا يحق للمرأة أن تطلب الطلاق بمبادرة منها. إن وثائق المستوطنة اليهودية الارامية في جزيرة الفيلة (الفنتين) التي تعود إلى القرن الخامس ق.م.، ووثيقة من بريّة يهوذا تعود إلى القرن الثاني ق.م.، تتحدّث عن مبادرة المرأة في طلب الطلاق.
كانت هذه العادة معروفة في الشرق القديم منذ الألف الثاني ولا سيّمـا عند الساميين الغربيّين، وهذا ما يجعلنا نظنّ أن الطلاق عُرف أيضاً في أرض كنعان، وان بدا قض 19 :2-3 وكأنه يقول العكس. ومهما يكن من أمر، يجب أن نلاحظ أن أعمال الممارسة القضائية تعود إلى الارشيف الملكي أو الارستوقرطيّين. فهي لا تعكس بشكل مباشر سوى العادات المعروفة في الطبقات العليا من المجتمع. وهي في حالات نادرة جدًا. ولكن بدأ الوضع يتطوّر منذ منتصف الالف الأول ق.م. فجاءت وثائق جزيرة الفيلة من محيط عرف حياة الشعب العادي. لهذا كانت مهمة، لأن ما تحدثنا عنه من عادات زواجيّة، يدلّ على شريحة واسعة من العالم اليهوديّ الاراميّ.
في زمن العهد الجديد، كانت ممارسة الطلاق واسعة. وقد تستطيع المرأة أن تطلب الطلاق أقلّه بين اليهود الهلينيين (تحضّروا بالحضارة الهلينيّة التي هي تفاعل يونانيّة حملها الاسكندر الكبير مع الشرق). إذا وضعنا وثائق قمران جانبًا، نعرف من مر 10:12 عن حالة سالومة (يوسيفوس، العاديات 15 :259)، وهيرودية ابنة اغريباس (العاديات 18 :136؛ مر 6:17-18) ووضع المرأة التي تركت زوجها في "حياة" يوسيفوس (حياة 75).
غير أن الاسيانيين بدوا وكأنهم يشجبون الطلاق الذي يتبعه زواج ثانٍ (وثص 4 :20-21؛ دره 67:15-19). هذه القاعدة الجديدة جدًا في العالم اليهودي، هي التي دفعت يوحنا المعمدان إلى شجب ما فعلته هيرودية (مر 6:17-18). وهذا ما يستعيده الانجيل الذي يشجب الطلاق (مر 10:2-12؛ لو 16 :18). والحالة الوحيدة التي تبرّر الطلاق هي حسب مت 5:32؛ 19 :9 "الزنى" (بورنايا). إن للفظة بورنايا بُعدًا عامًا. وهي تنطبق على الزنى كما على السلوك الرديء للمرأة قبل الزواج. هذا الشواذ المتاوي يتضمن تساهلاً تقليديًا على مستوى العالم المسيحيّ المتهوّد (رج مت 1 :18ي). غير أن بولس لا يعرف هذه الحالة التي نقرأها في انجيل متى، فيرفض الطلاق عائدًا إلى قول الرب (1كور 7:10-11). أما ما سمّي "الامتياز البولسي" فهو لا يقبل بحلّ الزواج إلا إذا بادر إلى ذلك الزوج (أو الزوجة) غير المؤمن (1كور 7 :10-16؛ 1بط 3:1-2).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|