رابع اسفار البنتاتوكس. سمِّي كذلك بسبب الاحصاءات العديدة التي نجدها فيه.
1) المضمون. يتضمّن عد مجموعة من الاخبار والشرائع التي أعلنت في اطار من الاحداث مصطنع. تعود هذه الاحداث إلى السنة 38 من حياة الشعب العبراني البدوية بين الانطلاق من سيناء والوصول إلى الاردن. نقسم عد 4 أقسام.
(أ) في برية سيناء (1 :1-10 :10) : إحصاء بني اسرائيل (ف 1)، الامر بالانطلاق والتخييم (ف 2)، اختيار اللاويين (ف 3-4)، مجموعة شرائع (5 :1-10).
(ب) من سيناء إلى قادش (10 :1-19 :22) : خمسة أحداث. ثورة على موسى. فشلت كلها ونالت عقابها من الرب. في اطار هذه الاحداث أقحمت فرائض عديدة.
(ج) من قادش إلى شرقي الاردن (ف 20-25). يعالج هذا القسم عبور البرية ويتحدّث عن بلعام.
(د) في سهول موآب (ف 26-36). نجد هنا فرائض، ثم اقتسام شرقي الاردن (ف 32)، ولمحة عن المراحل (ف 33)، وبعض التوضيحات عن اقتسام الارض في غربي الاردن.
2) أصل الكتاب. ليس عد امتدادًا لأخبار خر ولا وحسب، بل يتضمن مواد مستقلة وموازية لأخبار خر ولا. تعود هذه الاخبار إلى تقاليد قديمة جدا وقد حُفظت في المعابد وتميّزت عن تلك التي استفاد منها كاتب خر ولا. انطلق عد من هذه المواد وقدم مقالاً لاهوتياً عن اسرائيل الذي حوَّله موسى إلى جماعة الله المقدسة. واذا تطلعنا إلى التقارب مع حزقيال خاصة، نقول إن الكتاب دوِّن بعد السبي. في الماضي كانوا ينسبون عد (شأنه شأن سائر اسفار البنتاتوكس) إلى موسى. اما اليوم فنقول إن عد دوِّن بعد موسى بأجيال. انطلق الكاتب الملهم من معطيات يعود قسم منها إلى موسى فدوّن ما دوَّن. وهي في أي حال مشبعة بروح موسى.
3) وحدة الكتاب ما يؤمّن الوحدة في هذا الكتاب هو إطار إخباري مميَّز : بعد ترتيب المعبد والكهنوت (ضُمّ اللاويون، ف 4، 8)، انطلق الشعب (ف 10) إلى أرض كنعان. هذه المسيرة هي في الواقع سلسلة من الأزمات سيموت فيها كل جيل الخروج، بمن فيه موسى وهرون (ف 11-25). ولكن هذه المسيرة أوصلت الجيل الثاني كله (على رأسهم أليعازر ويشوع) إلى أبواب أرض الموعد (ف 21). فاتخذت الاجراءات لاقتسام الأرض (26 :33 : 5-35 :22). كل هذه المجموعة الإخباريّة تواصل ما نجد في خر، وتعطيه لهجة متشائمة. ما كانت معجزات في خر (مريبة، السلوى) صارت هنا صراعًا حادًا بين موسى والشعب، يُنهيه الرب بعقاب قاسٍ وبعدد كبير من الموتى (ف 14، 17). إن إقامة بني اسرائيل في عد، صارت عبئًا لا يجد حلّه إلاّ بزوال الجيل الأوّل، ذاك الذي عاش في مصر.
نحن أمام نظرة إلى شعب الله نعبّر عنها بالاحصاءات وبتنظيم المخيّم : فالقبائل تحيط بالمعبد في دوائر تحيط بقبائل لاوي التي هي في الداخل وتشكّل حاجزًا بين المعبد وسائر الشعب. فالشعب الذي يعرف حضور الله ويؤمّن له العبادة، هو في الوقت عينه شعب من الخطأة يجب أن يظلّ بعيدًا عن الله (ف 17). وكل نظام الطقوس الكهنوتيّة المرتبطة بوظائف مخصّصة، يتوخّى أن يجعل الشعب يعيش هذا الوضع بما فيه من مفارقة. ونلاحظ أيضًا أن الشعب الذي يقدّمه عد، هو شعب يسير دومًا ولا يتوقّف. وهو منعزل ومفصول عن سائر الشعوب : يجب أن يجد هويّته في حوار شخصيّ مع الله : لا أرض تخصّه بعد. ولا شعب يتصل به.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|