إن العري الذي يصوّر آدم وحواء قبل الخطيئة الأصليّة (تك 3 :7)، صار فيما بعد شكًا للكاتب الملهم مع نوح (تك 9:22-23). فالديانة اليهوية في العهد القديم تختلف عن سائر الديانات القديمة، فلا تعرف العري المكرّس (رج خر 20:26؛ 28 :42-43؛ 2صم 6:20-22)، ولا الألعاب الرياضية التي يمارسها الشباب عراة حسب العادة اليونانية. مثل هذه الرياضة كانت تشكّك المؤمنين في الحقبة الهلنستيّة (1مك 1 :14-15؛ رج 2مك 4 :9، 12). والمسيحيون الأولون الآتون من العالم الوثني، ما كانوا يستطيعون أن يتخلّصوا من وجهة نظر محيطهم التي لا تفصل العري عن الاتصال بالإله. وكانوا يتمثّلون بشكل خاص الموتى الذين صاروا خالدين في العري. وبولس الرسول يعود إلى هذا العري الرمزيّ لدى الموتى (2كور 5)، حين يتحدّث عن اجتماع المسيحيّ مع المسيح حالاً بعد الموت الفرديّ وقبل القيامة الاخيرة (2كور 5 :8). لا شكّ في أن الرسول يرجو أن يكون بين هؤلاء الذين تجدهم العودة (باروسيا) أحياء، "فيلبسون" الجسد الروحاني فوق الجسد النفساني دون أن يُفرض على الانسان أن يتعرّى (2كور 5 :1-10؛ رج 1كور 15 :44، 53-54). غير أنه يضيف : "متى لبسناه لا نكون عراة" (2كور 5 :3). هذا الوضع المتوسّط من "العري" يقابل "القيامة الأولى" في رؤ 20:5-6. وجمعُ العري مع الخلود يصوِّر مسبقًا القيامة الأخيرة كما في ايقونوغرافية القرون الاولى. فالأشخاص الذين وجدت فيهم الكنيسة الأولى صورة مسبقة عن القيامة، يُمثَّلون عراة : يونان سواء ابتلعه الحوت أو خرج من فم الحوت. دانيال في جبّ الأسود. الفتية الثلاثة في النار. وهكذا نرى أن مخيّلة المسيحيين نسبت إلى المختارين العري الذي به تأمّل الوثنيون في أشخاص صاروا عندهم خالدين.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|