فرضت النصوص البيبليّة العشر. وهذا ما نجده في النصوص القديمة التي استلهمت النظم الملكيّة في أوغاريت مثلاً (1صم 8:5، 17؛ 1مك 10 :31؛ 11 :35). فالعشر يعني أنه يؤخذ من المحصول أو الريع عُشره. نحن هنا في إطار دينيّ. فالدستوران اليهوهيّ (خر 34:18-26) والالوهيمي (خر 23:14-19) اللذان يفرضان الحجّ إلى المعبد ويحدّدان التقادم التي يأخذها الحجّاج معهم، لا يذكران العشر. ولكن عا 4:4؛ تك 28 :20-22 (الوهيمي) يتحدّثان عن هذه الممارسة في بيت ايل، وذلك قبل سفر التثنية الذي لا يجدّد بل ينظّم عادة قديمة في روح إصلاحيّة. فالدستور الاشتراعي الذي يفرض عشر الحنطة والخمر الجديدة والزيت (تث 12:17؛ 14 :23) ويعتبره واجبًا للرب، سيّد الأرض المعطاة لإسرائيل، يميّز نوعين من العشور. الأول، العشر السنويّ (14 :22-27) الذي يُحمل مع سائر التقادم إلى المعبد الوحيد (12 :6-7) ويُؤكل في طعام مفرح بحضرة الربّ (12 :11-12، 17-19؛ 14 :22-23). أما المقيمون في البعيد فيستطيعون أن يبيعوا العشر ويحملوا المال ويأكلوا في المعبد كما تفرض الشريعة (14 :24-27) مع اللاوي الذي لا حصّة له في أرض الربّ بعد الشريعة التي شدّدت على مركزيّة العبادة (12 :12، 18؛ 14 :27). والثاني، العشر الثلاثي (كل ثلاث سنوات) (14 :28-29) لـ "سنة العشر" (26 :12). يُعطى للفقراء من أرامل ويتامى ولاويّين. يُتمّ المؤمن هذه الفريضة في إعلان يتفوّه به حين يزور المعبد. ونجد الكلام عن العشر في النصوص الكهنوتيّة. ففي الشرائع الكهنوتيّة، صار العشر (كما في عد 18 :28) ضريبة مفروضة للاويّين (عد 18:21-24) الذين لا ميراث لهم في إسرائيل ولا مدخول لهم كما للكهنة (عد 26-28). وجاءت إضافة متأخّرة (لا 27 :30-33) تعدّت هذا العشر إلى الحيوان. ولكنّنا لا نستطيع أن نقول إن كانت هذه الفريضة التي يلمّح إليها فقط 2أخ 31:5-6، قد وُضعت موضع العمل. فإصلاح نحميا (نح 13:5، 12) والتزام الشعب بالسير فيه (نح 10:38) يتحدّثان فقط عن عشر محاصيل الأرض.
ونصل إلى تطبيق الفرائض. فنصوص نحميا وملا 3 :7-10 وربّما تك 14 :20 (؟) تدلّ على تهامل خطير في دفع العشور (وسائر المتوجّبات) في زمن الهيكل الثاني. وهذا الوضع فرض على اللاويّين أن يذهبوا بأنفسهم لكي يجمعوه (نح 10:38-40، هكذا تصبح اللوحة المثاليّة في نح 12:44-47 نسبيّة). والعشر الذي ينصح سي 35 :8 بإعطائه بفرح، ظلّ معمولاً به (يه 11 :13؛ 1مك 3 :49)، بل صار ثقيلاً ولاسيّمَا في بعض الأوساط (طو 1:6-8) التي كدّست جميع الفرائض السابقة : عشر الحيوان الذي يضاف إلى مداخيل الكهنة (تث 18:3-5؛ عد 18:8-19). عشر محاصيل الأرض المتوجّب للاويّين (عد 18:20-32). ويُضاف إلى كل هذا عشر ثانٍ، كما في تث 14:23-26، وعشر ثالث كما في تث 14:28-29. يمكن أن تكون تلك ممارسة الفرّيسيّين في زمن العهد الجديد. فقد مدّوا العشر إلى أصغر محاصيل الحقل (مت 23:23؛ لو 11 :42؛ 18 :12). يصعب علينا أن نقول إلى أي حدّ كانت تمارَس هذه الشرائعُ. فإذا كان كنز الهيكل هامًّا جدًّا، فالكهنة واللاويّون لم يكونوا ميسورين. وعدد كبير منهم كان يمارس مهنة ليقوم بأود عيشه.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|