موطن بلعام. مدينة على الفرات. تقع جنوبيّ كركميش. عد 22:5. هذا هو المعنى العادي. ولكن اكتشاف خبر أرامي لرؤى بلعام في دير علا، في وادي الاردن، في أرض العمونيين، دلّ على أن الرائي أقام على "النهر (الأردن) في أرض بني عمون" كما يقول عد 22:5 في البنتاتوكس السامري (ع م ا و). بما أن فعل "ف ت ر" هو اللفظة المخصّصة في العبريّة والأراميّة لتفسير الرؤى والاحلام (تك 40 :8، 16-20؛ 41 :8، 12، 15)، بدأ الشرّاح يشكّون : لسنا أمام مكان. ثم إن السريانية البسيطة واللاتينية الشعبية والترجوم الفلسطيني رأوا في "ف ت و ر" اسم فاعل : المفسِّر، الرائي. إذا أخذنا بهذا الرأي وجب أن نترجم عد 22:5 كما يلي : "بلعام بن بعور، الرائي الذي كان قرب النهر في أرض بني عمون". هذا التفسير يتوافق مع عنوان مدوَّنة دير علا التي تعود إلى القرن 8 ق.م. : "كتابة بلعام بن بعور الذي كان يرى الآلهة".
والتحديدات التي نقرأها في عد 23:7، والتي تقول إن بلعام جاء من "أرام" ومن "جبال الشرق" لا تعارض هذا الشرح : فنصّ دير علاّ قد دُوِّن في اللغة الأراميّة. وجبل شرقي الأردن الذي يقطع وادي الزرقاء قبل أن يصبّ في وادي الاردن قرب دير علا، يبدو لأهل غربي الاردن "جبل الشرق". ومع ذلك، فاسم فاتور اعتُبر اسم مكان في تث 23:5. فذكر "النهر" في عد 22:5 و"أرام" في عد 23:7، قد دفع الكاتب الاشتراعيّ إلى جعل فاتور موطن بلعام، قرب الفرات، في أرام النهرين. وُجدت هناك مدينة اسمها فترو على نهر ساجور، وهو رافد عن يمين الفرات. حسب المراجع الاشوريّة، احتل الاراميون فترو في أيام أشورابي الثاني (1310-739)، فصارت المدينة جزءً ا من الدولة الأراميّة " بيت عدن"، التي عرفتها النصوص البيبليّة (عا 1:5؛ 2مل 19 :12؛ إش 37:12). احتل فترو الاشوريون في أيام شلمنصر الثالث (588-248) وجعلوا من بيت عدن مقاطعة أشورية تسكنها أكثرية أراميّة. إن تث 23:5 يلمّح إلى هذه المدينة الموجودة في سورية الشمالية. وقد ترجمته السبعينية "فاتورا" باسم مدينة وُجدت في فلسطين كما يقول كتاب " اسمائيات اوسابيوس القيصري (168 :24).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|