الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: أشورية


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

تنقصنا المراجع لنعرف تاريخ الامبراطورية الاشورية. ومع ذلك لنا ما نقول عن تلك الحقبة.

منذ القرن 24، كانت أشورية مهمّة بحيث إن ملك إيبلا اعتبر أنه من الموافق أن يعقد معاهدة معها. بعد ذلك، صارت أشورية جزءًا من مملكة أكاد، فكان مصير الشعبين مصيرًا واحدًا. بعد ذلك، اجتاحت المنطقة قبائل غوطسي، فعرفت مدينة أشور الدمار وظلّت على تلك الحال حتى "النهضة السومرية" في القرن العشرين. حينئد صارت أشورية مقاطعة في مملكة أور. نجد أنها تحرّرت من كل ارتباط بالجنوب الرافديني مع سقوط إيبي سين سنة 1929 ق.م. في ذلك الوقت مضى التجّار إلى كبادوكية فاستوردوا من آسية الصغرى القماش، كما جاءوا بالقصدير (من حوض تبريز إيران)، والذهب والفضة لقاء ما يبعيون من منتجات البلاد. دامت حالة الازدهار هذه قرنًا من الزمن. وتوقّفت بسبب الصراع على السلطة في أشورية. والتقلّبات السياسيّة في آسية الصغرى.

أوّلاً : أشورية القديمة لا نعرف الكثير عن تاريخ هذه المملكة القديمة، التي دخلت على مسرح الأحداث كقوّة ضاربة وظلّت مستقلة بوجه الامبراطورية البابليّة. أول ملك نعرفه هو سرجون الذي سُمّي سرجون الاكادي لأنه طمع بالسلطة على كل بلاد الرافدين. وقد يكون سيطر في وقت من الأوقات على الشرق الأدنى كله. إلى هذه الفترة (نهاية الألف الثالث، بداية الألف الثاني) تعود اللوحات الأشورية التي وُجدت في تل كولتافي والتي سُمّيت لويحات كبادوكية. إنها دلت على وجود مراكز تجارية أشورية كما دلت أيضاً على بعض التأثير في الميدان السياسي. والملك الثاني القوي الذي عرفته أشورية هو شمشي هدد الأوّل (حوالي 1740-1780). ملك زمنًا طويلًا، فكان ملكه تحوّلًا في تطوّر أشورية، مع انفتاح على بابل. ومدّ سلطانه على مدن الخابور الأعلى، ثم ماداي ومناطق الفرات الاوسط. كما قام بحملة إلى لبنان ونصب مسلّة على شاطىء البحر المتوسط. ولكن بعد موته، خضع خلفه لخصمه البابليّ حمورابي (1718-1676). بعد هذا لم تعد أشورية قوية ولن تستعيد أهميّتها قبل زمن المملكة الأشورية المتوسطة.

ثانيًا : واستعادت المملكة الأشورية المتوسطة دورها بين القرن الخامس عشر والقرن الثالث عشر. عقد الملوك الأشوريّون معاهدات مع البابليين لتنظيم الحدود، كما أرسلوا بعثة إلى الفرعون تحوتمس الثالث. إلى هذه الفترة تعود نصوص نوزي والرفحة وانطلاقة سلالة ميتاني. انتصر أشور بانيبال الأوّل على ميتاني، وتبادل الرسائل مع الفرعون أمينوفيس الثاني، وتدخّل في شؤون بابل الداخليّة، فتزوجت ابنته أميرًا بابليًّا. وحين زال ميتاني الذين استعملهم الحثيون ضدّ الأشوريّين، هاجمت أشورية الحثيين، ولكن قوتها كانت ضعيفة. سيكون لها بعض اللمعان في أيام أشور رشيشي (حوالي 1150-1115) وتغلث فلاسر الأوّل (1115-1090) المشهور بكتاباته. في ذلك الوقت بدأ الاراميون يدافعون عن أنفسهم. أما تغلث فلاسر الأوّل فقام بحملة على لبنان وأمورو (نشو 339). وانتقلت العاصمة من أشور إلى نينوى. وأعاد أشوردان الثاني تنظيم الاقتصاد والجيش.

ونعود فسنتحدّث بالتفصيل عن الملوك الذين تعاقبوا في ملك الحقبة. بعد فترة مظلمة سلب فيها ساوستاتار (1480-1460)، ملك عيتاني، أشورية وأخضعها، قام أشور باليط الأول (1353-1318) على متياني مع موت توشراتا، واتخذ لقب الملك العظيم، رغم احتجاجات بورنابورياش ملك بابلونية الكاسي. كانت أشورية مقاطعة تابعة، فصارت قوّة يُحسب لها حساب، حتّى في مصر. مع هدد نيراري الأول (1295-1264) مدت أشورية سلطانها إلى الغرب، ففرضت الجزية على منطقة دجلة العليا، وضمّت هنيجلبت (الاسم الجديد لميتاني) ووصلت إلى أمانوستاس المرتبطه بالمملكة الحثيّة. استطاع الحثيون أن يطردوا الأشوريين من هنيجلبت ولكن شلمنصر الاول (1263-1234) انتصر عليهم انتصارًا ساحقًا أتاح له أن يستعيد السيطرة على كل الأراضي الواقعة شرقيّ الفرات. عندذاك توقَّف الحثيون عن سياسة الحرب التي تبغي الاحتلال، فاكتفوا بالحصار الاقتصاديّ على أشوريّة. توكلتي ننيورتا الأول (1233-1197) احتلّ بابلونية، ولكن هذا الاحتلال دام مدّة قصيرة. فالخلافات الداخليّة في أشورية والمقاومة البابلونيّة، فعلت فعلها في الأشوريين الذين طردهم هدد شوما شور (1211-1182). في هذا الوقت، كانت بلدان البحر المتوسط تهتزّ بفعل اجتياحات شعوب البحر. وكانت الامبراطورية الحثيّة تتداعى في اناثولية (الاناضول)، والقبائل الارامية الآتية من بلاد الرافدين العليا تقيم في مناطق كانت تنتقل فيها لرعاية مواشيها وتتسرّب نحو الجنوب والجنوب الغربي. امتدّوا فضغطوا على المملكة الأشورية في أيام تغلث فلاسر الأول (1114-1076) الذي حاول أن يدافع عن حدوده. ولكن بدأ التراجع في أشورية التي عادت إلى حدودها القديمة. ولم تكن حالة بابلونيّة أفضل من حالة أشورية.

ثالثًا : شكّلت المملكة الأشورية الحديثة قمة المجد في سلطة أشورية. خضعت لها كل بلاد الرافدين بما فيها بابلونية. وامتدّت سلطة الأشوريين إلى كل سورية وبعض آسية الصغرى، ووصل تأثيرها إلى مصر. وقوّى الملوك الأشوريون سلطانهم باجلاء السكان وتقسيم المملكة إلى مقاطعات. أكثر الأسماء المعروفة هي : هدد نيرارى الثاني (911-890) : أخضع على التوالي بابلونية والأراميين مع ملكهم حاني جلبت. توكلتي نينورتا الثاني (890-883) : وسّع حدود المملكة حتى ارمينيا. أشور بانيبال الثاني (معه ندخل في التاريخ بالمعنى الحصري) : دلّت كتاباته العديدة على حروبه في سورية، (نشو 339-340) وامتداد المملكة نحو الشمال الشرقيّ والشمال والغرب، واخضاع الدويلات الآراميّة (كركميش)، على حملة نحو المتوسط ("في البحر الكبير طهَّرتُ سلاحي")، على نقل عاصمته إلى كالح. شلمنصر الثالث (858-824) : من أعظم المحتلين في القديم. كان أول من هاجم مملكة اسرائيل في معركة قرب قرقر (853) خلال حملته الأولى على دمشق وحلفائها ومنهم أخاب ملك اسرائيل (أحابو، نشو 340-341 ؛ مسلّة نمرود، نشو 341؛ كتابة الثور، نشو 341-342). بعد الحملة الرابعة على دمشق (حزائيل) أجبر ياهو الاسرائيلي الذي من بيت عمري (ياوا من بيت حمري) على دفع الجزية (الحوليات نشو 343، كتابة في مسلة، نشو 343). شمشي هدد (823-809) : تزوّج سميراميس الأميرة البابليّة التي دخلت في عالم الأسطورة. هدد نيراري الثالث (809-781). قام بحملة على فلسطين، أخذ الجزية من صور وصيدون واسرائيل (حمري) وأدوم وفلسطية ودمشق، وانتصر على البابليين، ولكنه لم يقدر أن يحافظ على ممتلكاته في الشمال (نشو 344-345). وبدأ الانحطاط في أيام شلمنصر الرابع وأشوردان الثالث وأشور نيراري الثالث (781-758). وكانت ثورة جعلت على العرش تغلت فلاسر الثالث (745-726) أعنف الملوك الأشوريين وأسعدهم. لن نذكر من حملاته العديدة إلا إخضاع سورية وبابلونية. إتّحدت أشورية وبابلونية برباط شخصي (إن تغلت فلاسر سمّي فول كملك بابلونية). وظلّت هذه الوحدة ثابتة في أيام ابنه شلمنصر الخامس (726-721) الذي حاصر صور والسامرة. سرجون الثاني (721-705) : أسّس سلالة جديدة. في عهده وفي عهد خلفائه سنحاريب (705-681) وأسرحدون (681-668) وأشور بانيبال (668-625) وصلت المملكة إلى قمّة سلطانها. ولكن حين حارب أشور بانيبال بساميتيك الأوّل ملك مصر، أجبر على التخلّي عن ممتلكاته المصرية. وهذه الهزيمة سبّبت القلق في الغرب وفي بابلونية أكثر مما فعلت الحروب المتعددة. نشير إلى أن أشور بانيبال عُرف بمكتبته (اكتشفت سنة 853 وتضمّنت 25000 لوحة فيها الرسائل والعقود والقواميس والغراماطيق والصلوات والنصوص الاسترولوجية والتاريخيّة والجغرافيّة والقانونيّة والأدبيّة خاصة جلجامش). وبدأ الانحطاط سريعًا فصار أشور اتيليلاني، وسنشومليشير (615-612) ظلّ سابقَيهما. حينئذ هجم نبوفلاسر، بمساعدة ملك ماداي، على أشورية فاحتل أشور سنة 614 ونينوى سنة 612 (نشو 361-363). ودام آخر ملك أشوري (أشور باليت) في حاران بعض الوقت. ولكنه تخلّى عن الحرب سنة 609 (أو سنة 605) رغم مساندة الفرعون نخو له. وهكذا زالت أشورية من الوجود وحلّت محلّها المملكة البابليّة الجديدة.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.