3 1) حياته. وُلد فيلون بين سنة 15 وسنة 10 ق.م.، في عائلة يهوديّة غنيّة من عائلات الاسكندريّة. كان أخوه كايوس يوليوس الاسكندر مرتبطًا بأنطونيا الصغرى، من وجهاء المدينة. وتزوّج مرقس، ابن كايوس، من برنيقة، ابنة أغريباس الأول، ولكنّه مات شابًّا. أما الابن الآخر، طيباريوس يوليوس الاسكندر، فقد عرف النجاح في خدمة رومة. كان من الخيّالة، فعُيّن قائد الجيش في منطقة طيبة في مصر، ثمّ واليًا على اليهوديّة سنة 46-48، ثمّ "وزيرًا" في الحرب الفراتيّة التي قادها كوربولون سنة 63. منذ سنة 68، كان مديرًا في مصر ولعب دورًا كبيرًا في إعلان وسباسيانس كامبراطور، ثمّ صار من مجلس تيطس في نهاية الحرب اليهوديّة. أما حياة فيلون فاختلفت كل الاختلاف عن حياة ابن أخيه : بعد أن نال تربية عقليّة رفيعة، اشتهر كفيلسوف ولاهوتيّ يهوديّ في اللغة اليونانيّة. غير أنّ أهل دينه اختاروه ليقود وفدًا يهوديًّا إلى رومة سنة 40-41، بعد أن قُتل عدد كبير من اليهود في الاسكندريّة.
2) أعماله. في هذه المناسبة كتب فيلون خطبة يهاجم فيها فلاكوس، مدير مصر الذي اضطهد اليهود. كما كتب خبرَ وفادته إلى كاليغولا الامبراطور الروماني. ثمّ اشتهر فيلون بمقالات عديدة في تفسير أسفار الشريعة الخمسة مع أسئلة حول التكوين، أسئلة حول الخروج، بلبلة الألسنة، الأحلام. وفي اللاهوت مع خلق العالم والوصايا العشر والفرائض الخاصة. وفي الدفاعيات مع حياة موسى والحياة التأمّليّة.
3) فكره. عاد فيلون إلى مقولات الفلسفة اليونانيّة، ولكنّه استقى معلوماته من مواضع متعدّدة : من جماعة فيتاغوراس وأرسطو... نحن هنا أمام ثقافة واسعة ومتنوّعة، لا أمام ارتباط بهذا النهج أو ذاك. ومع ذلك، يبقى في أعماقه مفكّرًا يهوديًّا، فيهاجم السفسطائيّين وسائر "المتفلسفين" الذين هم قتلة من "نسل قايين". ويرى فيلون أيضًا أنّ تشريع اليونان المتعدّد مجبول بالتناقضات. أمّا الشريعة اليهوديّة التي أعطاها موسى، فهي على مستوى الكون لأنّها تعود إلى الله، وبالتالي توافق العقل. وكان فيلون متصوّفًا مستيكيًا، فقدَّم التأويل الاستعاري والرمزي الذي سيتوسّع فيه أوريجانس في القرن الثالث. فمن خلال الحرف والقراءة النقديّة، يحمل النصّ الملهم معنًى عميقًا ندركه في الإيمان والتأمّل الذي يصل بنا إلى المناجاة. وهكذا نكون أمام لاهوت هيّأ الدرب لفكر مسيحيّ شدّد على جهلنا لطبيعة الله.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|