مدينة يونانيّة قديمة تبعد 8 كلم عن المضيق والقنال الحالي. هناك آثار بشريّة في الزمن السابق للتاريخ. لكن تأسيس المدينة يعود إلى الزمن التاريخيّ (أي بعد 1000 ق.م.). عرفت أول فترة ازدهار في أيام الحكام المستبدّين (القرن السادس)، وفترة ثانية في العهد الهلينيّ. ولكنها دُمّرت على يد الرومانيّين سنة 146 ق.م. فأخليت وأقفرت. ولكن يوليوس قيصر بنى سنة 44 ق.م. على دمار المدينة اليونانيّة، مستوطنة لاوس يوليا كورنتيانسيس. كانت عاصمة مقاطعة أخائيّة اليونانيّة. وصارت بعد سنة 44 مقاطعة مرتبطة بمجلس الشيوخ يحكمها قنصل. وبسبب موقعها الفريد بين مرفأين (المرفأ الشرقيّ كنخريّة على خليج سارونيك، المرفأ الغربيّ ليخايون على خليج كورنثوس) شكّلت كورنثوس مركزًا تجاريًّا هامًّا وملتقى الطرق بين الشرق والغرب. وكانت أيضاً مدينة الفوارق الاجتماعيّة الظاهرة (ثلثان من العبيد، عدد كبير من الفقراء، قلّة قليلة من الأغنياء)، ومدينة الفساد فصارت مضرب المثل بفسادها. فالكورنثيّة هي امرأة ذات أخلاق مشبوهة. وفعل "كرنتس" يعني عاش حياة الفحش. والكورنثيّ هو السكّير. كلّ هذه التجاوزات نمت بفضل البغاء المكرّس المعمول به في معبد أفروديت على قمّة كورنتوس حيث تعيش حوالي ألف امرأة مكرّسة لهذا العمل، كما يقول سترابون (8 :6، 20). في حفريات المسرح، اكتشف المنقّبون حجارة كانت مقاعد لهذه النساء (يحفظ لهنّ مكان خاص في المسرح). هذه التفاصيل تلقي الضوء على نص رو 1 :18-22 الذي كُتب في كورنثوس والذي يقابل معطيات 1كو(ر 5:1؛ ر 6:9-20؛ 10 :8؛ رج 2كور 7 :1. كان سكان كورنتوس مزيجًا من الناس.
بما أن كورنثوس كانت مستوطنة، كثُر فيها الرومانيّون، وكثر فيها أيضاً اليونانيّون وأهل المشرق مع عدد من اليهود لا يستهان به (أع 18 :4 : كانوا يقومون بالدعوة الى الدين). وكانت الحياة الدينيّة مزيجًا هي أيضاً. فهناك العالم اليهوديّ، وهناك العالم الوثنيّ الذي يجمع الديانات اليونانيّة إلى الديانات الشرقيّة. وهذا ما يشهد عليه الهياكل المتعدّدة : ملكارت، ايزيس، سرابيس، زوش، افروديت، اسكلابيوس، قيباليس. بدأ بولس يبشّر في كورنتوس خلال الرحلة الرسوليّة الثانية (أع 18:1). فردّ كرسبوس، رئيس المجمع، ويوستوس، أحد خائفي الله (أع 18:7-8). بعد ذلك، توجّه إلى الوثنيين (أع 18:6). عاداه اليهود فجرّوه أمام القنصل غاليون الذي رفض أن يتدخّل في مثل هذه القضيّة (أع 18:12-17). بعد ذلك، تابع أبلوس تعليم الكورنثيين (أع 18:27-28). أما بولس فتعلّق تعلّقًا كبيرًا بهذه الجماعة التي لا تعرف الهدوء. وذكّرها خلال إقامته في كورنتوس، أنه سدّ حاجاته بنفسه (2كور 11 :9) حين عمل مع أكيلا وبرسكلة (أع 18:2-3). ندّد بولس بفساد بعض أعضاء الجماعة في كورنتوس (1كور 1 :13)، ولامهم لأنهم شوّهوا عشاء الربّ (1 ور 11 :17-34). ودعاهم إلى تشذيب المواهب التي تبلبل جماعاتهم (1كور 12-14). وحرّضهم على الفطنة في ما يتعلّق بأكل اللحوم المذبوحة للأصنام (1كور 8؛ 10 :14-30).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|