الأبيض. سلسلة جبليّة طولها 170 كلم (يش 9 :1). يتجاوز ارتفاع بعض قممها 3000 م. احتلّه الحثيّون (قض 3 :3. في العبريّة : الحويون). يُعتبر لبنان الحدود الشماليّة لأرض الميعاد ((تث 1:7؛ تث 3:25؛ 11 :24؛ ي(ش 1:4؛ ش 13:5-6؛ 1مل 9 :19؛ زك 10 :10). اشتهر لبنان بغاباته، اشتهر بأرزه وسروه. اشتهر بمياهه وثلوجه وحيوانه ونباته. يوجّه نبوخذ نصر رسالة إلى أهل لبنان وانتي لبنان أو السلسلة الشرقيّة التي يفصلها سهل البقاع عن السلسلة الغربيّة (يه 1 :7). ونشير إلى أن الأشوريّين أخذوا من أرزه كما أخذوا من غابات أمانوس، واستغلّ الاسكندر الكبير والسلوقيّون والرومانيّون أرز لبنان. قد بقي بعض الأرز في سفح جبل المكمل وعلى جبل باروك. رج البقاع (وادي لبنان أو عمق لبنان) : يش 11 :17؛ 12 :7. غابة لبنان (قاعة مؤلّفة من 45 عمودًا من أرز لبنان. رج 1مل 7 : 2).
حين نتعرّف إلى لبنان الجغرافية والتاريخ (من خلال المدن التي نذكرها)، لا ننسى القيمة الاقتصادية والدينيّة للخشب الذي فيه. كان المصريون يستوردونه بحرًا. والأشوريون عن طريق البرّ. والبطل البابلي غلغامش، واجه الشيطان هومبابا الذي يحرس غابة الأرز، أرز لبنان، كما تقول بعض الترجمات. سمِّيت هذه الغابة بستان الوفرة والغزارة. وجعل معاهدة حثّية بين الجبال المقدسة. واعتبر ملك منتصر مثل تغلت فلاسر الأول، أن الدخول إلى غابة لبنان، هو أكثر من مغامرة عسكرية. هو قطعَ أرزَه. وسيقتدي به خلفاؤه ويأخذون لنفوسهم شهرة. من هنا ردّة فعل إش 37:24 ( 2مل 19 :23) : "أهنت الرب بواسطة رسلك. قلت : بكل مراكبي صعدت رؤوس جبال لبنان، وقطعت أطول أرزه، وأفضل سروه، ووصلت إلى أقصى أعاليه وإلى مجاهل غابه". وسيفعل نبوخذنصر الشيء عينه. فيهدّده حبقوق : "جورك على لبنان يغمرك، بل حتى هلاك بهائمه يُرعبك" (2 :17).
يرد اسم لبنان في الكتاب المقدس 70 مرة، والارز 75 مرة، ومدينة صور 59 مرة، وصيدا وصيدون 50 مرة. وذكر الكتاب المقدّس نحو 35 مدينة وقرية، و 10 مقاطع (تقع جميعها في لبنان). وتحدّث عن عشر شخصيّات (رجال ونساء من لبنان)، عدا الكثير من الأسماء والكنايات التي يُراد بها لبنان وإن لم يُذكر بالحرف : الجبل، الوعر، فردوس الملك، كبرياء الاردن، فينيقية، وكنعان. على الصعيد التاريخي يشدّد الكتاب المقدس على عظمة صور واتساع نشاطها التجاري، على نشاط الفينيقيين التجاري والبحري الذي وصل إلى البحر الأحمر وشرقي افريقيا وحول جزيرة العرب أيام احيرام ملك صور، على انتشار العبادة الفينيقية في شعب اسرائيل، على بناء هيكل اورشليم، على دولة صوبة الارامية في سهل البقاع. وعلى الصعيد الجغرافي، يبرز لبنان جبلاً أبيض تكللّه الثلوج وتغطّيه الغابة ذات الرائحة البخوريّة، ويتزعّم أشجاره الارز العظيم مفخرة الملوك ومشتهى العظماء.
في التوراة، يبدو لبنان الحدود لقبائل اسرائيل ((تث 1:7؛ تث 3:25؛ 11 :24؛ ي(ش 1:4؛ ش 11:17؛ 12 :7) الممتدّة من دان (في الشمال) إلى بئر سبع في الجنوب. ولكن هذه البلاد لم يصل إليها بنو اسرائيل كما يقول يش 13 :5-6 : "وأرض الجبليين (أي جبيل) وجميع لبنان شرقًا من بعل جاد تحت جبل حرمون إلى ليبو حماة" (أي اللبوة) (يش 13 :5؛ قض 3 :3). جاء سليمان بالخشب من أجل بناء الهيكل ومن أجل قصره الذي سُمّي "غابة لبنان" (1مل 5 :13-28؛ 7 :2؛ 9 :19؛ 10 :17-21). في وقت الضيق سيكتشف إشعيا (10 :34) أن الحدّاد "يقطع غاب الوعر بالفأس ولبنان بكلّ مجده يسقط". وإرميا (22 :23) : "يا ساكنة لبنان التي صنعت من أرزه عشًّا لها، ثم تئنين حين يأتيك الوجع في مخاض كالتي تلد". إن الكبرياء المرتبطة بهذا اللقب تستدعي الشقاء. وسيأخذون أيضًا من خشب لبنان لكي يبنوا هيكل زربابل (عز 3 :7 : "ليأتوا بخشب الأرز من لبنان إلى يافا بطريق البحر، بعد أن أذِنَ كورش ملك الفرس لهم".
وأعطى لبنان للنصوص الشعرية في التوراة أجمل صورها. فأرزاته هي تارة رمز الكبرياء (إش 2 :13 : أرز لبنان العالي المرتفع)، وطورًا مثال الجمال (مز 92 :13 : "الصدّيق كالنخل يزهو، وكأرز لبنان ينمو". سي 24 :13 :" "ارتفعت كالأرز في لبنان "). مهابة لبنان ومجده هما موضوع انتقاد أو موضوع مديح. نقرأ في إش 33:9 : "الأرض تنوح وترزح، ولبنان يذوي من الخجل". وفي 35 :2 : "أوتيت (الأرض) مجد لبنان، وبهاء الكرمل والشارون". وفي 60 :13 يبشّر النبيُّ أورشليم : "إليك يجيء مجد لبنان، السرو والسنديان والشريين جميعًا، فيكون زينة لمقدسي". عطور لبنان تسكر النفوس. سيوله تبهج القلوب. وحيوانه المفترس يرعب البشر (نش 4:11-15؛ 2مل 14 :9). وينشد الشعراء خمر لبنان وأثماره وأزهاره. فيصوّر هوشع عودة الشعب إلى الله فيقول : "أكون لبني إسرائيل (أي مملكة اسرائيل في الشمال بعاصمتها السامرة) كالندى، فيزهرون كالسوسن ويمدّون جذورهم كلبنان. فروعهم تنتشر. يكون بهاؤهم كالزيتون، ورائحتهم كلبنان. يرجعون ويسكنون في ظلّي، فيُحيون كما في جنة، يزهرون كالكرم، ويكون صيتهم كخمر لبنان" (هو 14 :6-8). وراح نش 4:11 يقول في الخطّ عينه : "شفتاك (أيتها العروس) تقطران شهدًا، وتحت لسانك عسل ولبن، ومثل عبير لبنان عبير ثيابك" (رج مز 72 :16).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|