1) ارالو البابلي. عند البابليين، إله مثوى الاموات (ارالو) هو نرجال. يملك على القسم الرابع من الكون. ذاهبًا من الأعلى إلى الأسفل (في الاكادية : "كيغالوا" هي "الأرض الكبيرة" و"ارص لاتاري" أي أرض اللاعودة). إلى هناك ينزل الراقدون. وكوكب نرجال هو المشتري. وهو ليس وحده، بل هناك إلاهات الجحيم. "ارشكيغال"، "سيدة كيغالو". فهي التي جعلت من نرجال إله "ارالو". وهناك زوجات أخريات : لاآز، ما ميتوم (أحد اشكال عشتار). نرجال هو إله العدالة والقضاء. أما تحديد موضع مثوى الأموات، فنجده في ملحمة جلجامش، في نزول عشتار إلى الجحيم : موضع تحت الأرض، يقع في الجهة الأخرى من الاوقيانوس، من الغمر، الذي عليه يثبت الكون. ونصل إليها بطريقين : أو نذهب إلى الغرب الأقصى. أو ننزل في الأرض التي بلغ إليها جلجامش مستعينًا بقصبة طولها 60 ذراعًا ليعبر "مياه الموت". نجد صورة عن العالم السفلي في خبر نزول عشتار إلى الجحيم (رجال عقارب، صاحبة المقهى، أوتنفشتيم، شجرة الشباب، انكيدو بين الموتى).
2) الظلمة كما في فارس. في عالم زرداشت، ليس الجحيم النار. فالنار عنصر إلهي مقدّس. ما يقاسيه الأشرار هو الحرمان. تنقصهم النار، فيحسّون بالبرد والظلام.
3) الشيول في العهد القديم العبري. يشبه شيول التوراة شبهًا بعيدًا "ارالو" كما في العالم الأشوري والبابليّ. وكذا نقول عن "هاديس" في العالم اليوناني. ترد لفظة شيول قرابة ألف مرة. وهي تدلّ على الموضع الذي يطلب الموتى (رج ش ا ل، في العربية سأل) ليأخذهم إليه. "الموضع العميق" (ش ع ل في العبرية). "الأرض الخربة" (ش أ هـ" حيث لا حياة). وهكذا يبقى أصل الكلمة غامضًا.
كما أن الراقدين يقيمون قرب الأحياء، فالشيول يتماهى مع القبر (مز 88:12) أو مع بيت (أي 17 :13؛ 30 :23)، أو بيت الأبد (جا 12:5). وكانوا يتخيّلون الموتى أيضًا مجتمعين في شيول، هذا العالم السفلي (تحت الأرض) الذي منه لا يستطيعون أن يخرجوا (عا 9:2؛ مز 391:8؛ إش 7:11). وحده يهوه يستطيع أن يحدرهم إلى هناك ويصعدهم (1صم 2:6). ماذا يحدث في الشيول؟ هناك نظرات تختلف باختلاف النصوص : تزول كل لامساواة، لأنهم كلّهم يكونون في هذا المكان (أي 3 :19). وافترضت النصوص القديمة الإبقاء على التراتبيّة كما كانت على الأرض (كما في العالم المصري) (إش 14:9-18؛ حز 31:18). فالموت ظاهرة متشعّبة. ومصير الجثّة يلعب دورًا هامًا في الوصول إلى الشيول. هنا اختلاف مع التمثّلات المتأخرة التي تميّز أماكن مخصّصة للاخيار (الفردوس) وللاشرار (جهنّم). جميع فئات الموتى هم في هذين الموضعين. مع 1أخن 22:1؛ 103 :5-6؛ 4 عز 7:35، كان تطوّر في الفكرة. صار الشيول موضعًا مؤقتًا منه ننتظر القيامة والدينونة. وهو يتضمّن أقلّه نوعين من الأماكن : موضع السعادة (الفردوس)، وموضع (أو مواضع) العذاب من أجل الخطأة.
الشيول هو موضع الرقاد الذي لا نستيقظ منه. هو أرض لا نعود منها. هذا يعني انقطاعًا عن عالم الأحياء (أي 16 :22). موضع له أبوابه (أي 38 :17؛ مز 9:14؛ 710 :18، مثل هاديس) ومغاليقه (أي 17 :16). يتعارض مع مقام النور، وفيه تسود الظلمات (مز 88:13؛ أي 10؛ 21-22) والتراب (تك 3 :19؛ (مز 22:16؛ مز 104:29؛ أي 10 :9؛ جا 3:20، أو الغبار) الذي إليه يعود الموتى. يمكن أن يتألّموا من العطش (لو 16 :24). الشيول هو موضع الصمت والغياب (مز 88:13؛ جا 9:5-6). والميت يحسّ بعزلة عميقة.
مثوى الأموات لا يشبع. هو يطلب دومًا الأحياء (إش 5:14؛ أم 1:12؛ 27 :20). ويتماهى مع الهاوية أو الغمر الذي ترتكز عليه الأرض. يصوَّر تارة مثل موضع جفاف كبير ((مز 42:8؛ مز 71:20؛ 77 :17)، وطورًا تلعب فيه المياه دورًا معاديًا، مدمِّرًا (مز 68:23؛ 69 :3، 16؛ 88 :7-8؛ 107 :24). وخليقة الله الضعيفة (السريعة العطب) هي موضوع محاولة تدمير. غير أن الشيول لا يستطيع شيئًا ضدّ يهوه، الله الحيّ : فالله يستطيع أن يتدخّل في الشيول (عا 9:2؛ إش 17:11؛ مز 135:6؛ 139 :8-9). وقد يستعمل الشيول ليمارس دينونته التي لا يفلت منها أحد (مز 139:8-9). ولكن الله سيظهر بشكل تدريجيّ كذلك الذي يضع حدًا لهذه الحالة التي لا تطاق : فالموت سيدمَّر بشكل نهائيّ (إش 25:8). وسار هذا الرجاء مسيرته في كل العهد القديم. هو 6 :1-3؛ 13 :14 (استعيد في 1كور 15 :55)؛ حز 37:1-14؛ إش 53 :10ب ( إش 26 :19)؛ دا 12:2؛ مز 73:23-28؛ أي 19 :25-27. هذه النصوص تعلن دمار الموت واللا إنفصال عن الله الحيّ، وتحيط بشعلة الرجاء مختلف تقاليد العهد القديم، سواء كان الموت أمرًا عاديًا أو طبيعيًا، أو كان قوّة معادية.
4) هاديس في السبعينية وفي العهد الجديد. تُرجم شيولُ العبري في اليونانية السبعينية : هاديس (هايدس، الذي لا يُرى). هو لفظة دلّت في الديانة اليونانيّة على إله الموتى، ثم على مثوى الأموات. ونقول الشيء عينه عن العهد الجديد حيث هاديس هو "نزل" (أف 4 :9)، تجاه السماء (مت 11 :23 لو 10 :15؛ رج الغمر في رو 10 :6-7). في لو 16 :23، يتضمّن هاديس حضن ابراهيم أي مقام الأبرار. وبقي من النظرة الشرقيّة القديمة إلى الجحيم التي تصوّر كمدينة يُسجن فيها البشّر، عبارة "أبواب الجحيم" (هاديس) أي قوّة الموت (رج إش 38:10؛ أي 38 :17؛ عز 9:14؛ حك 16 :13) : حسب مت 16:18، لا تستطيع أبواب الجحيم أن تحتفظ في الموت أولئك الذين يخصّون المدينة المسيحانيّة. وفي رؤ 1:18، يمسك المسيح مفاتيح الموت وهاديس (الجحيم). لهذا تشكلّ "آلام ولادة الموت" في أع 2:24، العلامات السابقة للقيامة، لأن الربّ لا يترك الحياة للموت (أع 2:27، 31). وشُخّص هاديس في رؤ 6:8 حيث يتبع الحصان الأخضر، وفي رؤ 20:13 (رج 1كور 15 :55 حيث تقرأ بعض المخطوطات "هاديس" بدل "الموت). في اليوم الأخير، يُلقى الموتُ وهاديس في مستنقع النار.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|