الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية: مدرسة الاسكندرية


المسيحي مؤشر موسوعة إلكترونية

نذكر الشرّاح الذين يرتبطون بهذه المدرسة : ديونيسيوس الاسقف (248-249، 264-265) الذي شرح سفر الجامعة وانجيل لوقا. وردّ في كتابه "المواعيد" على التعليم الالفي (حكم المسيح ألف سنة)، وأعطى تفسيرًا صوفيًا لسفر الرؤيا واعتبر أنه ليس من تأليف يوحنا.

وكان اوسابيوس القيصري تلميذ بمفيليس الذي تبع تعليم اوريجانس. استلهم تأويلُه تأويلَ معلّم الاسكندرية، وإن يكن اتجاهه التاريخيّ جعله يرفض بعض الإفراط في اللجوء إلى الاستعارات. وهكذا عرف انجذابًا بين اتجاهين، الاتجاه التاريخي والاتجاه الاستعاري. فسّر المزامير وانجيل لوقا ونبوءة اشعيا. وفي "أسئلة وحلول" حول الأناجيل، عالج التعارضات الظاهرة في الاخبار الانجيليّة حول موعد المخلّص وآلامه وقيامته.

أما العمل التفسيري للقديس اثناسيوس، فلم يبق منه إلا أجزاء من عرض للمزامير. توسّع هذا التفسيرُ بشكل خاص في المعنى الأدبي والروحي لكل مزمور. وفي مقال وجّهه إلى مرسلينوس حول "تفسير المزامير"، أعطى نصائح حول الطريقة التي بها نقرأ المزامير وندرسها، مشدِّدًا على تطبيقها على مختلف ظروف الحياة

وفسّر ديديمس الأعمى ( 398) عددًا كبيرًا من الأسفار البيبليّة. ضاعت تآليفه التفسيريّة، ما عدا أجزاء نجدها في السلسلات التفسيرية. لجأ ديديمس، شأنه شأن أوريجانس، إلى الاستعارة. وبحث في تفسيره للعهد القديم عن المعنى الروحي للكتب. أما تفسيره للعهد الجديد فكان حرفيًا، وإن يكن من الصعب أن نقول إلى أيّ حدّ يرفض المعنى التاريخيُّ الاستعارةَ.

وارتبط الآباء الكبادوكيون بمدرسة الاسكندرية، غير أن كلاً منهم فسّر الكتاب المقدس بحسب عبقريّته الخاصة، جاعلاً للاستعارة مكانة كبيرة أو صغيرة. كان باسيليوس رجل عمل وتدبير، فلم يفسّر الكتاب من أجل التفسير، بل من أجل التعليم الذي يتضمّنه، والذي يمكن أن يطبَّق على حاجات النفس بشكل مباشر. حارب في "عظاته على الأيام الستة" نظرية الاستعارة، ولكنه توخّى من ذلك ابراز عظمة عمل الله. والعظات حول تفسير أشعيا تدلّ على ذات الاتجاه الاخلاقيّ. فالكتب المقدسة هي في نظر باسيليوس إطار من أجل تعليمه ونصائحه للمؤمنين.

أما غريغوريوس النازينزي فلم يفسّر الكتب المقدّسة إلا بطريقة عابرة، خلال عظة أو في رسالة. غير أن غريغوريوس النيصي يبدو مفسّرًا حقيقيًا وقد أخذ بدون تردّد بمبادئ الاستعارة العامّة. ترك لنا كتاب "الأيام الستة" الذي يكمّل عمل باسيليوس ويبرّر مواقفه. وكتابًا حول خلق الانسان، و"حياة موسى"، ومقالات حول عناوين المزامير، وعظات على سفر الجامعة ونشيد الاناشيد والتطويبات والصلاة الربيّة. إن غريغوريوس النيصي منظّر من الطراز الاول، وهو يفسّر الكتب المقدّسة بالنظر إلى متطلّباتها في الحياة الصوفيّة.

وآخر ممثّل لمدرسة الاسكندرية هو كيرلس ( 444). ففي "العبادة في الروح والحق" وفي "تفاسيره الانيقة" (غلافيرا)، دلّ على أن العهد القديم هو صورة العهد الجديد. وأن العبادة اليهوديّة تنبئ بالعبادة الروحيّة التي يؤديّها المسيحيون لله. وفي شروحه لأشعيا والانبياء الصغار والقديس يوحنا (وهي ما بقي لنا من نتاج تفسيري كبير كهذا)، فهو يبقى أمينًا للاسلوب الاستعاري.

أما أسلوب التفسير في مدرسة الاسكندرية، فهو يجعل ثلاثة معانٍ مختلفة للكتاب المقدس، لا يستبعد الواحد الآخر، بل يقوم الواحد على الآخر : المعنى الجسدي أو التاريخي. المعنى النفسي أو الادبي. المعنى الروحي أو الاستعاري (جسد، نفس، روح. أو : حرف، عقل واحساس، معنى روحي). يبدو المعنى الادبيّ قريبًا جدًا من المعنى الروحي بحيث لا نستطيع بعض المرات أن نميّز بين معنى وآخر. وهكذا يبقى أمامنا معنيان : المعنى الجسدي، الحرفي، التاريخيّ. والمعنى الروحي. قد يكتفي المؤمن العادي بالمعنى الاول ولا يحاول أن يبحث عن خفايا الله. المعنى الجسدي هو معنى أراده الروح حقًا مع استثناء الحالات النادرة التي يجب أن يُرذل فيها. ولكن هذا المعنى لا يكفي "الكمّال" الذين يذهبون أبعد من الحرف ليكتشفوا مدلولاً أعمق. ويرى اوريجانس في هذا المجال، أن الكتاب المقدس هو استعارة واسعة تحتاج إلى من يفسّرها، يشرحها، يلقي الضوء عليها. فكما أن عالم الطبيعة هو صورة عن عالم الروح، كذلك يختفي وراء حرف الكتب المقدّسة معنى عميقٌ حُفظ للطالبين طريق الكمال. فالاعداد وأسماء العلم هي موضوع بحث للمفسّرين. وهذا الاسلوب كان قد بدأ به فيلون الاسكندراني.

مدرسة الاسكندرية تشدّد على الاستعارة، وقد تكون أفرطت في استعمال هذا النهج. لهذا برزت مدرسة أنطاكية فشدّدت على المعنى الحرفي للنصوص المقدسة. ولكن يجب أن لا ننسى أن الاستعارة عند اوريجانس وتلاميذه لا تنفي المعنى الحرفيّ بل تعتبره نقطة انطلاق وأساسًا متينًا.







الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

God Rules.NET
Search 100+ volumes of books at one time.