نظام اسرائيلي يتوخّى حماية القاتل عن غير عمد، ضدّ انتقام الدم. بعد انقسام أرض الموعد (يش 13-19)، نفَّذ يشوع فرائض موسى (عد 35:9-34؛ تث 4:41-43؛ 19 :10-13)، فعيّن ست مدن ملجأ : قادش، شكيم، حبرون، في غربي الأردن. باصر، راموت، جولان، في شرق الاردن (يش 20:1-9). هذا الفصل الذي هو ملحق لسجلّ مساحة القبائل (يش 13-19)، يدلّ على أنه مركّب من عدّة عناصر، بحيث لا نقدر أن نستخلص منه استنتاجات تاريخيّة قديمة. من المعقول أن يكون النصّ وُجد في شكله الحاليّ ( آ6، 9)، في زمن ما بعد المنفى، بيد المدوّن الكهنوتي الذي ترك لنا عد 35، مع انطلاق من عناصر قديمة. إن لائحة المدن ( آ7-8) التي لم تكن اسرائيلية كلها إلاّ في بداية الملكيّة، قد تعود إلى زمن سليمان. بعد موته، خسر بنو اسرائيل منطقة جولان. وحوالى سنة 850، احتل موآب باصر. وسائر المدن (ما عدا حبرون) صارت أشورية بين سنة 734 وسنة 722. اذن، قد يعود هذا التشريع في نواته ( آ7-9آ ) مع واجب البحث المفروض على سلطات مدينة الملجأ (آ4)، إلى عهد سليمان.
توخّى هذا النظام حماية القاتل عن غير عمد، وهذا ظاهر في شرعة العهد (خر 21:13-14) التي تستلهم بلا شكّ الشرع القديم حول اللجوء إلى المعبد (كما في كنعان)، وتُكيّفه حسب متطلّبات العهد (خر 20:13؛ 21 :12) : وحده القاتل عرضًا يستطيع أن يلجأ إلى الموضع الذي حدّده الرب (في السياق : المعبد). أما القاتل عمدًا فيُنتزع من المذبح ويُقتل. من المعقول أن يكون هذا التشريع قد طبّق في اسرائيل حتى نهاية حقبة القضاة. ولكننا نفهم أن الملك القويّ (مثل شاول وداود وسليمان) عارض حقّ اللجوء هذا الذي يحدّ من سلطته ويحمي أعداءه ((1صم 19:18-24؛ 1صم 22:9-19؛ 1مل 1 :50-51؛ 2 :28-31). وفي الوقت عينه عمل الملوك على تنظيم العدالة. ويمكن أن تكون مدن الملجأ (التي أُحصيت بين المدن اللاويّة، يش 21 :13، 21، 27، 32، 36، 38) قد مثَّلت في البدء مجهودًا لتنظيم حقّ اللجوء، فقلّلت من عدد المعابد المميّزة. في هذا المنظار الذي ركّز العبادة في أورشليم (تث 12)، لا يلمّح تث إلى المعبد، بل يشير فقط إلى "المدينة" التي يقدر القاتل أن يهرب إليها ويقيم فيها إن مرّ أمام محكمة "شيوخ المدينة" فاعتبروه بريئًا (19 :1-13). نسب المدوّن الكهنوتي إلى سفر العدد هذا الحكم للجماعة الدينيّة (ع د هـ، عد 35:24-25؛ يش 20 :6، 9)، وفرض على القاتل بغير عمد الإقامة الجبريّة في المدينة حتّى موت عظيم الكهنة (هذا الموت يشكل عفوًا عامًا. كفّر عظيمُ الكهنة بموته عن خطايا شعبه) (عد 35:25-29؛ يش 20 :6). وامتدّ هذا التشريع فتطبّق على الغريب والنزيل (عد 35:15؛ يش 20 :9).
نقصتنا المعطيات فلا نستطيع أن نقول كيف طُبّق هذا التشريع. إن تث 19 وعد 35 اللذين لا يسمّيان هذه المدن، يقدّمان شرائع مثاليّة : أما عادة طلب ملجأ في معبد من المعابد، فقد ظلّت معروفة حتى الحقبة الهلنستية (نح 6:10-11؛ 1مك 10 :43؛ 2مك 4:33-35).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|