لا نجد كلمة "مكابيين" في الأدب الرابينيّ. يسمّي فلافيوس يوسيفوس متتيا وأبناءه "الحشمونيين".
أولاً : كان لمتيا خمسة أبناء يذكرهم 1مك 2 :2-5 : يوحنا، العازار. لعبا دورًا ثانويًّا. هاجم البدو يوحنا وكان يحاول أن يضع العُدّة في حماية الانباط. فقُتل بعد يهوذا بقليل (1مك 9:35-38). وسقط العازار في معركة بيت زكريا. خاطر بحياته ليقتل الفيل الذي ظنّه يحمل انطيوخس الخامس (1مك 6:43-46). أما الثلاثة الباقون فتوالوا على قيادة الثورة ضد السلوقيين.
1) يهوذا (166-161). بعد موت متتيا، نظمّ يهوذا الثورة اليهودية في المصفاة بحيث استطاع أن يحارب السلوقيين بجيش منظَّم. انتصر سنة 166-165 قرب عماوس على ضبّاط ليسياس، وفي سنة 165-164 هزم ليسياس نفسَه قرب بيت صور. هذا النصر الأخير أتاح له أن يدخل اورشليم (ما عدا القلعة : اكرا)، وأن يعيد شعائر العبادة اليهودية إلى ما كانت عليه من قبل. ولكن قام ليسياس بحملة ثانية فانتصر في بيت زكريا (163-162)، ولكن لم يتغيَّر الوضع على الارض. توقّف ليسياس عن الحرب بسبب صعوبات برزت في سورية. فمنح اليهود حريّة العبادة. وهكذا وصل يهوذا المكابي بثورته إلى هدفه الاول. لقد كان إلى اليوم يحارب من أجل الحرية الدينية. وبدأ سنة 164 الحرب لاقامة سلطة يهودية تمتد على الممالك القريبة. وحاول أن يقيم سلطته الخاصة كرئيس حزب وطني ضد الحزب الهليني الذي يتعاون مع السلوقيّين (رئيس الكهنة الكيمس). وجاءت حملة سلوقيّة لمعاونة الهلينيين ففشلت (قرب عداسة. ضد نكانور سنة 161). بعد هذا قطع يهوذا عهدا مع الرومانيين (معاهدة صداقة). ولكن المساعدة الرومانية جاءت متأخرة. فمات يهوذا في معركة لاشع (161 ق.م.). فخلفه اخوه يوناتان كرئيس الحزب (1مك 5 :1-9 :22؛ 2مك 12-15).
2) يوناثان (161-142)، سقطت قوة الحزب الوطني بسبب الهزيمة العسكرية، بحيث إن يوناثان أجبر على التراجع إلى مكماش. ولكن يوناثان استطاع بين سنة 160 و153 ان يستعيد مهابته ويربح محازبين في الشعب. ثم ان السلوقيّين انشغلوا في حروب الخلافة، فلم يقدروا أن يرسلوا قوّات إلى اليهودية. بل ان الطامحين إلى العرش كانوا يطلبون رضى المكابيين. فاستفاد يوناثان من الوضع ليحصل على تنازلات. في سنة 153، عيّنه اسكندر بالاس رئيس الكهنة. وهذا يعني أن السلوقيين تخلوا عن الحزب الهليني الذي لم يعد له أي تأثير على مسيرة الامور. وفي سنة 150 سمِّي يوناثان قائدًا حربيا (ستراتيجوس) وقائدا مدنيا على اليهودية. وهكذا وصل المكابيون إلى هدف آخر : ان تكون لهم السلطة كلها على اليهودية. وفي سنة 147، تسلم يوناثان عقرون، وفي سنة 145، تخلى له ديمتريوس الثاني عن المقاطعات السامرية في افرايم، لدة، رمتايم، وعفاها من الجزية. وثبّت هذه التنازلات انطيوخس، خصمُ ديمتريوس الثاني وخليفة تريفون. ثم عيِّن سمعان، اخو يوناثان، ستراتيجوس على منطقة فلسطين الساحلية. وساند يوناثان تريفون في صراعه ضد ديمتريوس الثاني، ولكنه لم ينس مصالحه الخاصة. فأحسّ تريفون ان يوناثان صار قويا. وما ان سمحت الحالة في أنطاكية حتّى انقلب عليه. اجتذبه إلى الفخ وقتله (142). فخلف يوناثان أخوه سمعان (1مك 9 :23-10 :30).
3) سمعان (142-135). تحزَّب سمعان لديمتريوس شرط أن يعترف باستقلال اليهودية السياسي (هذا هو هدف المكابيين الثالث). فمنح ديمتريوس البلاد كلها عفواً من الضرائب. وبهذا الاجراء، صارت اليهودية مستقلة من الناحية العملية، واستطاعت أن تتبنّى كرونولوجيا خاصة بها (143-142). ولكن سمعان أُجبر على تثبيت موقفه ضد قوى تريفون التي ظلت في البلاد. فطرد الحامية من قلعة أورشليم (142)، واحتل يافا وجازر وبيت صور. وكان موقف المكابيين من القوة، بحيث ثبّت الشعبُ اليهودي الالقاب التي أخذها سمعان من السلوقيّين. وفي سنة 141 صدر قرار من الشعب يعيِّنه ستراتيجس واتناركا إلى أن يأتي نبي يُوثق به (1مك 14 :41) : بهذه الطريقة وصلت سلالة الحشمونيين إلى الحكم واعترف بها الرومانيون. وكانت محاولة اخيرة للسلوقيّين (انطيوخس الثامن) ليفرضوا سلطتهم بقوة السلاح (حملة كندبيس) ففشلوا. قُتل سمعان بيد صهره. وخلفه ابنه يوحنا هرقانوس (1مك 13 :61-16 :22).
مكابيين (سفرا الـ) منذ القرن 2 ب.م. يعرف الكتَّاب الكنسيون سفرين قانونيين باسم المكابيين (لقب البطل الرئيسي : يهوذا المكابي). موضوع هذين السفرين : الصراع بين العالم اليهودي والعالم الهليني، الحرب التي فرضها على الشعب اليهودي ملكُ أنطاكية، انطيوخس الرابع، بإيعاز من الاوساط الهلينية في اليهودية. السفران لا يتتابعان كما هو الحال في كتاب صموئيل وكتاب الملوك وكتاب الاخبار. كل واحد من السفرين يصوّر الحقبة التاريخية عينها. 1مك من سنة 175 إلى سنة 135؛ 2 مك من سنة 175 إلى سنة 161 ق.م.
أولاً : سفر المكابيين الاول
(أ) اللغة. بقي لنا 1مك في اليونانية، ولكن اوريجانس وايرونيموس عرفا نسخة سامية. وهناك إشارات لغوية تدل على أن النص اليوناني نُقل عن الارامية او بالاحرى عن العبرية. استعمل يوسيفوس 1مك وصحّح لغته، وهذا يعني أنه وصل إلى الأصل العبري. ثم ان الكتاب التقويّ (كتاب ضاع. هو أساس ما كتبه يوسيفوس) الذي ألّفه المؤرخ يوسيفوس في العبرية، عاد إلى العبرية في المقاطع التي يرتبط فيها مع 1 مك. هناك نصوص عبرية اكتشفت، ولكنها في الواقع ترجمة عن اللاتينية.
(ب) التصميم والمضمون. يفتتح الكاتب تاريخه بدبتيكا : يجعل أمامنا من جهة عمل الكافر انطيوخس الرابع والهلينيين (ف 1)، ومن جهة ثانية عمل متتيا وأتباعه (ف 2). بعد هذا نقرأ ما فعله يهوذا (3 :1-9 :22)، ما فعله يوناثان (9 :23-12 :54)، ما فعله سمعان (ف 13-16).
(ج) الكاتب.
1) وحدة الكتاب. شكّ بعضُ العلماء بوحدة الكتاب، وقالوا إن مقاطع زيدت فيما بعد مثل ف 8؛ 10 :22-47؛ 12 :1-23... واستندوا إلى ان يوسيفوس رجع إلى 1مك ثم تركه وارتبط بمرجع أقصر. ولكن تبيّن ان الكتاب واحد، وأن كاتبه واحد. ولكنه لم يكمل كتابه.
2) المراجع. احتفظ 1مك بعدد كبير من الرسائل والوثائق (5 :10-13؛ 8 :23-32؛ 10 :18-20؛ 11 :30-37؛ 12 :16-18، 20-23؛ 13 :36-40؛ 14 :20-23، 27-45؛ 15 :2-9، 16-21). وإن نصّ هذه الوثائق يتوافق وعادات الدبلوماسيين في ذلك الوقت ونتائج الابحاث التاريخية عن ذلك الزمن. إذًا هي وثائق صحيحة. وبما أنها كلها (ما عدا 12 :20-23) مرسلة من اليهود إلى الغرباء ومن الغرباء إلى اليهود، استطاع الكاتب أن يعود إلى أرشيف بلاده (14 :49؛ 2مك 2 :13). واستطاع الكاتب أن يصل إلى الارشيف السلوقي ولا سيما كرونيكة ملوكية عن السلوقيين. واستقى من "حياة يهوذا" ومن الحوليات اليهودية ما يتعلّق بيوناتان وسمعان.
3) التاريخ. بما أن ف 8 يدل على تعاطف مع الرومانيين، فهذا يعني أن 1مك دوِّن قبل سنة 63 ق.م. (حين احتل بومبيوس اورشليم). ثم إنّ 13 :30 لا معنى له الا اذا كان الكاتب يدوّن كتابه بعد سنة 143 ق.م. بزمن طويل (السنة التي فيها شيّد نصب مودين). أمّا عبارة 16 :23ي المأخوذة من كتاب الملوك، فهي تفترض أن يوحنا هرقانوس (135-104) قد مات. وبما انه ليس هناك ما يدفعنا إلى العودة إلى الوراء، نقول ان 1مك نُشر حوالي سنة 100. وزمن النشر لا يختلف كثيرا عن زمن التدوين (هذا إذا نسبنا 16 :23ي لا الى الكاتب الذي عاجله الموت فلم يكمل عمله، بل إلى الناشر). فصيغة 16 :22 تدل على ان الكاتب نوى أن يتابع خبره. هذا يفترض أنه مضى عليه بعض الوقت ليستطيع ان يحكم على الأحداث من بعيد.
4) الكاتب. لم يحتفظ لنا هذا السفر باسم الكاتب. اذا عدنا إلى الكتاب نعرف أنه يهودي مثقّف من اورشليم عارف بجغرافية فلسطين، قريب من التاريخ الاسرائيلي والتاريخ السلوقي. استطاع أن يصل إلى أرشيف الدولة، فأقام علاقات وثيقة مع الرؤساء السياسيين في اليهودية. كان معجبا بسلالة الحشمونيين (مثلا 5 :62) ففرح لنجاحها. استفاد من التوراة ولكن كان له أسلوبه الخاص في عرض الأحداث، وهكذا ترك العنان لعواطفه (1 :25-28، 36-40؛ 2 :7ب-13، 44؛ 3 :3-9، 45؛ 7 :17؛ 9 :41؛ 14 :4-5)
(د) الفن الأدبي والقيمة التاريخية. يعتبر 1مك أن المكابيين هم أناس أوكل إلى أيديهم خلاص اسرائيل (5 :62). فموقف الكاتب ليس ذلك الناقد، بل صاحب الدعاية. في نظره، يمثّل الحشمونيون ممارسة شريعة الآباء وعاداتهم ويكفلونها. لهذا فالذين يحاربونهم هم "جوئيم" وثنيون وأبناء الشيطان. ويجعل في فم يهوذا ويوناتان صلوات وخطبًا تدل على شرعية الثورة بل على واجب التمرّد المقدس. ويُبرز بطولة المكابيين في صراعهم ضد الوثنيين، والبركة الالهية التي ينعمون بها، فينسب إلى جيش الأعداء أرقامًا مضخّمة. في نظره، ثورة المكابيين هي حدث عالمي، لهذا فهو ينظر إلى سياسة السلوقيين في الإطار عينه (1 :41-43؛ 3 :27-31؛ 6 :5-13)، ويشدّد على انتصارات ابطاله، ويحاول أن يخفي هزائمهم (6 :48-54). قدّم مؤلَّفًا متوازنًا، فقلّد مؤرّخي اسرائيل في اللغة والعبارات. لسنا هنا أمام تاريخ بالمعنى الحصري. إلا أننا لا نقدر أن نشكّ بدقة الخبر الجوهرية (هذا ما يفرضه هدف الكتاب، والا فما هي قيمته؟). فدقّة المعلومات الطوبوغرافية والاركيولوجية، ورواية الاحداث بطريقة حية غير مصطنعة، ووضعُ هذه الاحداث في إطار تاريخ الشرق الأدنى القديم، كل هذا يشهد على الطابع التاريخي. وقد كفل الكاتب هذا الطابع اذ لم يجعل احداث كتابه في إطار فكر ضيّق.
(هـ) القيمة الدينية. قال بعضهم : انه كتاب تاريخ وحسب، ولا قيمة دينيّة له. ويثبت هذا الحكم في أن اسم الله لا يرد في 1مك. ولكن لا ننسى أن العالم اليهودي المتأخّر يحيط الخالق باحترام دقيق ويتحاشى التلفّظ باسمه. غير أن كاتب 1مك مقتنع أن يهوه الذي يسمّيه السماء (3 :18-19، 50، 60؛ 4 :10، 40؛ 9 :46؛ 12 :5؛ 16 :13) أو يدل عليه بالضمير (2 :61؛ 3 :22، 53؛ 16 :3)، يمسك بيديه مصير الشعوب. لهذا يسمّيه مخلص اسرائيل (4 :30؛ (رج 2:61؛ رج 3:19؛ 12 :15؛ 16 :13). وليست الصلاة بغائبة من الكتاب (3 :46-54؛ 4 :10-11، 30-33؛ 7 :37-42؛ 9 :46؛ 11 :71؛ 12 :11). ولكننا لا نجد الاتصال الوثيق بين الله والانسان كما في خبر الآباء والأنبياء. غير أنّ كل هذا لا يشكل موضوع التعليم الذي أراد الكاتب أن يحمله إلى معاصريه. لقد أراد أن يبيّن لهم من خلال تاريخ المكابيين، أن الغيرة من أجل الشريعة، وممارسة فرائض الله ممارسة أمينة، تقودان إلى السعادة والازدهار (14 :4-5). 1مك هو اذا تحريض من اجل سخاء أكبر. وينظر الكاتب إلى هذه السعادة من الوجهة المادية حسب تفكير العهد القديم (انتظار الخلاص). ولكن يهمّنا أن نلاحظ أن الكتاب يهيّئ من هذا القبيل نموَّ الايمان اليهودي اللاحق.
ثانيا : سفر المكابيين الثاني
(أ) التصميم. يبدأ 2مك برسالتين (1 :1-10أ و1 :10ب-2 :18) تدعوان يهود مصر إلى الاحتفال بتدشين الهيكل، وبمقدمة قصيرة (2 :19-32). يتضمّن الخبرُ بحصر المعنى قسمين، وينتهي كل قسم بموت أحد مضطهدي اليهود وبتنظيم عيد. يبدأ القسم الأول (3 :1-10 :8) بخبر حماية الهيكل العجيبة (ف 3). هنا تأتي مؤامرات رئيسَي الكهنة الهلينيين ياسون ومنلاوس، وتنتهي بتدنيس الهيكل على يد انطيوخس الرابع (ف 4-7). وينتهي هذا القسم بخبر انتصار العالم اليهودي على العالم الهليني. ويورد القسم الثاني (10 :9-15 :40) صراع يهوذا ضد الشعوب المجاورة (10 :9-38)، وانتصاراته على قوّاد انطيوخس الخامس (11 :1-13 :26)، وحربه ضد ديمتريوس الاول. وينتهي هذا القسم بخبر الانتصار على نكانور سنة 161 (ف 14-15).
(ب) الكاتب. نجهل اسم الكاتب الذي دوّن مؤلَّفه في اليونانية، والذي أعلن (2 :23) أنه لخّص مؤلفاً في خمسة أجزاء دوّنه ياسون القيريني. فياسون هذا كان من الشتات القيريني، وكانت هناك جماعة يهودية مزدهرة. كان ياسون رجلاً مثقفًا على الطريقة الهلينية، وعارفًا بالادارة السلوقية وموظَّفيها وألقابهم. لا يتحدّث الكاتب عن موت يهوذا (161 ق.م.)، ويقول إن أورشليم ظلت في يد اليهود (15 :37) بعد ان احتلّها يهوذا (165) مع أنهم فقدوها قبل موت يهوذا بزمن قليل. هذا يعني أن ياسون ألَّف كتابه قبل سنة 161 . ولكن هذه النتيجة ليست مقنعة، لأن الأحداث التالية لم تكن مهمة بالنسبة إلى الهدف الذي وضعه ياسون أمام عينيه. ثم إن هذا التاريخ يصطدم بواقع وهو أنّ التأليف قريب جدا من الاحداث. بالإضافة إلى ذلك، هناك مقاطع تشير إلى ما بعد هذا التاريخ (10 :32-38 : احتلال جازر تم سنة 142، 12 :2-9، 40). ولكن هذه المقاطع قد تكون من وضع المؤلف او الملخِّص. فاذا كانت رسالة 1 :1-10 قدمت مناسبة للملخِّص، فهذا يعني ان الملخّص يعود إلى سنة 124 ق.م. شأنه شأن الرسالة.
(ج) الفن الأدبي والقيمة التاريخية. جمل طويلة، خطب رنّانة، أرقام مضخّمة، أقوال قاسية ضد أعداء أرثوذكسية اليهود، كل هذا يجعلنا في إطار التاريخ العاطفي الذي يعمل ما في وسعه ليؤثّر على المخيّلة والقلب. كان هذا الفن معروفًا لدى الأوساط الهلينية. فالكاتب يحبُّ المعجزات والرؤى السماوية. ولكن المقابلة بين 1مك و2مك تدل على ان الواحد مستقل عن الآخر. غير أنّ هذا لا ينفي القيمة التاريخية في 1مك، كما في 2مك الذي اتّبع طريقته الخاصة لتنظيم خبره.
(د) القيمة الدينية. دوِّن 2مك بروح دينية، فهدف إلى التأثير على قرّائه في عالم التقوى. هو يدعو الله بكل الاسماء التي عرفها العهد القديم. ويزيد ابيفانيس كيريوس (15 :34) أي الرب الذي يظهر في المجد. إن في هذه التسمية ردّة فعل ضد اللقب الذي اتخذه انطيوخس الرابع لنفسه (ابيفانيوس). هذا الاله قريب، وهو دومًا مستعد ليستجيب مؤمنيه. اذا كان 1مك قد شدّد على أهمية المجهود الشخصي للانسان ليصل إلى السعادة، دون أن ينسى ضرورة الصلاة ليؤمّن مساعدة السماء، فإن 2مك يشدّد على الوجهة الثانية (اي الصلاة). والحياة بعد الموت تحتلّ مكانة هامة في تعليم الكتاب (ف 7؛ 14 :46). وإنّ الموتى يستطيعون أيضًا أن يشفعوا بالأحياء (15 :11-16) كما ان الأحياء يستطيعون أن يساعدوا الموتى بصلواتهم.
ثالثا : 1 و2مك هما سفران من الاسفار القانونية الثانية. وهناك ابوكريفان. يُسمَّى الاول : 3مك. والثاني : 4مك.
(أ) يروي 3 مك كيف أن بطليموس الرابع فيلوباتور (221-203) جمع كل يهود مصر في ملعب الاسكندرية لتسحقهم فيَلٌ سكرى. ولكنهم نجوا بصورة عجائبية. ويتحدث 3مك عن اضطهاد اليهود وعن محاولة فيلوباتور لدخول قدس الاقداس في هيكل اورشليم (رج خبر هليودورس في 2مك 3). عرف 3مك الزيادات اليونانية في دانيال (ق دا 3:47-50 مع 3مك 6 :6). لهذا لم يؤلَّف 3مك قبل نهاية القرن 2 ق.م. ثم إنّ التشديد على مناعة الهيكل يدل أننا قبل سنة 70 ق.م. هذا الخبر العاطفي المليء بالمغالاة واللامعقولات السيكولوجية، قد تكون له نواة تاريخية (رج فلافيوس يوسيفوس).
(ب) 4مك هو عمل تعليمي عُرف بعنوان العقل السامي. إنه يعالج بشكل خطبة تسلّط العقل (تقوده التقوى) على الشهوات والرغبات. ويأخذ الكاتب براهينه من 2مك (شجاعة اونيا، استشهاد اليعازر والاخوة السبعة). دوِّن الكتاب في بداية المسيحية على يد كاتب نجهل اسمه.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|