كانت معابد الشرق الاوسط القديم أماكن إليها يلجأ رجال السياسة، أناس تلاحقهم العدالة، فقراء وأرامل وأيتام. كلهم جاؤوا ليعيشوا في حمى الاله. وكان الله "يرزقه طعامًا وكسوة" كما يقول تث 10:18 بالنسبة إلى اللاجئ (ج ر). وهناك بعض العبارات في المزامير، تلمّح إلى هذه الوظيفة في الهيكل حيث يجد الانسان ملاذًا من الأعداء : يقيم فيه الانسان بأمان (مز 27:2-5). يظلّله جناحا الرب (مز 61 :4ي). ولهذا، فإن أدونيا الذي تطلّع إلى خلافة داود فصار العدو السياسيّ لسليمان، طلب ملجأ في المعبد حين عرف بأن خصمه قد مُسح ملكًا (1مل 1 :50-53).
ولكن الشرير لا يستطيع أن يجد له ملجأ في الهيكل (مز 5:5). وبحسب المبدأ الذي نجده في خر 21:14، القاتل عمدًا يُقتلع من عند المذبح ويُقتل. لهذا، لم يستطع يوآب الذي قتل أبنير وعماسا ((2صم 3:26-27؛ 2صم 20:9-10؛ 1مل 2:5-6)، أن يحتمي في الهيكل، فقُتل هناك بعد أن رفض أن يخرج (1مل 2 :28-31). مقابل هذا، فالذي اقترف قتلا غير متعمّد، يستطيع أن يلجأ إلى المعبد (خر 21:13) ليُفلت من انتقام الدم.
وقد توخّى التشريع حول مدن الملجأ (عد 35:9-34؛ (تث 4:41-43؛ تث 19:1-13؛ يش 20:1-9) أن يعطي نظام الملجأ أساسًا ثابتًا، مع تنظيم ممارسة انتقام الدم. فهو يفترض أن القاتل وحده يستحقّ الموت، لا أحد أقاربه. ويحدّد المدن التي يستطيع القاتل غير المتعمّد أن يلجأ إليها حتى وفاة عظيم الكهنة. في ذلك الوقت ينتهي حقّ منتقم الدم.
إن النصوص التي تصوّر هذا النظام تبقى صعبة. والمدن الست الملجأيّة التي يذكرها يش 20:1-9، سنجدها في يش 21 :11، 21، 27، 36، 38. رج 1أخ 6) على أنها مدن لاويّة. إذن، لا بدّ من أن نتساءل : أما كان اللاويون في الاصل يعيشون في هذه المدن المقدّسة في حماية الله قبل أن يتحوّلوا إلى غيورين على عبادته؟ فجدّ اللاويين هو قاتل (تك 49:5-7) ولاجئ لا موطن له (تث 33 :9أ). هل بقيت مدن ملجأ بعد المنفى؟ كلا، على ما يبدو. وملاحظات فيلون الاسكندراني (أسئلة في التكوين 3 :52؛ شرائع خاصة 323 :311) يجب أن تُفهم انعكاسًا لواقع معاصر، لا بناء أدبيًا يدلّ عليه وجود نظام الملجأ في المعابد الهلنستية.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|