1) الالفاظ. إن "خاريسما" اليونانية تدلّ على العطية. لا نجد هذه اللفظة إلاّ في الرسائل البولسية (16 مرة) وفي 1بط 4:10 . إن "خاريسما" تتميّز عن النعمة (خاريس)، لا لأنها عطيّة مجانيّة، بل لأنها لا تعمل عمل التقديس الذي تقوم به النعمة. نستطيع أن نحدّد "خاريسما" عطيّة مجانية، علويّة (فائقة الطبيعة)، عابرة، تُعطى من أجل الخير العام لبناء جسد المسيح. ليست الموهبة مفروضة من أجل الخلاص على مثال النعمة المبرّرة، المقدسة. لهذا يقول لنا بولس الرسول إن الله يوزّع عطاياه لكل واحد كما يشاء (1كور 12 :11). هذا لا يمنع أننا نستطيع أن نطلبها في الصلاة. قد تستطيع الموهبة أن تتطعّم على صفة طبيعيّة. عندئذ تطلب إلهامًا خاصًا من الروح القدس (1كور 14 :22). والروح يُعطي المواهب ويأخذها كما يشاء. هذا هي أهم علامة للكارسمة : تُعطى لخير الجماعة التي ينتمي إليها من ينعم بالموهبة " للخير العام" (1كور 12 :7)، ولبنيان جسد المسيح (أف 4 :12؛ 1كور 14 :4).
2) اللاهوت. أولاً : الرسائل البولسية. ترى 1كور 1 :7 أن العطيّة الاساسيّة هي التعليم المسيحيّ الذي ناله الجميع. وهذه العطيّة هي الدعوة المسيحيّة. فكلهم بلا استثناء قد نالوها. إذن، لا تنقص المواهب لأي شخص كان. ومعنى كارسمة هو واسع جدًا هنا، ويتضمّن سائر المواهب كلها. ولكن من الاهميّة بمكان أن يكون بولس استعملها منذ بداية رسالته، لأنها أحد مواضيعه الرئيسيّة. في 1كور 7 :7 حصر بولس المعنى في المواهب الفرديّة والخاصة. كلهم نالوا الدعوة المسيحيّة، ولكنهم لا يعيشون كلهم هذه الدعوة بشكل واحد. هم يعيشون بالنظر إلى الدعاء الفردي الذي ناله كل واحد. ولكنهم كلهم مواهبيون، لأن كل حالة حياة هي موهبة يجب أن نعيشها حسب مخطّط الله . وفي 1كور 12-14، وصل بولس إلى توسّع حول مسألة المواهب تجاه صعوبات جماعة كورنثوس التي طلبت أولاً الوجهة المظاهرية في المواهب. قال بولس : هناك تنوّع في المواهب، "ولكن الروح الذي يمنحها واحد" (12 :4). كل المواهب تصدر من الروح الواحد (12 :11). هذه المواهب تشبه أعضاء الجسد المختلفة : هي عديدة ومتنوّعة، ومع ذلك فهي تؤلّف جسدًا واحدًا. وعلى هذه المواهب أن تؤول في الدرجة الأولى إلى وحدة الاعضاء بعضهم مع بعض (12 :12-27). ولكن هناك تراتبيّة يجب أن نلاحظها : لهذا عدّد بولس المواهب فسمّى أولاً الرسل، ثم الأنبياء، ثم الموكّلين بالتعليم. بعد ذلك تأتي موهبة المعجزات والشفاءات والإسعاف والادارة، وأخيرًا موهبة الألسن (12 :28-30). يبدو أن بولس وضع عَمدًا هذه الموهبة في الدرجة الأخيرة : هي مظاهريّة ولا "تبني" الجماعة (1كور 14:1-25). وبما أن الموهبة تُعطى للخير العام (رج 1كور 14)، فيجب أن تتحوّل إلى محبّة. لهذا هناك أيضًا طريق أسمى من كل هذه الطرق (1كور 12 :31) التي يجب أن نتوق إليها، هي طريق المحبّة (1كور 13). لأن أعظم المواهب هي المحبّة (1كور 13 :13).
ثانيًا : سائر أسفار العهد الجديد. نتعجّب حين نرى أن أع لا يستعمل مرّة واحدة لفظة "كارسما" مع أن هذا الكتاب يُعتبر "انجيل الروح القدس". هذا قد يعني فقط أن المواهب لا تحتلّ الاهمية الأولى في الكنيسة الفتيّة. وقد لاحظنا أن بولس أعاد الأمور إلى نصابها في 1كور. لسنا أمام مظاهر، بل أمام عطيّة الله التي هي قبل كل شيء الدعوة المسيحيّة. فإن تجلّت بعض المواهب، فمن أجل خير الجماعة، ولبناء جميع أعضاء الكنيسة، لا عضو واحد. غير أن الروح القدس يعمل في كل تاريخ الكنيسة الأولى (أع 2 والعنصرة). وموهبة الروح تعطى بيد الرسل حين يضعون الايدي في المعموديّة (أع 8:17؛ 19 :6). ويُعطى الروح "للخدّام" (أع 6:6، يسمّون خطأ شمامسة وكأنهم ما نالوا درجة الكهنوت)، ولبرنابا وشاول (أع 13:3). ويبيّن لنا أع كيف يتكلّم الرسل بألسنة (2 :1-13)، كيف يشفون المرضى (3 :1-10) وكيف يعاملون الخطأة باسم الله (5 :1-11).
إذا كانت الكنيسة الأولى في حقيقتها وعمقها كرسماتية ومواهبيّة، فهي كذلك في المعنى الكامل الذي يعطيه بولس الرسول : لقد نالت الموهبة السامية التي أرسلها الله ووعد بها في يسوع : "البارقليط، الروح القدس الذي يرسله الآب باسمي يعلّمكم كل شيء" (يو 14 :26). فبتأثيره عاش المسيحيون الأولون وهم عارفون أنه هنا، ويكفي أن يتوجّهوا إليه : ما عاد لنا أن ننظر ظواهر حسيّة وخارقة، بل عملاً عميقًا للروح القدس في حياة كل واحد وفي حياة الكنيسة.
3) الكارسمة والموهبة. في أع 2:38، ساعة سأل الجموع الرسل أن يقولوا لهم ما يجب أن يعملوه، أجاب بطرس : "توبوا وليعتمد كل واحد منكم باسم يسوع المسيح فتغفر خطاياكم وينعم عليكم بالروح القدس". الكلمة اليونانيّة هنا هي "دوريا". أما في 1كور فنجد "خاريسما". أما نحن فنتكلّم في الحالتين عن الموهبة والعطيّة دون فرق بين الاثنين. هنا نقول : إن عطيّة (دوريا) الروح هي النتيجة المباشرة للمعموديّة (رج 11 :17 حيث تتساوى عطيّة المعموديّة وعطيّة الروح القدس)، ومن هذه العطيّة تصدر سائر العطايا، سائر المواهب (الكارسمات). اذن، نستطيع القول إن العطية (دوريا) هي عطية دائمة. أما الموهبة (الكارسمة) فهي عطيّة الروح القدس التي تتجاوب مع حاجة معيّنة يحدّدها الروح القدس من أجل الشخص الذي ينالها، بل من أجل خير الجماعة. تُعطى النعمة لكل واحد بمقدار، بل تُعطى بمقدار عطية (دوريا) المسيح (أف 4 :7)، وهذه النعمة التي تُمنح في انسان واحد هو يسوع المسيح، هي عطية (دوريا، رو 5 :15)، تفوق الوصف (2كور 3 :15).
موت آدم وحواء خبر مسيحيّ حُفظ في الارمنية التي نقلته عن اليونانيّة. هو يصوّر حياة آدم بعد طرده من الفردوس، ورؤية حواء التي تروي إدخال آدم إلى القصر السماويّ بواسطة ثلاثة رجال جالسين على عروش. ويتطرّق أيضًا إلى مرض آدم وموته. إن هذا المنحول يتضمّن عناصر موازية للأخبار التي نجدها في كفاح آدم وحواء، في مغارة الكنوز، في وصية آدم.
موت (في اوغاريت) هو الاله الثالث في المثلّث الذي يخوض صراعًا للفوز بالسطلة بعد إيل، وهم البعل، يم، مُوت. مُوت هو اله الموت. إله العالم السفلي المظلم البارد. اله كل جماد. عرشه من طين وطعامه الوحل وشرابه الكدر من المياه. إذا صعد من مملكته السفلية، فموطنه القفار والأماكن الجافة اليابسة في الصحراء. عمله القضاء على الحياة. فهو يأمر الشمس فتحرق الشعب وتجفف الزرع وتعجل في الحصاد (والحصاد رمز للموت). لهذا يسمى ايضا اله الفساد والجفاف. لقبه حبيب (يدد أي من يودّ) ايل.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|