نتحدّث هنا عن الموت والآخرة في عالم الشرق القديم.
1) في العالم الاشوري والبابلي. نقرأ في ملحمة جلجامش : "حين خلق الآلهة البشر، أعطوا الموت للبشر، واحتفظوا بالحياة في أيديهم" (اللوحة العاشرة). إذن، حُكم على جسد الانسان أن يأكله الدود مثل ثوب عتيق "وأن ينزل روحه (نسمة الحياة) إلى العالم السفليّ" المسمّى "الأرض الكبيرة" أو "أرض اللاعودة". هذا العالم السفلي الذي نصل إليه بعد أن نعبر نهر خوبور في قارب المعبِّر، يغرق في الظلمة والتراب. الملكة هناك هي ارشكيغال التي يساعدها زوجها الاله نرجال. يسكن هذا العالم وحوش نصفها حيوان ونصفها انسان. وحسب تقليد قديم، ترتدي أرواح الراقدين ريشًا مثل العصافير، وتغتذي الطين والتراب. وحسب تقليد آخر، يكون مصيرهم محتملاً بقدر ما تركوا وراءهم أولاداً : من ترك ولدين يأكل الخبز. من ترك ثلاثة أولاد يشرب الماء. من ترك أربعة أولاد أو أكثر يفرح قلبه. أما ذاك الذي تُركت جثّته في البرية، فلا راحة له. وروح الذي ليس له من يهتمّ به، لا طعام له سوى بقايا الاطعمة المرميّة في الشارع. في هاتين الحالتين، نحن أمام الذين حُرموا من الاولاد، وبالتالي من الشعائر الجنائزية (تقدمات، سكب)، فعادوا يقلقون الأحياء.
2) في عالم مصر. إطار "الحياة" العادي لكل ميت يتحدّد موقعه بشكل طبيعيّ في أحشاء الأرض، حيث يرتاح الجزء الماديّ من الانسان (الجسد). والقبر هو الرباط بين عالم الأحياء وعالم الأموات. غير أنه وُجد في المملكة القديمة تعليم سماويّ حدّد موقعَ الآخرة في عالم النجوم أو الكواكب (دوات). فبين سماء سفلى وسماء عليا، تشارك نفوس الراقدين في الحياة الأبدية مع النجوم وتختلط بها.
وامتدّ التعليم الشمسي، الذي كان في أصله ملكيًا، انطلاقًا من نهاية المملكة القديمة، إلى كل طبقات المجتمع. بعد أن يُقبل الملك في العالم الشمسيّ بعد استجواب (دينونة الموتى) وتطهير طقوسيّ، يرافق الالهَ رع في رحلته السماويّة. كان موقع مقام الابرار في شرق السماء ("حقل التقدمات" أو "حقل القصب") حيث يواصل الملك حياته تحيط به حاشيته.
إن النصوص الأوزيرية (نسبة إلى أوزيريس) التي وُجدت في "نصوص الاهرام"، قدّمت أيضًا نظرتها المعقّدة حول جغرافية الآخرة. صار أوزيريس إله الموتى، وسيّد الغرب. وجُعلت مملكته بشكل نهائي في العالم السفلي. وكانت تسوية بين المعتقدات المختلفة. فالشمس التي أعطيت رأس كبش، تجول في السماء خلال النهار في قارب معنجيت. وفي الليل تزور أوزيريس في قاربه مسكيت، فتعبر اثنتي عشرة منطقة تقابل مناطق مصر الاثنتي عشرة. خلال هذه الرحلة تظهر أخطارٌ عديدة. لهذا يُحمى القارب من الجنيّات العديدة. إلاّ أن كل ميت عليه أن يعرف عبارات يردّدها فتسقط الحواجز (كتاب الموتى). في المنطقة الأخيرة، تتحوّل الشمس إلى جعل يرمز إلى ولادة جديدة للنهار.
تكوَّن العالم الخاص بأوزيريس من "حقول يالو"، التي هي أرض أميريّة حقيقيّة، يعمل فيها الراقدون تحت عين الاله الساهرة. فعليهم، كما في حياتهم على الأرض، أن يؤمِّنوا طعامهم، أن يفلحوا الأرض ويزرعوها ويحصدوها. وتخيّل المصريون سريعًا استعمال خدم صغار حقيقيين (شاوبتي، تماثيل صغيرة تعمل عنهم) كي يتجنّبوا هذه المتاعب.
اهتم المصريون، شأنهم شأن أهل الشرق، بالحفاظ على الجسم كاملاً ليضعوه في قبر مع الطقوس الواجبة. يُوضع الجسد كما الطفل في الحشاء. يُلّف بكفن، وتوضع معه آنية فيها طعام تساعد الميت على الحياة بعد الموت. وفي الحقبة التينيّة (حاضر تيس) ظهرت أعمال المومياء. وأول من تحنّط كان اوزيريس بيد أنوبيس الذي أتاح للاله أن يعرف حياة جديدة. ويُحفر القبر في صخر البرية، فلا يكون فقط مستودع الجسد، بل يتضمّن عناصر مادية أو رمزية للحياة في الآخرة. يكون القبر على الضفة الغربيّة للنيل ويتوجّه حسب مسيرة الشمس. وكانت الجنازة تبدأ بنقل المومياء إلى القبر. يُوضع الناووس على قارب تحيط به بكّاءتان ترمزان إلى ايزيس و نفتيس. وتتبع العائلة والاصحاب في قوارب عديدة. وحين يعبرون النيل، يُوضع الناووس على عجلة تجرها البقر ويسير موكب الجنازة. يُذبح حيوان. تحطّم الآنية الحمراء بمعناها السحري. وينتهي كل شيء بوليمة مع الميت.
3( لدى الحثيّين. ما زالت معارفنا غامضة حول معتقدات الحثيين المتعلّقة بالآخرة والحياة بعد الموت. فالمواد الاركيولوجيّة فقيرة، فنُجبر على تحليل الطقوس الجنائزيّة لاستخلاص بعض التفاصيل التي لها معناها. وحتّى على مستوى طبقات المجتمع العليا، ما وُجد تعليم واحد اجتذب الجميع إلى اعتناقه الحميم. أما المعطيات النصوصيّة فتقدّم لنا الامور التالية :
(أ) تكوّن الانسان من عنصرين : "زي" (في الحثية : استنزانا) أي النفس المشتركة بين الناس والآلهة. ثم "ني تي" (في الحثية : تويغا) الذي يعني الجسد أو الشخص الحيّ. عند الموت لا يبقى سوى "زي" الذي يُسمَّى "غ ي د ي م" (في الحثية : أكانت) أي "روح الفقيد". يرتبط غيديم بإله أناتولي قديم (زوالي) ولا سيّما مع أحد الملوك أو الامراء أو الوجهاء. لا نستطيع أن نحيط كل الإحاطة بطبيعة هذا الاله، إلا أنه يجب أن نقرِّبه من إله أرواح الموتى في الديانة الرومانيّة (الذي يظلّ واقعه غير واضح لنا). قد يغضب زوالي على حيّ، لهذا يُسأل بواسطة قول نبويّ.
(ب) وعرف الملوك الحثيون فوق هذا، التأليهَ والتعظيم. سنجد هذه النظرة فيما بعد في العالم الهلنستي وفي الامبراطوريّة الرومانيّة. فروح الملك الفقيد تُؤخذ من المناطق السفلى وتمضي إلى أعلى السماوات حيث تقاسم الآلهة العظام حياتهم في إطار فردوسي. يرعى الملك القطعان في حقول تحيط بالمساكن السماويّة. وتأليه الملك قد يجد أصله في أن إله العاصفة في حثي جعل من الملك وكيله على الأرض. والملوك الراقدون هم موضوع عبادة بعد أن صاروا آلهة. فامتلكوا تماثيل (هي في الواقع أصنام) تقدّم لها التقادم. والطقوس الملوكيّة الجنائزيّة الطويلة توخّت أن تسهّل دخول الملك إلى العالم السماويّ. فالملك لا يستطيع أن يحمل نجاسات. فإن نقض عهدًا، وجب عليه في الآخرة أن يأكل الخراء ويشرب البول. وبعد تبريره يقوم الملك (أو الملكة) برحلة إلى السماوات بقيادة الاهة تعيد النفس هي "الأم".
امتدّت طقوس الجنازة الملكيّة 14 يومًا. هذا ما نجده في الالياذة مع فطرقل وهكتور في النشيد 22، 24 من الالياذة. وإليك بعض التفاصيل : تُحرق الجثة بسرعة، وفي اليوم التالي تُجمع العظام وتُمسح بالزيت وتوضع على كرسي بعد أن تلفّ بالقماش. وهناك الطعام العباديّ ووضع العظام على سرير مهيّأ في غرفة المدافن. وتتميّز الأيام التالية بتقدمات عديدة للآلهة من البقر والغنم والخيل ولا سيّمَا للآلهة شمس الأرض وللأجداد ولنفس الميت الذي صُنع له تمثال. ساعة جعلت مصرُ عالمَ الآخرة ينطبق على الجميع خلال ثورة اوزيريس، ظلّ الحثيون يحتفظون للملك (وللملكة) بمعاملة يُحسد عليها.
(ج) كان عوام الموتى يعرفون حياة في العالم السفلي تدعو للرثاء. يُشرف عليها ارشكيغال التي تماهت في عالم أناتولية مع "ل ل و ا ن ي". فالالاهة شمس الأرض (نظرة خاصة بالحثيين) تماهت في زمن بعيد مع للواني الحثية عبر تلفيق لا نعرف مسيرته. فالجحيم هي مملكة الآلهة القدامى أو الآلهة الذين أُنزلوا عن عروشهم. فعلى أرواح الموتى أن تهدَّأ دومًا بالتقدمات (الخبز، العسل). وإلاّ أقلقوا الأحياء وعذّبوهم. أما حالة الموتى المذرية فيمكن أن تخفّف بعودة دوريّة لروح الفقيد إلى قلب عائلته، لأنه جزء منها كما جدران البيت. قد نكون هنا أمام حياة بعد الموت في عالم أناتولية. في الحقبة السابقة للحثيين، اعتادوا أن يدفنوا الموتى تحت صحن الدار، ووُجدت طقوس تحرّك روح الميت، تقوم بها ساحرة هي "العجوز". أما القاتلون والكاذبون والسارقون، فيحيون في جوّ موبوء.
(د) تصوير الجحيم. لا نعرف هذا الموضع معرفة تامّة. كل ما نعرفه هو أن فيه سبعة أبواب لا تفتحها سوى الالاهة شمس الأرض. تضمنّت جهنم البابلونيّة أيضًا سبعة أبواب. أتُراها أخذت من عالم الحثيين؟ والدخول إلى المناطق السفلى يتكوّن من أنهار تُعبد الآلهةُ القدامى بقربها. هناك تسع بحيرات وأنهار في المدينة الجحيميّة منها مراسنتيا (هاليس) ونكيلياتا (نهران يُعبدان في توينيا). كانت قدور من البرونز في وسط الجحيم فيُحرق كل ما يُرمى فيها. فالنجاسات تزول بفعل اللهيب ويبقى المكان طاهرًا نقيًا.
4) في الكتاب المقدس. ^ أولاً : الوجهة الطبيعية (الفيزيولوجيّة). (أ) العهد القديم. ما تصوّر العبراني الموت (م و ت) مثل اليونان وسائر الحضارات، ما تصوّره انفصال النفس عن الجسد. فالموت هو حالة ضعف تصل إلى الانسان، فتُفرغ منه الحياة وتُهلك كل حيويّة. ما يبقى من الانسان بعد الموت هو "ظلّ" (ر ف ي م، الضعف) يذهب إلى الشيول ( مثوى الأموات)، ليحيا هناك حياة منقوصة، لا فرح فيها، وحيث لا يُحسب حساب لاستحقاقات نالها وهو على الأرض. كان يتصوّرون إفراغ الحياة هذا كجوهر أو قوّة حياة تسيل (مثل الماء). تك 35 :18؛ 2صم 1:9؛ 1مل 17 :21 . يخسر الانسان قوّة الحياة هذه مع النفَس الأخير (أي 11 :20؛ إر 15:9). وقد تصعد هذه القوّة أيضًا بشكل بخار، تصعد من الدم الذي سُفك والذي هو مركز الحياة (لا 17 :11، 14؛ تث 12:23). وهناك نظرة قريبة تقول إن الموت هو خسران النسمة (ن ش م هـ). رج 1مل 17 :17؛ أي 27 :3؛ دا 10:17؛ تك 2 :7؛ 7 :22. وهناك نظرة أخرى نجدها في الكتب المتأخّرة، تعتبر الحياة نتيجة روح الله : فالانسان والحيوان يموتان حين ينزع الله منهما نسمة الحياة (أي 34 :14؛ (مز 104:29؛ مز 146:4؛ جا 12:7). إذن، من الواضح أنه لا "ن ف ش" ولا "روح" هما جزء من الانسان يبقى بعد الموت وينزل إلى الشيول. فعبارة "ن ف ش. م ت" (عد 6:6، نفس ميتة) لا تعني "نفس الميت"، بل الجثة، والانسان الميت (رج "ن ف ش" في ل(ا 19:28؛ ا 22:4؛ عد 5:2).
أما كاتب حك (دوّن كتابه في الاسكندرية)، فقد تأثّر بالعالم الهليني، فقدّم نظرة جديدة عن الطبيعة البشرية. تتكوّن هذه الطبيعة من مبدأ ماديّ (الجسد) ومبدأ روحيّ (النفس). مع أننا نستطيع أن نشرح بعض النصوص في هذا الكتاب بحسب النظرة التقليديّة، إلاّ أن النظرة الجديدة تبدو واضحة في نصوص أخرى. ويعارض سفر الحكمة الانتروبولوجيا العبرية، فيتحدّث في 3 :1-3 عن حياة النفس (بسيخي) خارج الجسد. استعاد فكرَ أفلاطون، فسمّى الجسدَ المائت ثقلاً للروح الذي هو موطن الفكر (9 :15؛ رج 8:19-20).
(ب) العهد الجديد. امتدت يقينات العهد القديم إلى العهد الجديد. فمبدأ الحياة هنا أيضًا هو روح (بنفما، روح) يعطيه الله ((رؤ 11:11؛ رؤ 13:15؛ رج أع 17 :25). فمن مات أسلم (ردّ) الروح (مت 27:5؛ لو 23 :46؛ يو 19 :30؛ أع 7:59). فإن عاد الروح، عادت الحياة إلى الميت (لو 8 :55). والجسد بدون الروح مائت (يع 2 :26). ونقول الشيء عينه عن النفس (بسيخي ن ف ش). رج مت 2:2؛ 16 :25، 28؛ مر 3:4؛ يو 10 :11، 15، 17-18؛ 13 :37؛ 1يو 3 :16). إن تأثير الانتروبولوجيا اليونانيّة واضح في مت 10:28 (لا يستطيعون أن يقتلوا النفس، تجاه الجسد). في اللغة المصوّرة التي نجدها في رؤ 6:9 (20 :4) تُعتبر نفوس الشهداء مرتبطة بالدم الذي سُفك على المذبح (ولكن رج حك 3 :1-3).
(ج) تشخيص الموت. يبدو الموت مشخصًا في مز 49:15؛ (إش 25:8؛ إش 38:18؛ إر 9:20؛ هو 13 :14؛ رو 5 :12، 14. في (مز 9:14؛ مز 107:18؛ أم 7:26-27؛ أي 28 :22؛ 30 :23؛ 38 :17؛ رؤ 20:13-14، الموت يعني مثوى الأموات. في رؤ 6:8 الموت هو الوباء كما في (خر 5:3؛ خر 9:3؛ إر 21:7؛ حز 14:21 حسب اليونانيّة السبعينيّة. في أدب أوغاريت، إله الجحيم هو "م و ت". لهذا، في بعض النصوص كما في إش 28:15، 18 (في تث 14:1؛ 26 :14) الموت هو الاله القدير بعل، (نقرأ الاله "موت" بدل الموت. يكفي أن نبدّل الحركات).
ثانيًا : الوجهة اللاهوتية. أ) العهد القديم. نبدأ مع الموت وعلاقة الانسان بالله . في الانتروبولوجيا التي صوّرناها سابقًا، بدا أن إنسان العهد القديم لا ينظر إلى الموت فقط من الوجهة الجسدية. فالموت يعني أيضًا نهاية كل علاقة شخصيّة ومحيية مع الله . حين يموت الانسان، لا يعود يفكر بالربّ ولا بأعماله العجيبة (مز 6:6؛ 88 :13). لا يعود يمدح صلاح الله ولا أمانته ((مز 30:10؛ مز 88:12؛ 115 :17؛ إش 38:18). هذا من جهة. ومن جهة ثانية، الله الذي هو سيّد الجحيم (أي 26 :6؛ مز 139:8؛ إش 7:11؛ عا 9:2)، لا يعود يهتمّ بالموتى (مز 88:6؛ رج 28:1؛ 143 :7)، لأن "موطنهم" يتعارض كل التعارض مع ما يمثّله الله الذي هو الحياة. لهذا كان الموت موضوع رعب للانسان التقيّ. ولا يخفّف من قساوته سوى العمر الطويل الذي هو علامة ملموسة لرضى الربّ. وقد ارتبطت هذه النظرة بوجهتين من وجهات العقليّة الاسرائيليّة. من جهة، هناك حرب على تنظيرات الديانات المرتبطة بالطبيعة حول الموتى ومثوى الأموات : الرب هو الاله الحيّ. هو ينبوع الحياة (مز 36:10). أما الموت فهو غياب الله . من هنا طابع الهول الذي يرافقه. ومن جهة ثانية، ترتبط النظرة الإسرائيليّة بالفكر الجماعيّ الذي يرى رضى الله يتوجّه بالأحرى إلى جماعة اسرائيل. فلا ينعم الفرد بهذا الرضى إلاّ لأنه عضو في الجماعة التي منها ينتزعه الموت. وبقدر ما وعوا أهميّة الفرد في نظر الله، ترجّوا اتحادًا مع الله لا يستطيع الموت أن يضع له حدًا (مز 73:26).
وهناك رباط الموت والخطيئة. بما أن الموت هو انهيار الحياة البشريّة، والانفصال الجذريّ عن الاله الحيّ، وهذا هو عمل الخطيئة خلال حياتنا على الأرض، ما كانوا يرون في الموت سوى عقاب والعقاب الأكبر. وبما أن الموت شامل، فهذه الخطيئة هي أصليّة، هي في أصل البشرية، بعد أن اقترفها أبو البشريّة (رو 5 :12-21؛ 1كور 15:21-22). كان الله قد خلق الانسان كي يحيا إلى الابد (شجرة الحياة). وهو لا يموت إلاّ إذا تجاوز وصيّة الله (تك 2 :17؛ 3 :3). في حك 2 :24، إبليس هو في أصل الموت (رج يو 8 :44).
مع أن الاسرائيلي كان يعرف أنه قد حُكم عليه بالموت، فقد كان يعتبر الحياة عطيّة من الله يستطيع أن ينعم بها ما زال يحفظ شريعة يهوه ((تث 30:15-20؛ تث 32:47؛ با 3:14). وحين يخطأ، أي يعارض مشيئة الله كما عبّرت عنها الشريعة، فهو يجعل موته أمرًا حاضرًا. فكأنه يموت قبل أوانه (أي 15 :32؛ 22 :16؛ مز 55:24؛ (أم 2:18؛ أم 7:27؛ 11 :19؛ 21 :16؛ 22 :22-23؛ حك 1 :11-12؛ إش 5:14؛ إر 17:10-11). مقابل هذا، حين يمارس الإنسان العدالة والأعمال الصالحة والصدقات، كان يستطيع أن يعوّض خطاياه ويخلّص حياته من الموت (طو 4 :10-11؛ 12 :9؛ (أم 10:2؛ أم 11:4؛ دا 4:24). والموت كعقاب للخطايا الشخصيّة، يعني مرارًا (رج أم 1-9) نهاية كل نشاط بشريّ، كما يعني بشكل خاص أن يكون الانسان مرذولاً من الله . وكما أن مدلول "الحياة" لا يعني فقط الحياة الجسدية، بل كل خير وكل بركة ( حضور الله وصداقته)، كذلك مدلول "الموت" يتضمّن الشقاء والتعاسة والفشل التي تضرب الخاطئ عقابًا على خطاياه، ولعنة من الله (يغيب عن الحياة فيعود إلى العدم). يعبّر هذا المضمون عن عداوة مع الله هي نتيجة الخطيئة. وفي الأدب البيبليّ المتأخر، مدّوا نتائج الانقطاع عن الله في الزمان. فما انحصرت لعنة الله في الموت الجسدي، بل هي تمتدّ إلى الحياة الأخرى. ذاك هو وضع حك حيث يفصل الكاتب الجزاء عن الموت الجسدي، بحيث يعتبر أن موتًا قبل أوانه يمكن أن يكون علامة رضى الله (4 :14).
(ب) العهد الجديد. في العهد الجديد، الموت في أغلب الاحيان هو الموت الروحي الذي هو نتيجة اللا إيمان والخطيئة (يو 5 :24؛ 8 :51؛ رو 7 :10؛ 8 :6؛ 2كور 7 :10؛ ي(ع 1:15؛ ع 5:20؛ 1يو 3 :14؛ 5 :16). حينئذ يدلّ على مصير الخاطئ في الحياة الأخرى (رو 1 :32؛ 6 :16، 21، 23) : الموت الأبديّ أو الموت الثانيّ (رؤ 2:11؛ 20 :6، 14؛ 21 :8). وأخيرًا يدلّ الموت في العهد الجديد، على عبور من حالة الخطيئة إلى حالة البرّ في المعموديّة. يموت المؤمن عن الخطيئة (رو 6 :2؛ 1بط 2:24). حينئذ يُسمّى العماد "عمادًا للموت" (رو 6 :4).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|