حسب الرأي التقليدي، نا هو نبوءة ضد الشعوب الغريبة. ينبئ بسقوط نينوى عاصمة الاشوريين المبغَضة. ولكن افتراضاً حديثاً يرى في نا ليتورجية شكر لسقوط نينوى أو ليتورجية توسّل ليعجّل الله بالحدث الآتي. يبدو أن النبي أخذ مواضيع العبادة من يوئيل وغيره، إن لم يكن قد اقحمها جامعُ السفر فيما بعد. إن سفر ناحوم يتضمن المقاطع التالية :
1) مديح أبجدي (يصل حتى حرف الميم) يمجّد يهوه على أنه الاله الذي يثأر للحقّ وينتصر في الكون (1 :2-10). يبتعد شكل ومضمون هذا الظهور (تيوفانيا) عن مضمون سائر الكتاب، وهذا ما جعل النقّاد ينكرون نسبته إلى النبي. من الصعب أن نقول إن النبيّ أقحم في كتابه مديحا أُنشد قبله أو أن الجامع فعل. مهما يكن من أمر، فالمديح يتوافق مع المنظور الديني الذي فيه نرى سقوط بابل.
2) قول ضد خصم وثنيّ ليهوه واسرائيل. لا يُذكر اسمُ هذا الخصم (1 :11-14).
3) قول تعزية ليهوذا فيه كلام يعلن الخلاص (11 :12ي) ورؤية (2 :1-3).
4) نشيد اول على نينوى. نشيد حربيّ يحتفل فيه الشاعر باحتلال نينوى وكأنه شاهد عيان (2 :2، 4-11). بعد هذا نقرأ هجاء مشبعا بالشماتة القاسية (2 :12-14)، ثم قولاً نبوياً (2 :14).
5) نشيد ثانٍ على نينوى يتضمّن صرخة ويل (3 :1) مع نشيد حربي مضمونه هو مضمون النشيد الاول وقول بشكل رثاء.
6) هجاءان مليئان بالسخرية (3 :8-11، 12-19).
نطرح سؤالين. الأول : متى دُوّن نا؟ بعد سنة 614، ساعة سقطت أشور بيد المادايين والبابلونيين، فهيّأت الطريق لسقوط نينوى. وبشكل معقول حوالى سنة 623، ساعة فشل ملك المادايين فراورتي في هجومه الأول على المدينة، فدبّ اليأس في قلب المهاجمين. عزّاهم ناحوم، وشجّعهم بانتظار دمار العاصمة الأشورية. والسؤال الثاني يتعلّق بلاهوت الكتاب. يبدو النبيّ كواعظ في الجماعة، فيُري المؤمنين الأعمالَ التي قام بها الربّ. رسم تصرّفُ الله الطويل الأناة، الذي ينتقم في النهاية. قابل ناحوم تصرّف الله هذا مع حدث حدِّد موقعه في المستقبل القريب (سقوط طيبة)، فتطلّع إلى مستقبل ينتظره الشعب وهو سقوط نينوى (سيكون ذلك سنة 612 ق.م.).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|