1) العهد القديم. ^ أولاً : الاسم. في العبرية : نبي. في اليونانية : بروفيتيس (من تكلم باسم شخص آخر). أما الأصل العبريّ فموضوع جدال. قرِّب من نبأ (في الاكادية "نبو"، صرخ، أعلن، هتف، ثبّت). في صيغة المعلوم، النبيّ هو الذي يعلن. وفي صيغة المجهول، هو المدعو. ولكن عا 7:14 لا يثبّت هذه الترجمة. في العربية، نجد في جذر "ن ب" عدّة أفعال : نبأ (صات خفيفًا). نبت (خرج من الأرض). نبث البئر (نبشها وأخرج ترابها). نبجت القيحة : خرجت من جحرها. نبخ العجين : اختمر وانتفخ... ثم نبع، نبغ... يعني الخروج من السر إلى العلن، ومن الظلمة إلى النور، ومن أسفل إلى أعلى.
في الأصل، نرى هؤلاء الناس يعيشون حالات "انخاطفيّة" يثيرونها بواسطة آلات الموسيقى (1صم 10:5-6؛ 2مل 3 :15) بحيث يصبحون ضائعين (1صم 19:24؛ رج حز 3 :15). تفسَّر هذه الحالات بأشكال مختلفة. تعتبر حالات من الهذيان، وهذا ما جعل الناس يهزأون منهم (1صم 10:10-12) حتى زمن هوشع (9 :7) وإرميا (29 :8). ولكن هناك حُكمًا أكثر تفاؤلاً. انخطافهم هو حركة "الروح" (1صم 19:20-23؛ هو 9 :7). وهذا "الروح" هو الروح الذي ناله موسى (عد 11:25)، فجعل من كل من هؤلاء الناس انسانًا جديدًا (1صم 10:6). نلاحظ أنه لا موسى ولا أشعيا ولا ميخا ولا إرميا سمّوا نفوسهم "نبي". فعاموس (7 :14) الذي يقدّر الأنبياء والنذراء (2 :11-12)، شأنه شأن ميخا (3 :8)، يرفض هذا اللقب. سمّى إشعيا امرأته نبيّة (8 :3)، ولكنه لا يسمّي نفسه "نبي"، شأنه شأن ارميا (إر 28:5-6، 10، 15؛ 42 :2؛ 43 :6؛ 45 :1). بل هم الآخرون يدعونه بهذا الاسم (إش 37:2؛ 38 :1). أما زكريا وحجاي وحبقوق وناحوم، فقد سمّاهم انبياء، أولئك الذين دوّنوا كلامهم. وحده حزقيال يسمّي نفسه نبيًا.
ميّزت الترجمة السبعينيّة الأنبياء البيبليين من العرّافين الذين يُنبئون بالمستقبل. استعملت "بروفيتيس" (تكلّم مكان) الذي يعني الخطيب والمنادي. والفعل "بروفوتاواين" الذي يعني تكلّم باسم الاله، كشف الأمور الخفية. ولا يعني أبدًا "برّج، بصّر".
ثانيًا : أصل النبوءة وتاريخها. إن التيّار النبويّ البيبليّ يدلّ على تقاربات كافية مع أشخاص (موظف ملكي، موظف في الهيكل، أخصّائيون في الانخطاف) نجدهم في ماري، في بلاد الرافدين، في سورية، في فينيقية، وحتّى في مصر وإن بدرجة أقلّ. هذا ما يدفعنا إلى أن نرى في الظاهرة النبويّة التي انتشرت في كل الشرق القديم، صورة عمّا يقابلها في العالم البيبلي. وفي النهاية، أثّرت كنعان على ولادة النبوءة البيبليّة. أول ظواهر النبوءة في اسرائيل مجهولة بالنسبة إلينا. فإذا جعلنا جانبًا النصوص المتأخّرة (هي تعكس نظرات عصرها) مثل تك 20 :7 (رج مز 510 :15)؛ خر 4:16؛ 7 :1 (يتماهى النبي مع الفم. فهو من يتكلّم باسم شخص)؛ (تث 18:18؛ تث 34:1؛ عد 11:24-29؛ 12 :6-7. وإذا تركنا توصيفات متأخّرة (خر 15:20؛ قض 4 :4؛ 6 :8-10)، فالانبياء (ن ب ي ي م) يظهرون في أيام صموئيل. وهم معروفون بما فيه الكفاية كي يُنتقدوا (1صم 10:10-12). وصاحب الحاشية في 1صم 9:9 ماهى بينهم وبين "الرائين"، وهي وظيفة قديمة ولقب مقبول. فحين يظهر هؤلاء الأنبياء، نراهم يعيشون في جماعة وينضمّون بعضهم إلى بعض.
نشهد هذه الظاهرة، حسب الحقبات، في الجنوب وفي الشمال (2مل 2 :3-5، في زمن إيليا وأليشع). يسمّون "بنو الأنبياء" (1مل 20 :35؛ 2مل 2 :3، 5، 7، 15؛ 4 :1، 38؛ 5 :22؛ 6 :1؛ 9 :1). وهذا يرادف لفظة "ن ب ي ي م" (أي الانبياء) (عا 7:14؛ ق 1مل 20 :35 و 20 :41؛ 2مل 9 :1 و9 :4). لهؤلاء الأنبياء رئيس (1صم 19:20؛ 2مل 4 :38؛ 6 :1؛ رج (1مل 22 :11-12) يسمّونه "السيّد" (أد ن ي) (2مل 6 :5؛ رج 4:1 "الأب"؛ 2مل 6 :21؛ 8 :9؛ 13 :14). هم يعيشون معًا (2مل 4 :38-41؛ 6 :1). بعضهم متزوّجون (4 :1). ويعيشون من الصدقات (4 :8، 42؛ 5 :22). يلبسون معطفًا من وبر (هكذا يتذكّرون حياة الرعاة وزمن البرية) كعلامة مميّزة، وحزامًا من جلد (زك 13 :4؛ رج 2مل 1 :8؛ مت 3:4). وكانت لهم علامة على جباههم (1مل 20 :35-43) وتخديشات (زك 13 :5) هي الجروح التي سببّوها لنفوسهم خلال انخطافهم (1مل 18 :28).
حين يمسك روحُ الرب "النبيين" يتنبّأون، يصبح الواحد "انسانًا آخر" (1صم 10:6، 19). يدخلون في حالة سيكولوجيّة يعبّرون عنها بالغناء (10 :5)، بالصراخ والأدعية المتكرّرة (1مل 22 :10، 12؛ 18 :26 28)، بالفعلات الرمزيّة (22 :11)، بحركات إيقاعيّة وبالرقص (خر 15:20؛ 1مل 18 :26؛ رج 2 صم 6:5 - 6، 15؛ 1صم 18:6-7) على أصوات الآلات الموسيقيّة. وتنتقل هذه الحالة كالعدوى ((1صم 10:9-10؛ 1صم 19:20-23؛ 1مل 22 :10- 1). في بعض المرات يجرح النبيّ نفسه بسلاحه حتى يسيل الدم (1مل 18 :28؛ زك 13 :6)، ينزع عنه ثيابه (1صم 19:24؛ رج إش 20:2 ؛ مي 1 :8)، أو يسقط بلا حراك من التعب فيغيب عن الوعي (1صم 19:24؛ رج دا 8:18، 27، 9 :8-9). هؤلاء النبيّون ساندوا تأثير ذاك المدافع عن التقليد اليهوي، ساندوا صموئيل (1صم 15:16، 22؛ 19 :18-24). بعد ذلك شاركوا في الحرب على عبادة بعل حول إيليا وأليشع (1مل 18 :4، 13، 22؛ 20 : 35-42). لهذا اضطهدتهم سلالة عمري (19 :2، 10، 14). وبدعوة من أليشع، حرّك أحد هؤلاء الانبياء على هذه السلالة، ثورة ياهو، ومسحه ملكًا بالزيت المقدس (2مل 9).
مع أن هؤلاء النبيين تأثّروا بما في كنعان، فقد آل حضورهم وعملهم إلى المدافعة عن أصالة شعب اسرائيل. حاربوا السيطرة السياسيّة والاجتماعيّة (إيليا ونابوت البزرعيلي)، حاربوا التأثير الديني الذي حمله الكنعانيون والفينيقيون. إذن، حاربوا ليحافظوا على التقليد الموسويّ (حجّ إيليا إلى حوريب، 1مل 19)، على الايمان اليهوي. وكما ارتبط العرّافون والحكماء بالبلاط الملكيّ في الشرق (تك 41 :8؛ إش 19:3، 11-12؛ دا 1:20؛ 2)، كذلك ارتبط بعض هؤلاء النبيّين بداود فخدموه : ناتان ((2صم 7:1-17؛ 2صم 12:1-15؛ 1مل 1 :8-11، 22، 32). جاد (2صم 24:11، 18). وقد يكونون خدموا شاول (1 28 :6). وسوف نجدهم قرب يوشافاط (2صم 3:11-20). هم ينقلون إلى الملك أوامر الله. نستطيع أن نسمّيهم "أنبياء البلاط الملكيّ". وسوف نجدهم حتى بعد الجلاء (نح 6:7). وارتبط آخرون بخدمة الهيكل : هكذا نفهم اللون الليتورجي في سفر ناحوم أو سفر حبقوق. فهم في المعبد يعلنون القول النبويّ. ولكننا نجد آخرين بعيدين عن كل مؤسّسة. أحيّا الشيلوني (1مل 11 :29؛ 14)، "رجل الله " في يهوذا (1مل 13). ياهو في أيام بعشا (16 :1)، خلدة (2مل 22 :14-17). قد يتدخّل هؤلاء الاشخاص بسلطتهم الخاصة حتّى لدى الملك ليعرّفوا الناس إرادة الله (2صم 12:1-15؛ 24 :11-14، 18-19؛ 1مل 11 :29-39؛ 13 :1-3؛ 16 :1-4؛ 17 :1؛ 18 :1-2، 41-45؛ 20 :13-14).
إن الذين نسمّيهم "الانبياء" الكبار (إشعيا، إرميا، حزقيال) والانبياء الصغار (هوشع، عاموس...) الذين حُفظت لنا أقوالهم، بدوا قاسين تجاه هؤلاء النبيّين. والسبب : منذ عاموس (7 :14) انحرف التيّار النبويّ. فمماشاة السياسة عند البعض، وضغط تبّاع البعل عند البعض الآخر (1مل 18 :4)، وصلا بنا إلى "الانبياء الكذبة" مع المساومات والانحرافات. ونلاحظ أن التوراة لا تعود تتكلّم عن النبيّين بعد القرن 5 ق.م. وسيتحسّر مز 74:9 لغياب الأنبياء (رج 1مك 4 :46؛ 14 :41). فحلّ محلّهم الكهنة الذين يعلنون الأقوال النبويّة في المعبد. ثم تجلّى الروح بفم المغنّين (1أخ 25:1؛ 2أخ 20:14). وصار الحكماء موجِّهي الشعب، فشابه كلامُهم كلامَ الأنبياء (أم 1:20؛ ق إر 5:1؛ 7 :2)، وأخذوا في بعض المرات لقبهم (سي 24 :33؛ حك 7 :27).
ثالثًا : الأنبياء الكذبة. إن الحكم الذي تلفّظ به عاموس (7 :14) وهوشع (12 :11)، إرميا (23 :9 - 40) وحزقيال (ف 13)، يبيّن أن حربًا فصلت بين الأنبياء فقسمت التيار النبويّ. فالأنبياء الذين نقرأ نصوصهم يوجّهون اللوم إلى الآخرين : الكذب (حرف 3 :4). الجشع (مي 3 :5، 11). تملّق العظماء (1مل 22 :13؛ إش 30:10؛ إر 5:31؛ مي 2 :11). فساد الاخلاق (زنى : (إر 23:14؛ إر 29:23؛ سكر : إش 28 :7). نسيان اسم الله (إر 23:27). امتثال للأوامر واستنساب. يقسّون قلوب اللصوص (إر 23:14؛ حز 13:22). يضلّون الشعب (إر 22 : ؛ 29 :8؛ حز 13:10) ولا يدعونه إلى الاهتداء والتوبة. بل هم يستطيعون أن يتكلّموا باسم الآلهة الغريبة (تث 18:20)، ويجرّوا الشعب إلى اتّباع هذه الآلهة (تث 13:2، 6).
من هم هؤلاء "الأنبياء الكذبة"؟ وما تعنيه كلمات يقولونها وفعلات يفعلونها ؟ فعلات رمزيّة (1مل 22 :11؛ إر 28). رؤى وأحلام (إر 23:25، 27؛ حز 13:6، 16؛ مي 3 :6). عجائب (تث 13:2-6). ويعتبرون أن هذا يُثبت كرازتَهم. يجب أن نفهم أن إر، حز، تث، لم يبحثوا عن شرح سيكولوجيّ لدى هؤلاء الأنبياء. فإن عُرف كذبُ هؤلاء الأنبياء المزعومين (برؤاهم الكاذبة، إر 23:16؛ حز 13:3)، يطلب تث أن يُقتلوا قتلاً (13 :6؛ 18 :20). ولكن ما يهمّ هؤلاء الكتّاب هو مخطّط الله وعنه يقدّمون شروحًا عديدة. لقد أسّس الرب هؤلاء الانبياء كي يمنعوا اسرائيل من اللجوء إلى العرّافين والسحرة. هم أهون الشرّين (تث 18:9، 22؛ رج نح 9:30؛ زك 7 :12). أو إن الله جعل فيهم "روح الكذب" (1مل 22 :23) ليضلّوا شعبه بمواعيد خلاص كاذبة (إر 4:10؛ رج حز 14 :9). في هذا الخطّ عينه قال إشعيا عن نفسه أنه أُرسل ليقول كلمة تحرّك اللاايمان فتسبّب فناء الشعب وبقاء فرع سيكون في أصل شعب عتيد (إش 6:9-13). ووجب على حزقيال أن يعلن بلاغًا سيقود فشلُه إلى هدف التاريخ الأخير : الظهور الحاسم لمجد الربّ : "حينئذ يعرفون أني أنا الرب" (رج حز 2-3)، غير أن هناك يقينًا مشتركًا يقول إن مهمّة الانبياء "الحقيقيين" هي وحدها إلهيّة (تث 18:21؛ إر 14:14؛ 23 :21-22، 32؛ حز 13:6-7). وهدف المشاهد التي فيها يُرسل الله أنبياءه (أش 6؛ إر 1؛ حز 1-3)، هو أن يؤكّد صدق النبيّ الذي نعم بهذه المهمّة، ويبيّن أن هذا النبيّ وإن فشلت كرازته (إش، حز) هو، وسط الانبياء المزعومين، المرسل الوحيد من قبل الله الذي أودعه وحده رسالة خاصة (إر). لا شكّ في أن أنبياء أرسلهم الله فما كانوا أمناء (هم بشر كسائر البشر) (1مل 13 :11-22؛ حز 3:17-21؛ تث 13:2-5). فهربوا من كلمة الله كما فعل إيليا 1مل 19 :3) ويونان (يون 1). غير أن لاأمانتهم وعدم فهمهم الموقت للبلاغ الذي يحملون (يون 4)، لا يبدلاّن الأصل الالهي للنداء الذي تلقّوه : أعيد إيليا إلى عمله (1مل 19 :5). ووُجد يونان من جديد في الطريق إلى نينوى (يون 3). فالرسالة الالهية التي وعوها، تجعلهم وحدها جديرين بأن يسيروا عكس مصالحهم (إر 16؛ رج مي 3 :5)، أن لا يتوافقوا مع سامعيهم. "فالأنبياء الكذبة" هم "أنبياء سلام". يطمئنون الشعب واعدينه بالسلام كنتيجة حتميّة للعهد (مي 3 :11؛ إر 22:17؛ 28 :2-3). لهذا اتّهمهم حز 13:5 لأنهم لم يكونوا في خط الدفاع (لم تصعدوا إلى الثلمة)، ولم يقاوموا الانحطاط الاخلاقيّ والدينيّ في الشعب، ولم يحضّوا اسرائيل على التوبة (رج (حز 3:17-21؛ حز 33:4-9؛ إر 23:22).
ويُطرح سؤال : إن تيقّن الأنبياءُ أن الله أرسلهم، فكيف يجعلون الشعب يقاسمهم يقينهم؟ إن تقديمَ النداء الذي يتلقّون تقديمًا بشكل دراما، هو وسيلة لإيصال هذا اليقين. ولكن التحقّق الموضوعيّ الوحيد للطابع الالهي للرسالة هو الواقع. يقول إر 28:9 : يُعتبر النبيّ مرسلاً حقًا من الله حين تتحقّق السعادة التي يعد بها. وفي الخط عينه، يعتبر تث 18:22 أن النبيّ الذي لا تتمُّ كلمته، هو كذّاب ومعتدّ بنفسه. وفي النهاية، نبحث عن التمييز الحقيقيّ بين الأنبياء في نظرتهم إلى العهد. ظنّ الانبياء الكذبة، شأنهم شأن الشعب، أن الرب ارتبط بعهد مع شعبه بشكل غير مشروط (كما بشكل سحري. كل شيء يتمّ وإن كان الشعب خائنا) وإلى الأبد. نسوا أن يهوه هو إله تهمّه الحياة الخلقيّة. بإرادته قطع العهد، فدلّ على رحمته ومجانيّته، وقد توخّى الحياة الخلقيّة والدينيّة لدى الشعب قبل الازدهار الماديّ والنجاح الوطنيّ. فإن لم يوجِّه اسرائيلَ قلبه إلى الله، فسيحمل له الله الشقاء لا الخلاص. ذاك هو تعليم الأنبياء الحقيقيين : فأفكارهم تلتقي حول معنى الخروج (عا 9:7) والاختيار (عا 3:2) ويهوه قدوس اسرائيل (إش 6)، وإقامة الله في صهيون (مي 3:9-12)
2) العهد الجديد. ^ أولاً : الاسم. يستعمل العهد الجديد لفظة "بروفيتيس" ليدلّ على المنادين بوحي الله ومفسّريه. وفعل "بروفوتاين" لا يعني فقط "أعلن إيحاءات الله"، بل أيضًا "أعلن الخفايا" (وذلك في خطّ العهد القديم). ويُشار إلى أنبياء العهد القديم على أنهم مرسلو الله (مت 5:12) وأشخاص أعلنوا وقائع العهد الجديد ((مت 1:22؛ مت 4:4؛ 13 :35؛ 21 :4؛ 27 :9؛ أع 2:25-30؛ رو 1 :2؛ 3 :21). ولفظة "الأنبياء" في عبارة "الشريعة والأنبياء" ((مت 5:17؛ مت 7:12؛ 11 :13؛ 22 :40؛ لو 24 :27)، تدلّ على وحي العهد القديم أو الكتب التي تتضمّن هذا الوحي (لو 4 :17؛ أع 7:42؛ 8 :28). عادت النبوءة إلى الحياة في العهد الجديد، وتحدّث النصّ عن الأنبياء.
ثانيًا : أنبياء العهد الجديد. (أ) ربط يوحنا المعمدان تعليمه عن التوبة واعلانه لمجيء المسيح (مت 3 :7-12 وز ) بأنبياء العهد القديم "ورأى فيه اليهود نبيًا" (مت 11 :9 وز؛ 14 :5؛ مر 6:15؛ 11 :32). ووالده زكريا امتلأ من الروح القدس فتنبّأ (لو 1 :67)، فرأى في ابنه "نبيّ العليّ" (1 :76). وتُسمّى اليصابات (1 :41-45) وسمعان الشيخ (2 :25-32) وحنة (2 :26-38) أنبياء، لأنهم استناروا بالروح القدس فرأوا في يسوع "مسيحَ الربّ" (2 :26) ومحرّر أورشليم (2 :38)، ورأوا في مريم أم المسيح.
(ب) وطبّق يسوع على نفسه القول المأثور : "لا يقبل نبيّ في وطنه" (لو 4 :24). وحسبَ نفسَه بين الأنبياء الذين تقتلهم أورشليم (13 :33). واعتبره الناس كنبيّ (مت 21:11-14؛ رأوا فيه أحد الأنبياء القدماء : إيليا، ارميا (مت 16:14). النبيّ القدير في القول والعمل، الذي يخلّص اسرائيل (لو 24 :19، 21؛ رج تث 18 :15-19). وفي أكثر من حالة، توافقَ التعرّفُ إلى يسوع كالنبيّ مع التعرّف إليه كمسيح (مت 21:11؛ ق 21 :9)، وكابن الله (مت 8 :29 : ق مر 3 :11). وسمّى يو 6 :14؛ 7 :10 يسوع "النبيّ"، عائدًا إلى تث 18:18 ومتوافقًا مع هذا الشكل من الانتظار المسيحانيّ الذي نراه عند السامريين وعند الاسيانيين. أخذ المسيحيون هذه اللفظة ليعارضوا بين هذا النبيّ والأنبياء الذين يتحدّث عنهم العالم اليهوديّ والهلنستي (رج يو 5 :43؛ مثلاً : ثوداس في أع 5:36؛ يهوذا الجليليّ في أع 5:37؛ المصريّ في أع 21:38؛ سمعان الساحر في أع 8).
(ج) عرفت الجماعات المسيحية الأولى أنبياء ينيرون الجماعة (أع 13:1-3) أو الإخوة (أع 21:10-11) حول رسالتهم، حول مصيرهم. هؤلاء الوعّاظ الملهمون ((أع 13:1؛ أع 15:32؛ 1كور 12:14) يمتلكون سلطة كبيرة في قلب هذه الجماعات (أع 15:22؛ رج عب 13:7، 17، 24)، فيحرّضون الاخوة ويعزّونهم بكلامهم (أع 15:32؛ 1كور 14:3). وقد دعا بولس تلاميذه كي يميّزوا بين نبيّ ونبيّ بحسب الروح الذي يلهمه (1كو(ر 12:10؛ ر 14:29؛ 1تس 5:21؛ رج يو 4:1). فبعض الأنبياء "الكذبة" (بسودو بروفيتيس) يتنبّأون باسم يسوع، ولكن يسوع لا يتعرّف إليهم (مت 7:22). وهم لا يرون في يسوع، ذاك المسيح الذي صار انسانًا (1يو 4:2-3). الأنبياء "الحقيقيون" يدلّون على صدقهم بتعليمهم (مت 7:15-20؛ 1يو 4:2-3) وبحياتهم (مت 12:33-35؛ ديداكيه 11-13). رج أنبياء.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|