في العبرية : ن د ر. في اليونانيّة : اوخي.
1) العهد القديم. إن عادة النذر عادة قديمة جدًا في ديانة العهد القديم، وقد مارسها الشعب طوعًا. لهذا، لا نجد نصًا واحدًا يفرض النذر (إن تث 12 يحدّد الموضع الذي فيه تلفّظ الانسان بالنذر). تُذكر النذور مرات عديدة بجانب الذبائح الطوعية التي ترتبط بها (لا 7 :16؛ عد 15:3؛ تث 12:6). ثم إن واجبًا مفروضًا بشكل آخر لا يمكن أن يكون نذرًا. فالنذور التي نجدها في البيبليا، قد تلفّظ بها في وضع صعب، أناسٌ تمنّوا تدخّلاً خاصًا من قبل الله. وإذا أرادوا أن يتأكّدوا من الحصول على ما يطلبون، كانوا يعدون بأن يفعلوا شيئًا أو يمتنعوا عن شيء آخر إن جاء الرب حقًا إلى مساعدتهم. هذه السمة الشرطيّة (إن، اذا) جزء لا يتجزّا من كل نذر إيجابيّ به ننذر شيئًا أو شخصًا في الهيكل للرب (تك 28 :20؛ عد 21:2؛ قض 11 :30-31؛ 1صم 1:11؛ 2صم 15:7-8). ووُجد أيضًا نذر سلبي، به نمتنع عن شيء من الاشياء. وكان هذا النذر مشروطًا في أغلب الأحيان (عد 30؛ 1صم 14:24) : يحرم الانسان نفسه من شيء اكرامًا لله لينال نعمة محدّدة. وموضوع النذر الايجابي هو دومًا عمل عباديّ (ذبيحة، صوم...). لا نجد في البيبليا نذرًا بأن نقوم بعمل صالح تجاه القريب. وكان النذر يثبَّت بقسَم أو بلعنة (1صم 14:24)، لا تتميّز عن النذر. وحين يحصل المؤمن على الخير الذي نذر للحصول عليه، كان ينشد بامتنان صادق المساعدة أو الخلاص الذي ناله من الرب. رج مز 65؛ 66؛ 116؛ يون 2 :3-9. مثل هذه النصوص دوّنت بعد أن نال الانسان ما طلب. أما مز 61 فيتحدّث عن نذر ينذره المؤمن : "أنت تستمع نذوري يا رب" ( آ6).
مع الوقت، دخلت انحرافات في النذور. فحاولت الشريعة وكتب الانبياء أن تضع حدًا لها. فحذّرت من نذر لم نفكّر فيه مليًا، بحيث لا نستطيع أن نفيه (تث 22:21-23؛ عد 30:2-3؛ جا 5 :1-6؛ سي 18 :22-23؛ نا 2:1). ولا يستطيع الانسان أن يفي نذره حين يقدّم غرضًا أدنى (لا 22 :21-23؛ ملا 1 :14) أو شيئًا نجسًا (تث 22:19). أما النذور التي تتلفّظ بها النساء، فالشريعة تفرض سماحًا من الوالد أو من الزوج (عد 30:4-17). وبما أن ممارسة النذور كانت متواترة، وجب على "المشترع" أن يحذّر بني اسرائيل، ويخفّف من اندفاعهم، لا أن يشجّعهم ويدفعهم إلى التفوّه بالنذور. وحين تتكاثر النذور، ينسون طابعها الاجباريّ (قض 11 :35-36. ما استطاع يفتاح أن يتخلّص من نذره). بعد ذلك، سيدفعون ما يساوي الغرض الذي نذروه لله (لا 27). عندئذ خفّت القيمة الدينيّة للنذر (فيلون، الشرائع الخاصة 2 :16). والصلاة الكبرى (كول ندري أي كل النذور) في يوم التكفير، تدلّ على التجاوزات في هذا المجال : كان عظيم الكهنة يعلن أن بعض النذور ستكون باطلة إن تلفّظ بها المؤمنون خلال السنة المقبلة.
2) العهد الجديد. اعتبر بعضهم أن البيبليا لا تنصح بممارسة النذور، بسبب الموقف السلبي الذي اتخذته الشريعة والأنبياء. وظنّوا أن هذه العادة خسرت علة وجودها في العهد الجديد. لا شكّ في أن يسوع ندّد بالتجاوزات في النذور (مت 15:5-6). ولكن لا شيء يدلّ على أنه ألغاها. وممارسة المسيحيين الأولين (أع 18:18؛ 21 :24) تدلّ على أن الأمر ليس هكذا. رج : حرم، قربان، نذير.
نذير، (الـ) في العبرية : ن ز ي ر. شخص منذور لله. وتُفرض عليه قواعد محدّدة. عليه أن يمتنع عن الخمر (عا 2:11-12؛ قض 13 :4-7، 14)، وعن قصّ شعره (ق(ض 13:5؛ ض 16:17؛ 1صم 1:11). إن العبارة الطقسيّة للنذر كانت تقول : "لا يعلو رأسه موسى" (قض 13 :5؛ 1صم 1:11؛ عد 6:5؛ رج قض 16 :17). إن مقابلة قض 5 :2 مع 16:19-20 تجعلنا نرى في نظام النذير طقسًا قديمًا يرتبط بالحرب المقدّسة، قد تطوّر في خطّ تكريس لله من أجل الخدمة العباديّة (1صم 1:11). ومن جهة أخرى، صار التكريس مدى الحياة (قض 13 :7؛ 1صم 1:11)، نذرًا مؤقتًا، نجد قواعده في عد 6:1-2. خلال وقت التكرّس، على النذير أن يمتنع عن الخمر وعن نقيع العنب، أن لا يقصّ شعره، أن يتجنّب الاقتراب من ميت. فإن لامس ميتًا، وجب عليه أن يخضع لطقوس تطهير، فيحلق شعر رأسه ويستعيد واجبات نذره دون أن يأخذ بعين الاعتبار الوقت الذي مضى. وفي نهاية النذر، يُتمّ النذيرُ طقوس الخروج من النذر والتكريس : يقدّم محرقة، ذبيحة عن الخطيئة، ذبيحة سلامة مع تقدمة وسكيب. يحلق شعر رأسه ويحرقه مع ذبيحة السلامة. عندئذ يستطيع أن يعود إلى الحياة اليوميّة. كان نظام النذر بعد موجودًا في أيام المكابيّين (1مك 3:49-51) وفي زمن العهد الجديد. قام بولس بمثل هذا النذر في كنخرية (أع 18:18). وبعد ذلك الوقت، أنضم إلى أربعة نذراء ليقدّم في الهيكل الذبائح التي تفرضها نهاية النذر (أع 21:23-24؛ رج عد 6 :14-15).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|