في العبرية : ت هـ و م (في اليونانية : ابيسوس، العميق جدًا). في الاكادية : تيامتو، تحتو أي البحر. إن لفظة "تهوم" تدلّ على الاوقيانوس الاولاني، أوقيانوس المياه العذبة التي تولّد الينابيع وتغذّي النبات (تك 7 :11؛ 8 :2؛ 49 :25؛ (تث 8:7؛ تث 33:13؛ حز 31:4، 15). ماهى يون 2 :3-7 بين الاوقيانوس الاولاني والشيول. ورأى أي 38 :16-17 موقعه عند مدخل مثوى الأموات. في الزمن اللاحق وفي كتابات العهد الجديد، الهاوية هي الموضع الذي يُسجن فيه الملائكة الجاحدون (يوب 5 :6-7؛ (1أخن 10:4-5؛ 1أخن 18:11-12؛ لو 8 :31؛ 2بط 2:4؛ يهو 6؛ رؤ 9:1-2، 11؛ 20 :1، 3). منه يخرج وحش رؤ 11:7؛ 17 :8.
ما رمز الهاوية؟ من خلال عناصر الكون هذه كما تصوّرته الشعوب القديمة، دلّت الهاوية على واقع الشرّ السرّي والذي لا يُستقصى. وهكذا نقرّب "تهوم" من "تيامات" في نشيد الخلق البابلي (انوما إليش، هو أوقيانوس المياه المالحة). تربط نصوص بيبليّة عديدة بين تهوم والبحر (خر 15:8؛ أي 28 :14؛ (مز 33:7؛ مز 351:6؛ إش 51:10). في السطرة الرافدينيّة، يواجه مردوك (إله بابل) تيامات ويقتله. ومن جسمه الذي شُقّ اثنين، كوّن السماء والأرض.
بدأ تك 1 بمنظر الشواش : الأرض صحراء لا ساكن فيها، والظلمة تغطي "تهوم" ( آ2). وحوّلَ فعلُ الخالق هذا الشواش إلى كون متناسق : حلّ النور محلّ الظلمة ( آ3-5)، وانفصلت مياه تهوم عن الجلد ( آ6-8)، قبل أن تصبح الأرض جافّة (آ9-10). بعد أن تُقهر قوى الشرّ، أتاحت خروجَ الحياة النباتيّة والحيوانيّة والانسانيّة. أما الطوفان فدلّ على هجمة مياه الموت التي عادت : تفجّرت ينابيع التهوم العظيم، وانفتحت كوى السماء (تك 7 :11). زال الفصل بين المياه العليا والمياه السفلى فعاد الكون إلى الشواش وزالت كل حياة (آ21-23). تذكّر الله نوحًا، ففرض شريعته على المياه الهائجة : أُغلقت ينابيع الغمر وكوى السماء (8 :2)، وانطلقت من سفينة نوح خليقة جديدة (8 :15-19؛ 9 :1-3؛ ق 1:26-30). وصورة العمل الخلاّق التي بها فرض الرب حدًا على مياه الاوقيانوس الهائجة (انوما إليش 4 :139-140)، وجدت لها تعبيرًا في أي 7 :12؛ 38 :8-11؛ مز 33:7؛ 89 :10-11؛ 104 :6-9؛ ام 8:29؛ إر 5:22 (دون أن تستعمل لفظة تهوم). يُذكر تهوم مع "رهب"، و التنين، و لاويتان (أي 41 :24؛ مز 148:7؛ إش 51:9-10؛ رج مز 89 :11). هذه هي صور الشرّ المخيفة التي سيطر عليها يهوه. وظهر تهوم أيضًا في مياه بحر القصب (خر 15:5، 8؛ 106 :9؛ إش 63:12-13؛ رج 51:10). وأحسّ اسرائيل البعد المنفاوي أنه محاط بقوى الشرّ من كل جانب (مز 107:25-27)، مثل انسان تحيط به المياه (يون 2 :6). ولكنه عرف أن يهوه يخلّصه كما خلّص نوحًا، ويقوده كما قاد شعبه بواسطة موسى (مز 71:20؛ 107 :28-30؛ يون 2 :7). قُهر الغمر مسبقًا (مز 77:17؛ حسب 3:8-15) فصار أداة يستخدمه الله كما يشاء ((مز 104:6؛ مز 135:6؛ حز 26:19). وهكذا يقف هذا العدوّ الذي لا يُقهر فيؤدي الاكرام لله ولقدرته (مز 148:7).
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|