ينطبق اسم هيرودس في العهد الجديد على أشخاص عديدين. في مت 14 :1ي، مر 6 :1ي؛ لو 3 :1ي؛ 8 :3؛ 9 :1ي؛ 23 :1ي؛ أع 4:27؛ 13 :1، نشير إلى التترارخس هيرودس انتيباس الاول. في اع 12 :1ي نشير إلى الملك هيرودس اغريبا الاول. في مت 2 :1ي ولو 1 :5 نشير إلى هيرودس الكبير الذي سنذكر الاحداث الرئيسية في حياته الطويلة والمليئة بالمغامرات.
أوّلا : شبابه. كان هيرودس (37 ق.م. 4 ب.م.) ابن َ انتيباتر الادومي وقبروس ابنة ملك عربي. اذاً لم يكن من نسل يهودي. لا تذكر البيبليا أياً من نسائه الست. تربّى هيرودس في بلاط يوحنا هرقانوس الثاني (63-40 ق.م.) حيث كان والده قيّم البيت. نعمَ انتيباتر برضى يوليوس قيصر، فجعل ابنه حاكما على الجليل. وفي السنة التالية : حاكما على بقاع سورية. بعد موت يوليوس قيصر، انتقل انتيباتر إلى حزب بومبيوس فثبَّته كاسيوس حاكم سورية في وظيفته. ولما قُهر كاسيوس على يد انطونيوس واوكتافيان (سنة 42 ق.م.)، استطاع هيرودس ان يحوز على رضى انطونيوس وسُمي سنة 41 تترارخا على اليهوديّة. وفي سنة 40، أخذ الفراتيون سورية من الرومان. فهرب هيرودس إلى رومة، وهناك سمّاه مجلس الشيوخ الروماني ملك اليهودية محلّ انتيغونيس آخر الحشمونيين الذي فتح الطريق أمام الفراتيين. جاء هيرودس وبمعونة الرومانيين قهر القائد انتيغونيس (38 ق.م.) واحتل اورشليم (سنة 37). شملت مملكته دولة انتيغونيس اليهودي ما عدا منطقة اريحا التي تركها لكليوبترة. بعد هزيمة انطونيوس في اكسيوم (31 ق.م.)، حاز هيرودس، على رضى اوكتافيان ونال اريحا، جدارا، السامرة، غزة. بعد هذا أعطاه أوغسطس، تراخونيتيس، باتانية (أي : باشان)، حورانيتيس (أي حوران). خلال ذلك الوقت، كان هيرودس قد أفنى سلالة الحشمونيين، وألغى العادة التي بموجبها يمارس رئيس الكهنة وظيفته مدى الحياة.
ثانيًا : حكمه. تميّز حكمه خاصة بأعمال البناء. أسّس مدناً هلينية جديدة : سبسطية (السامرة القديمة)، قيصرية (برج سترابون)، انتيباتريس (كفرشبع، بين اورشليم وقيصرية)، فسائيليس (في سهل الاردن). سمى قلعتين باسم هيروديون : واحدة قرب بيت لحم، والاخرى في شرقي الاردن. وجمّل المدن القديمة والحديثة بأبنية فخمة. في السنة 18 من عهده بدأ العمل في هيكل اورشليم وما انتهى هذا العمل، الا في عهد الحاكم الروماني ألبينوس (62-64 ب.م.). وبُنيت قلعة انطونيا والقصر الملكي والمسرح والملعب. كانت قلعتا هرقانيا والكسندريون قد دمِّرتا على يد غابينيوس. فأعاد هيرودس بناء هما، وزاد : ماكيرونت (مقاور)، مصعدة، جبع في الجليل، حشبون في بيره.
ثالثًا : علاقاته مع اليهود. كان هيرودس هليني القلب، وأحاط نفسه بالهلينيين (بينهم نقولا الدمشقي) في أورشليم. إلاّ أنه لم يحاول أن يفرض الحضارة الهلينية على اليهود كما حاول قبله أنطيوخس ابيفانيوس. كان حكيماً، فاحترم عادات الشعب القديمة، وتعامل بالحسنى مع حزب الفريسيين. ولكن أحداثاً عديدة حصلت خلال بناء الهيكل، حياته الخاصة، مساندته للهلينية، الضرائب المرتفعة والضرورية لتمويل اعمال البناء، كل هذا خلق تململا لدى الشعب. لن ندخل في تفاصيل محزنة تتعلّق بحياته الخاصة. سُمّي الكبير، لا بسبب شخصيته، بل بسبب سياسته الملتوية التي أفادت من كل الظروف، وأبنيته العظيمة، وبلاطه الفخم.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|