1) هيكل اورشليم. حسب 2صم 7:1-2؛ 1أخ 17:1، أراد داود أن يبني هيكلا على مثال قصره لكي يجعل فيه تابوت العهد، رمز حضور الله وسط شعبه. ولكن الله عرّفه بواسطة النبي ناثان بأن الابن الذي يخلفه على العرش هو الذي يقوم بهذا العمل (2صم 7:12-13؛ 1 8أخ 17 :11-12). أما السبب لهذا التأخير الذي فرضه الله، فيقوله داود لابنه سليمان في 1أخ 22:8 : لقد حارب كثيرًا، وسفك الدم. أما ابنه فسيكون رجل سلام، وهذا ما يدلّ عليه اسمه ( آ9)، وهو يبني الهيكل ( آ10؛ رج 1مل 5 :16-19 وتقديم للوضع عينه في إطار دبلوماسيّ). يقول 1أخ 22:1 إن داود هو الذي قرّر ان يكون مذبح المحرقات ذاك الذي أقامه هو على بيدر اشتراه من ارنانا اليبوسي (1أخ 21:18-28) أو أرونا اليبوسي (2صم ف 24 :18-25)، الذي يقع على جبل مورية (2أخ 3:1؛ رج تك 22 :2).
(أ) هيكل سليمان. وكان هيكل اول. هو هيكل سليمان. لم نجد أي اثر بالمعنى الحصري للكلمة، لهذا الهيكل. ولكن جاء من قدّم فرضيّة سنة 1970 تقول بأن العمارة القديمة التي تُرى في الجدار الشرقي من سور الحرم الشريف، انتمت إلى ساحة قصر سليمان والهيكل. وحسب وصف 1مل 6-7، الذي يصعب فهمه، إن عظمة هذا الهيكل لم تكن في اتساعه (كان اصغر من قصر سليمان)، بل في جمال زينته. هو بناء متطاول، موجّه من الشرق إلى الغرب، مع المدخل من الشرق. وتضمّن ثلاث قاعات متداخلة : عولام (أو الدهليز) الذي يفصل الهيكل عن الرواق. و الهاكل (سمّي فيما بعد : القدس، المسكن) الذي كان القاعة الكبيرة لاقامة شعائر العبادة. و دبير (أي قدس الاقداس) وهو موضوع مقدّس كل التقديس حيث وُضع تابوت العهد. وُجد في "هاكل" بشكل خاص مائدة التقدمة لخبز التقدمة ومذبح البخور (أو : العطور). أما مذبح المحرقات، فقد صار أمام الهيكل بحصر المعنى (1مل 8 :64؛ 2مل 16 :14؛ رج 2أخ 8 :12).
اذا كان موقع هذا المذبح قد حدّد حقًا في الموضع الذي فيه قدّم داود ذبيحته على التلّة التي تشرف على المدينة من الشمال، فهذا يعني على ما يبدو أن هذه النقطة هي أعلى نقاط هذا التلّ. وهذا يعني أنه اذا كان بروز قمّة هذه التلّة متماهيًا للبروز الحالي، على الصخر الذي يغطيّه جامع عمر او قبّة الصخرة، فهذا ما يعارض فرضيّة كوفمان الذي حدّد موقع الهيكل في القسم الشمالي من الهضبة المرتفعة التي تحيط بهذا الجامع. وكان عمودان من البرونز، لا فائدة هندسيّة لهما، يحيطان بمدخل الرواق. عمود الشمال (عن اليمين حين ننظر إلى المدخل) سمّي ياكين. وعمود الجنوب بوعز. وإذ أراد سليمان ان ينفِّذ هذه الابنية، لجأ إلى خدمات حيرام، ملك صور (1مل 5 :15-32؛ 2أخ 2:2-15) الذي قدّم له بشكل خاص الخشب الآتي من غابات لبنان، واشخاصًا مخصّصين في عمل البناء، كما أرسل إليه "الفنّان" حيرام الذي كان أبوه من صور وأمه من قبيلة دان (حسب 2أخ 2 :12-22)، أو كانت أرملة من قبيلة نفتالي (حسب 1مل 7 :13-14). إذن، لا نعجب اذا كانت التصاميم والزينة والحجر المقصوب، قد استهلمت ما وُجد في معابد الفينيقيين الذين بنوا معابد أيضًا لدى الشعوب المجاورة ولا سيّما الاشوريّين. هذا الهيكل قد دمّر سنة 587 على يد جيوش نبوخذ نصر البابليّ.
(ب) الهيكل الثاني. والهيكل الثاني هو هيكل ششبصّر وزربابل. أعيد مذبح المحرقات سنة 538، وبدأ ششبصّر ببناء الهيكل سنة 537. وسيتابع العمل زربابل سنة 520-515، بفضل استعدادات كورش وداريوس ملكي فارس ومعاونة الصيدونيين والصوريّين الذين قدّموا أيضًا خشب أرز لبنان (عز 1-6؛ رج حج 1:1، 14-15؛ 2 :1-3). غير أن هذا الهيكل الذي لا نعرف عنه الشيء الكثير، كان أصغر من السابق (حج 2:3؛ رج عز 3 :12.-13). ولن نجد بعدُ حديثًا عن تابوت العهد. أما أهمّ تحويل في التصميم، فهو أضافة أبهاء (جمع بهو) تتوخّى عزل القدس بشكل أوضح. دُنّس هذا الهيكل وسُلب سنة 169 ق.م. على يد الملك السلوقي انطيوخس الرابع ابيفانيوس الذي قدّم سنة 167 ذبائح لزوش الاولمبي على مذبح المحرقات (1مك 1 :21-23؛ 2مك 5 :15، 16؛ 6 :1-7). ولكنه تطهّر وتكرّس من جديد سنة 164 بفضل يهوذا الكابي (1مك 4 :36-37؛ 2مك 10:1-8).
(ج) هيكل هيرودس. وهيكل هيرودس الكبير الذي يعتبره المؤرخون وعلماء الآثار الهيكل الثالث، واللاهوتيون اليهود امتدادًا للهيكل الثاني، نجد عنه وصفاً ليس دومًا بالواضح لدى المؤرّخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس (العاديات 15 :380-425؛ الحرب اليهوديّة 5 :148-237). كما نجد عنه كلامًا في مقال "ميدوت" من المشناة. اعتبر يوسيفوس أن شعائر العبادة لم تتوقّف، ساعة كان يُعاد بناء الهيكل بشكل أكبر وأجمل من ذاك الذي بُني بعد العودة من المنفى. أما ساحته فوُسّعت بشكل ملحوظ خصوصًا على جانبيه الشماليّ والجنوبيّ. من جهة الشمال، عوّضوا عن انحدار الارض بقواعد هامة سميّت "اصطبلات سليمان"، لتحمل "الباب الملوكيّ". وهكذا نجد في الحائط الشرقي لسور الدعم وجدار الحرم الشريف (الذي يقابل تقريبًا الهيكل الهيرودوسي)، عدمَ تواصل بسبب التصاق ما بناه هيرودوس بما سبق على بعد 32 مترًا إلى شمال الزاوية الجنوبيّة الشرقيّة لهذا السور. أما الحفريات التي بدأت سنة 1968 وامتدّت على عشر سنوات، فقد ساعدتنا على التعرف إلى زينة الباب الملوكيّ. هذا الهيكل دمّر سنة 70 ب.م. في التاسع من شهر آب، على يد الجيوش الرومانيّة بقيادة تيطس.
(د) هيكل سمعان ابن الكوكب. يبدو أن رئيس الثورة اليهوديّة الثانية، ابن الكوكب (132-135 ب.م.)، قد بدأ خلال الحقبة التي فيها سيطر على أورشليم، ببناء الهيكل بسرعة. نحن نجد الواجهة على بعض النقود التي صكّها. وعمل ما عمل لاستعادة شعائر العبادة في أورشليم. وعُرضت مشاريع مثاليّة لبناء هيكل أورشليم. نذكر أولاً حز 40:1-44 :3 الذي حاول أن يبعد الهيكل عن القصر للمحافظة على قدسيّته. وهناك هيكل الاسيانيين كما تخيّله درج الهيكل (وُجد في مغاور قمران) فتوخّى ببنيته أن يحافظ على قداسة الله.
2) هياكل اسرائيليّة في فلسطين. في الزمن السابق للمنفى، كانت هياكل (معابد) عديدة اكتُشفت آثارُها من دان إلى بئر سبع مرورًا بلاكيش وعراد. هي كلها تشبه هيكل أورشليم بتصميمه المثلّث. وهناك هيكل جرزيم. يقول فلافيوس يوسيفوس إنه بُني في زمن الاسكندر الكبير (العاديات 11 :310، 322-324، 347؛ 13 :74، 256). ولكن انطيوخس الرابع ابيفانيوس طبعه بالطابع الهلّيني وكرّسه لزوش المضيف (2مك 6 :2؛ العاديات 12:261-263). سنة 128 ق.م. دمّره يوحنا هرقانوس الأول (العاديات 13 :254-256). وقد بقيت آثار قليلة منه.
3) هياكل اسرائيليّة في مصر. هيكل الفنتين (أو : جزيرة الفيلة). هو يدلّ على تساهل دينيّ مفرط لدى المستوطنة اليهوداويّة الحربيّة التي أقامت في جزيرة الفيلة، فتبنّت في القسم الجنوبي من الجزيرة هيكلا لياهو (رج إش 19:19 يهوه) حيث ضُمّ إلهُ يهوذا إلى آلهة أخرى من أصل فلسطيني أو سوريّ. سنة 140 ق.م. اجتاح أهل المنطقة هذا الهيكل، وقد أثارتهم ذبائح تقدَّم في الفنتين التي كرّمها المصريون لعبادة الاله خنوم ( الكبش). لم يبق شيء يستحق الذكر من هذا الهيكل. وهناك هيكل ليونتوبوليس (تل اليهودية). كان أونيا الرابع ابن اونيا الثالث عظيمَ الكهنة في أورشليم الذي عُزل ثم قُتل سنة 170 ق.م. فأخذ موافقة الملك اللاجي بطليموس السادس فيلوميتور (181-145 ق.م.) وزوجته كليوبترا الثانية، فشيّد في ليونتوبوليس، في الدلتا، هيكلاً يحلّ محلّ هيكل أورشليم. سيُقفل هذا الهيكل سنة 73 ب.م. بأمر من الرومان (الحرب اليهودية 7 :420-436؛ العاديات 12 :387-388؛ 13 :62-73).
4) هياكل كنعانيّة في فلسطين. اكتُشفت آثار هياكل عديدة تعود إلى الزمن النيوليتي، والزمن السابق للكنعانيين، والكنعانيين والهلينيين والرومان (لا سيما تلك التي سخا عليها هيرودس الكبير فبناها). أما أقدم هيكل معروف في فلسطين فهو الذي وُجد في الطبقة التاسعة في اريحا. هو يعود إلى الزمن النيوليتي. ويتميّز بتصميمه المثلّث. وهذا التصميم هو الذي وُجد في الهياكل الكنعانيّة، في هياكل بني اسرائيل التي بُنيت قبل المنفى ولا سيّما هيكل سليمان.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|