1) العهد القديم. عبّر بنو اسرائيل عن يقينهم بأن الله الحيّ يعلن مسبقًا الخير الذي سيتمّه (عد 10:29). ويصبح وعد الله أمرًا ملموسًا في "كلمات العهد" الذي عقده الله مع الآباء. قال الله بشكل احتفالي إنه يقدّم للشعب الذي اختاره عطيّة أرض كنعان فيمتلكها إلى الأبد. هذه الطريقة في التعبير لها معناها بالنظر إلى إيمان اسرائيل : الله هو إله يتكلّم، وحين يتفوّه بكلمة فهذه الكلمة لها من القوّة بحيث تولّد يقينا للحاضر وللمستقبل. إن الله يُتمّ بلا شكّ ما قاله فمه (فم الرب تكلّم، إش 58 :14). بل نقول إن أقوال الله هي أكيدة بحيث تصير بداية التتمّة. ويحصل مرارًا أن الله يريد أن يُسند كلامه، فيُرفقه بقسم (تك 26 :3؛ تث 7:8؛ إر 11:5؛ (مز 69:4؛ مز 105:9؛ لو 1 :73). يعبّر الله عن مواعيده إمّا بشكل مباشر عبر تجلّي حضوره، وإمّا بواسطة الأنبياء الذين يأخذ فمهم وبه يتكلّم.
تتحدّث التوراة مرارًا عن مواعيد الله. كما تتحدّث عمّا يعد به انسانٌ انسانًا. نحن هنا على مستوى الكلمات (عد 30:3؛ نح 5:12). وهناك أيضًا وعد يوجّهه المؤمن إلى الله (تث 23:23؛ مز 119:106).
إن مواعيد الله الموجّهة إلى اسرائيل، قد تفوّه بها الله على مدّ التاريخ. غير أن هناك حقبات مميّزة، وأشخاصًا مميّزين. هناك مواعيد العهد التي أعطيت للآباء ابراهيم واسحق ويعقوب (نح 9 :8 : قطعت عهدًا مع ابراهيم وبررت بوعدك)، ولموسى (تث 26 :18 : أعلن اسرائيل أمام الله أنه صار الشعب الذي هو حصته الخاصة كما قال لك يا موسى)، ولداود الملك والنبيّ (صلاة داود في 2صم 7:28 : "أنت هو الله وكلامك حقّ، وأنت الذي وعدتني هذا الوعد الحسن").
2) العهد الجديد. عرف العهد الجديد، شأنه شأن العهد القديم، مختلف فئات الوعود وأولها الوعود البشرية : وعد هيرودس باحتفال أنه يقدّم هديّة لابنة هيرودية (مت 14:7). ويعد الأشرارُ بالحريّة (2بط 2:19). وهناك حديث عن مواعيد يعطيها الله للذين اختارهم. فمواعيد العهد الأول ما زال لها قيمتها. والطاعة لشريعة موسى المقدّسة، ترتبط دومًا بالمواعيد بجزاء سماويّ (أف 6 :2؛ 1تم 4:8). أما مواعيد العهد القديم التي انتقلت إلى العهد الجديد، فأولاها الوعد بالمسيح. هذا الوعد الأساسي قد تلفّظ به الأنبياء (رو 1 :2)، وكُشف بمجيء يسوع الناصريّ الذي هو وسيط العهد الجديد (حسب انباءات متكرّرة) (عب 8:6). فيجب أن نمدح الله من أجل التتميم المسيحانيّ (أع 7:17؛ 26 :6-7؛ رو 4 :21).
ويُطرح السؤال : إلى من وُجِّهت هذه المواعيد؟ أولاً إلى اسرائيل. وفي العهد الجديد، ظلت هذه المواعيد هي هي : وعد للشعب المختار (رو 9 :4)، للآباء ((أع 13:32؛ أع 26:6؛ رو 15 :8)، لابراهيم واسحق ويعقوب وأبنائهم (أع 7:5، 17؛ رو 4 :13-21؛ غل 3 :14-18، 29؛ 4 :23؛ عب 7:6؛ 11 :9، 11، 17).
وعلى أثر الشعب المختار، وُجِّهت المواعيد إلى أعضاء الكنيسة : مجمل الشعب المسيحيّ (2كو(ر 1:20؛ ر 7:1؛ 1بط 1:4). لكم ولأولادكم (أع 2:39). للوثنيين الذين اعتنقوا الايمان (أف 2 :12؛ 3 :6).
أما مضمون الوعد في العهد الجديد فهو الروح القدس الذي وُعد في العنصرة الأولى، كما في ولْي الأزمنة (لو 24 :48؛ أع 1:4-5؛ غل 3 :14؛ أف 2 :15). كل مؤمني العهد الجديد هم أبناء الموعد (رو 9 :8). و "وارثو الموعد" (غل 3 :29؛ عب 6:13، 17؛ 9 :15؛ يع 2 :5؛ مز سل 13 :8). وللجميع أيضًا وعد الحياة الحياة الأبديّة في يسوع المسيح (2تم 4:1؛ تي 1 :2؛ عب 4:1؛ 10 :23، 36؛ 12 :26؛ يع 1 :12؛ 1يو 2 :25).
وعد شيت الوعد التزام بأن نقول أو نفعل أو نعطي. في العهد القديم، الله وعد ابراهيم بنسل يكون كرمل الأرض. ووعد الشعبَ بأرض تدرّ لبنًا وعسلاً. أما "وعد شيت" فعنوانه : "وعد شيت الذي يجب أن نعرفه". وقد سمّاه بعضهم "إنجيل شيت". وصل إلينا هذا الكتاب في الأرمنيّة. وانتمى مع "خبر الخلق" و"خبر الطرد" إلى دورة أخبار تشكّل إسهابًا بيبليًّا. يتضمّن هذا الكتاب الذي يأتي بشكل خبر، العناصرَ التالية : البشارة بمولد شيت الذي سيكون عزاء الآباء وموجّههم. بشارة من الملاك تقول إن جيل شيت سيملأ الأرض كلّها شرط أن لا يمتزج بالقينيّين (أي : نسل قايين) كما فعل جيل الطوفان (تك 6:1-6). خبر مولد شيت ونموّ نسله. خبر حول أنوش (الذي هو أخنوخ) الذي سيكفّر خطيئة آدم بممارسة العفّة (عن الطعام) والبتوليّة. لهذا، رُفع إلى السماء ساعة ذهب بنو شيت إلى الجبال ليحيوا حياة شبيهة بحياة أبيهم. وهناك أيضًا خبر حول تكاثر النسوة اللواتي من نسل قايين، ساعة ظلّ 520 رجلاً من نسل شيت عازبين فلم يتزوّجوا. وينتهي الكتاب بانحطاط كل نسل شيت، ما عدا نوحًا، وذلك بسبب امرأة من نسل قايين أغوتهم برقصها وجمالها. تطرح هذه المنحولة ممارسة البتوليّة والعفّة عن الطعام (لا نأكل اللحوم مثلاً) كمثال تقدّمه للمؤمنين. ولكنّها لا تشجب الزواج ولا زراعة الكرمة. وهكذا يظهر أن هذا الكتاب لا يرتبط بالعالم الغنوصيّ.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|