1) المعطى البيبلي. يُذكر الامتلاك الشيطاني في العهد القديم بمناسبة الحديث عن "روح شرّير أرسله الربّ" فحلّ على شاول وأخذ يعذّبه (1صم 16 : 14؛ 18 :10). واعتُبر العرّافون ممتلئين من روح الموتى (1صم 28:7) الذي يسكن فيهم بشكل موقّت. ونسب الرابينيّون بعض الأمراض، مثل داء الصرع، إلى امتلاك شيطاني، إلى تأثير الأرواح الشريرة (اسموداوس في طو 8 :3؛ رج 3:8؛ 6 :15). وعرف اليهود أساليب عديدة ليزيلوا تأثير الشياطين السيِّئ. فمقسّموهم الذين كرّموا سليمان شفيعهم ومثالهم، يُذكرون أيضًا في العهد الجديد (مت 12:27؛ أع 19:13-14).
وظهر الممسوسون مرارًا في الأناجيل (مت 8:16؛ لو 7 :21...). تقول النصوص : فيهم روح نجس، مع مدلول يقول في صيغة المجهول : يتسلّط عليهم (مر 1:23) مع عبارة "كان في" أو "مع روح نجس" أي تحت سلطته. الروح يتصرّف بالإنسان. وهذا الروح الشرير يعطي الممسوس قوّة فوق عاديّة (مر 5:3؛ أع 19:16). يعذّبه ((مر 1:26؛ مر 5:5؛ لو 6 :18...)، يجعله شبيهًا بالوحوش (مر 5:5). وبعض المرات، تتحدّث النصوص عن عدّة أرواح : هم سبعة مع مريم المجدليّة (لو 8 :2). هم جيش في بلاد الجراسيّين (لو 8 :30). ولكن يسوع يحرّر الممسوسين : بقوّة كلمته "يطرد" الروح الشرير الذي دخل فيهم، ويعيدهم إلى الحرية وامتلاك نفوسهم (لا يعود يمتلكهم الروح النجس).
نجد إشارات عامة إلى * طرد الشياطين قام بها يسوع. كما نجد أخبارًا مفصّلة : مر 1:23-28 : في مجمع كفرناحوم؛ مت 8:28-34 : في أرض الجراسيّين؛ مت 17:14-21 والولد الذي يقع في الصرع عند منحدر تابور؛ مت 12:22-30 : الممسوس الأعمى والأخرس. وما يلفت النظر هو أنّ يسوع يأمر الشياطين بسلطان : يطردهم باسمه الخاص، "بروح الله" (مت 12:28)، "بإصبع الله" (لو 11 :20)، بكلمة واحدة (مر 1:25؛ 9 :25). يسمح لهم بأن يدخلوا في الخنازير (مت 8:32). عرفوه ولكنه لم يقبل شهادتهم (مر 1 :34...). ونال التلاميذ بدورهم سلطان طرد الشياطين (مت 10:1؛ مر 16:17). وذكر أع حالات تمّ فيها طرد الشياطين بواسطة الرسل (5 :16)، بواسطة فيلبس (8 :7)، بواسطة بولس (16 :16-18؛ 19 :12). وذكر أع 19:13-16 مجهودًا لم يثمر لدى مقسِّمين من اليهود.
2) المعطى اللاهوتي. إن أخبار امتلاك الشيطان وطرد الشيطان في الأناجيل، ليست أخبارًا عاديّة. فلها في تدبير الخلاص معنى محدّد يشير إليه يسوع نفسه في مقطوعة بعل زبوب (مت 12 :22-30 وز). اتهموا يسوع بأنّه يمارس * السحر، أي أنّه يطرد الشياطين بفضل معاهدة مع إبليس (رج أيضًا يو 8 :48؛ 10 :20). فأعلن يسوع أنّ الشياطين تشكّل مملكة منظّمة تأتمر بأمر إبليس لكي تقاتل الله. ولكن ملكوت الله قد حلّ وسط البشر في شخص يسوع، الذي هو أقوى من "الرجل المسلّح"، وهو يضع حدًّا لسلطان إبليس الذي "لا يُقهر". وقد دشّنت تقسيماتُه انتصارَه الخاص على سلطان هذا العالم. مثلُ هذه الأفكار تنتمي إلى أقدم الطبقات في التقليد الإزائي. ونجد هنا في الوقت عينه شرحًا ملموسًا لعدد الممسوسين الكبير الذين يذكرهم الإنجيل. وظهور المسيح يدلّ على بداية الحرب على مملكة إبليس الذي دخل في مقاومة كبيرة. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، إنّ التقسيمات العديدة التي أجراها يسوع تلقي ضوءًا على سلطانه المحرِّر. ولا يُستبعد أن تكون كرازة الإنجيل اللاحقة قد قدّمت بعض أخبار الشفاء وكأنّها طرد شياطين.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|