هو ملك الآلهة. مركزه في الكرنك. ظهر في منطقة ثيبة في بداية المملكة الوسيطة. كان إلهًا محليًا في أرض ثيبة قبل أن يتخذ بعدًا وطنيًا. هو إله الهواء وإله الخصب. يصوَّر عادة بشكل إنسان ويُجعل له بعض المرات رأس كبش. كان موت إلهًا محليًا في بلدة قريبة من الكرنك فصارت امرأته. وكان خونسو الإله القمر فصار ابنه. هي السياسة التي أعطت الإله أمون الشهرة، وهو الذي ساعد ملوك ثيبة على طرد الهكسوس، فصار إله البلاد المحرّرة وشفيع المملكة كلها.
هذا الاله عرف سيرة مدهشة لم يعرفها إله في مجمع الآلهة المصري. ارتفع في وقت قصير،من إله محلّي في ثيبة إلى إله السلالة الملكية بنفوذها الكبير. فبعد حكم امنمحات الاول (أمون هو متسام) مؤسس السلالة 12، اعتبر هذا الالة إله الهواء وإله الخصب قبل أن يصير إله الملوك، وملك الآلهة، وسيّد عروش مصر العليا ومصر السفلى. اعتاد التقليد أن يصوّره بشكل رجل يرتدي سترة وعلى رأسه قبعة صغيرة تعلوها ريشتان أخذتا من آلهة الهواء. وقد يكون رأسه رأس كبش. إن لاهوتيي ثيبة ضمّوا إليه هذا الحيوان (الكبش) مع بطّة النيل وجعلوا "دوت" زوجته، و"خونسو" ابنه. واستفادوا من اسمه الذي يعني "الخفيّ" والذي كان اسم أحد أعضاء الاوغدوادة الهرموبوليّة، ليصوغوا لاهوتًا يليق به، لاهوت إله المملكة. فأخذوا من شعائر العبادة المجاورة (مين المعبود في قوبطوس)، كما أخذوا من التعاليم الكبرى في هليوبوليس وممفيس وهرموبوليس. وهكذا نكون أمام صورة لما يمكن أن يكون التلفيق المصريّ، الذي يسعى إلى أن يدرك طبيعة الاله التي لا تُدرك. إذن، جعلوا منه، بعد ذلك، إلهًا أوليًا وأزليًا، مسؤولًا عن كل خلق. ووضعوه على رأس تاسوعة كبيرة. فابتلع صفات الاله الشمسيّ في هليوبوليس. ولما صار أمون رع، منحته سياسة فراعنة ثيبة مجدًا في التاريخ يشهد له معبد الكرنكك العطيم، الذي عمل جميع الملوك في العلاقة الوسيطة على تجميله. وترافق مجد الاله مع غنى كهنته وسلطانهم، بحيث صاروا ملوكًا في النهاية السلالة 20 هذا ما يفسر إرادة امينوفيس الرابع (اخناتون) أن يضع حدًا لهذه السلطة المتنامية، وانطلاقه إلى عاصمة جديدة في بداية حقبة العمارنة. بعد سلب ثيبة على يد الأشوريين، بدأت عبادة أمون بالانحطاط، واستعاد آلهة المقاطعات مكانتهم، واحتلّ اوزيريس المرتبة الأولى في التقوى الشعبية. وقد بقي لنا العديد من الاناشيد الجميلة التي تحاول أن تحدّد طبيعة الاله "الذي كان أول ما وُجد، في المرّة الاولى". لا نعرف متى جاء أمون الذي جاء إلى الوجود في البداية. لم يكن إله قبلك، ولم يكن إله رفيق لك يقدر أن يكشف شكلك. لا أمّ لك تعطيك اسمًا، ولا أب انجبك يستطيع أن يقول : هذا هو صنعتي، يا إلهًا صوّرت لنفسك البيضة التي منها خرجت، يا قدرة لا تعرف ولادتها، يا إلهًا إلهيًا تدفّقت فجأة...
لا شك في أنه وُجدت كاهنات من موسيقيات ومغنيات، ارتبطن بكهنة الهيكل. ولكن كهنة أمون وحدهم عرفوا مؤسّسة "العابدات الالهيات" كزوجات الاله. في بداية المملكة الجديدة، يوم صار أمون إله السلالة، صارت تلك الوظيفة ميزة الزوجة الملكيّة الكبرى. ولما أقامت السلالة 21 في الدلتا، انتقل هذا الشرف الى أميرة تكرسّت بتولة، وطُلب منها أن تؤمّن من يخلفها بواسطة التبنيّ. فبالنسبة إلى بيانخي أو بساميتيك الاول اللذين لم يهتّما كثيرًا بالأمور الدينية، كان ذاك النظام وسيلة لمراقبة منطقة ثيبة، فتكون "العابدة" أميرة من العائلة الملكية كابنة تبنّتها التي كانت قبلها. أمّنت هذه العابدات دورهن كزوجات الاله على الأرض، كما أمنّ دور الملك في السيطرة على العبادة والاحتفال بشعائرها. وهكذا مارسن سلطة سياسيّة توسّعت شيئًا فشيئًا فحلّت محلّ سلطة رئيس كهنة أمون، بانتظار أن يأخذن وظيفته.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|