(في العبريّة أور كسديم). مدينة في جنوب بابلونية. هي اليوم : مقيَّر. تبعد 9 كلم عن الفرات. وتمتد على تلال عديدة. إذا عدنا إلى التقليد البيبلي، نقول إن عائلة ابراهيم كانت من أور. ان تاريخ هذه المدينة صار معروفًا بعد الحفريات التي تمت منذ سنة 1853 وما بعد. تعود الحقبة السابقة للتاريخ أو البادئة للتاريخ إلى الألف الرابع والخامس ق.م. وتقسم إلى زمن تل العُبيد (اسم تل يبعد 4 كلم إلى الشمال من أور. فهذا التل وأوروك وجمدت نصر تعطينا معايير كرونولوجية من أجل الاركيولوجيا في بلاد الرافدين) الذي تحوّل تدريجيًا (السومري الثاني) إلى زمن أوروك (مع أوّل آثار الكتابة) وزمن جمدت نصر (مع لوحات عديدة في كتابة مسمارية صورتية). في الزمن السومري (3100-2200) سيطرت أور ثلاث مرات على جنوب بلاد الرافدين. بعد هذا سيطر عليها الخارج حتى سنة 529. ولم تكن أور المدينة الثانية في المملكة البابلية الا في أيام سلالة لارسا وعهد نبونيد. خلال هذه الفترة عُرفت خاصة كمركز دينيّ. كانوا يعبدون فيها الإله القمري سين باسم نانة في هيكل أي - كسنو - غال الشهير. إن زقورة أور هي أفضل ما بقي لنا من زقورات في بلاد الرافدين. وحين وصل الفرس، صارت أور مدينة ثانوية فخسرت كل أهمّيتها.
سنة 2500 بدأت أول سلالة في أور، وهناك اكتُشفت المدافن الملكيّة. إلى ذلك الوقت تعود الزقورة المشهورة التي نجدها اليوم على تل المقيّر، التي تعود إلى زمن أورنامو مؤسّس سلالة أور الثالثة، والذي معه بدأت نهضة سومريّة بعد أن هيمن ملوك أكاد الساميّون وسيطر الغوطيون. وأورنامو هو الذي ترك لنا أقدم مجموعة من الشرائع الشرقيّة وصلت إلينا حتى الآن، ونحن نجد بنيتها وسماتها في كودكس حمورابي. وامتدّ سلطان خلفاء أورنامو مع شولجي (2018-1971 ق.م.) وأبنائه الثلاثة أمارسين (1970-1962)، شوسين (1961-1953)، إيبي سين (1952-1929)، على بلاد الرافدين، بل إلى غرب الفرات. وهكذا أقرّ عبد هدّي سلطة أور أقلّه في زمن أمارسين. ونحن نعرف كيف تنظّمت مملكة أور الثالثة بواسطة عشرات آلاف الوثائق الإداريّة والاقتصاديّة التي وصلت إلينا من هذه الدولة البيروقراطيّة. كانت هزيمة عسكريّة،وانفصال إشبي إرّا الذي هو ضابط من أصل أموري جعل من إيسين مركز إمارته، وأزمة اقتصاديّة، وضربات متلاحقة من الأموريين والعيلاميّين والشوشيّين، كل هذا وضع حدًّا لمملكة أور حوالى سنة 1929 ق.م. أما أور المدينة المقدّسة للإله القمر نانه - سين، فصارت جزءً ا من مملكة إيسين، ثمّ مملكة لارسا سنة 1850، وأخيرًا تحت حكم حمورابي في بابل (1718-1676). وما عادت أور عاصمة دولة. بل ظلّت تنعم بهالة كبيرة بسبب معبد الإله سين.
وفي نهاية القرن السابع وفترات قصيرة من الاستقلال النسبيّ، انتقلت أور إلى سلطة السلالة الكلدائيّة في بابل وصارت "أور الكلدائيين"، كما في التوراة (تك 11 :28؛ 31؛ 15 :7؛ نح 9:7). أما التقاليد المتعلّقة بإقامة ابراهيم في أور فهي تعود إلى القرن السادس ق.م.، وقد وُلدت لدى منفيّين يهوداويّين أقاموا في بابلونية الجنوبيّة. فالمدينة الكلدائيّة التي كانت لهجتها لهجة أراميّة والتي كانت تعبد الإله الذي يُعبد في حاران، بدت للمنفيّين على أنها موطن إبراهيم الأوّل. فمسيرة إبراهيم من أور إلى حاران أتاحت لهم فيما بعد ربط التقليد الجديد بتقليد الأزمنة الغابرة (تك 11 :31) التي كانت تعتبر أن موطن ابراهيم هو حاران لا أور (تك 12 :1، 5؛ 24 :4؛ يش 24 :2). فالإشارة إلى موت هاران، أخي ابراهيم في أور الكلدائيّين، يجعلنا نفترض أنه كان هناك في القرن 6-5 مقام يكرّمون فيه ذكر أخي ابراهيم (تك 11 :28). وحسب فلافيوس يوسيفوس، كان هذا المقام موجودًا بعدُ في أيامه (العاديات 1 :150). لا يبدو أن اليهوديّة عرفت بأور قبل المنفى، لأن المدينة لا تظهر في لائحة الشعوب (تك 10 :1ي) رغم ماضيها المجيد وطابعها الدينيّ، ساعة ذُكرت أكاد وأوروك. في النهاية، لا يمزج النص البيبليّ بين أور وأورا، المدينة الأناتوليّة التي تحدّثت عنها النصوص الحثيّة.
الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية
|